عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

مشاهد على هامش الهجرة


مشهد «1»

«لا كـــرامة لنبي في وطــــنه»

منذ ما يقرب 1438 عامًا كان هناك، في الصحاري ، رجل يبلغ من العمر نحو 53 عامًا، بذل 13 من عمره من أجل دعوة قومه إلى دينه الذي اعتبروه دربًا من التجديف والهرطقة.

يمر العام تلو العام، وينجح محمد صلى الله عليه وسلم في تحقيق جزء من مبتاغاه، ولكن مثلما النجاحات كانت الويلات والعذاب الذي نزل بتابعيه ومريديه، وأصحابه، فلم يعد أمامه وأصحابه، إلا الهجرة من بلادهم، طلبًا لعيشة كريمة وطمعًا في تحقيق هدفهم في نشر دينهم الذي نفر منه أهلهم.

«البداية»
بدأ محمد وأصحابه، في التخطيط لرحلة الهجرة، من مكة مستهدفين المدينة، وفي تلك الأثناء، احتشد قوم من المشركين في دار الندوة يخططون للحيلولة دون اتمام مساعي الهجرة، وعقدوا عزمهم على أن تخرج كل قبيلة رجل من أشد رجالها وأشرفهم؛ لقتل النبي – قبل ظهور مصطلح «اغتيال»- فيتفرق دمه بين القبائل ويصعب على أهله وأصحابه المطالبة بدمه.

«الحيلة والتضحية»
هكذا هي الهجرة، تتطلب دومًا المجازفة، والمخاطرة، وهذا ما أدركه محمدًا وأصحابه، فطلب من علي هذا الفتى الصغير أن يتمدد في فراشه، وان يتغطى ببردته الخضراء، حتى يظنه المشركين نائمًا، وليكسب بعض الوقت ليهرب عن أعينهم؛ وبالفعل انصاع علي لهذا الطلب النبوي واستلقى على سرير النبي، الذي خرج مع صاحبه أبي بكر لبداية طريق الهجرة، وهجم المشركين على بيت محمد وكشفوا الغطاء لقتله، لكنهم وجدوا عليًا.. فعلموا أن محمد هرب..

طارد المشركون محمدًا في الصحراء محاولين اقتفاء أثره لمنعه من اتمام رحلة الهجرة، واختبأ محمد وأبو بكر في غار ثور، ثلاثة أيام لا يأكلون إلا قليلا، ولا ينامون إلا قليلا- وحدث خلال هذه الأيام ما يعلمه الناس من قصة، سراقة، والعنكبوت، وثعبان أبو بكر- وخرجا في اليوم الرابع واتجها صوب المدينة المنورة ليبدا النبي مرحلة جديدة في حياته النبوية والسياسية والاقتصادية، استمرت قرابة 10 أعوام حتى تمكن من العودة إلى القرية التي أخرجته بنفورها منه وتعذيبها لأصحابه وتابعيه، وعاد سيد عليهم.

مشهد «2»

«الحوت خير من الدود»
في العام 2012 خرج المطرب الجزائري، ملك الراي، الشاب خالد، بألبومه «c'est la vie» والذي كان يحوي أغنية جزائرية تحمل اسم «الحراجة» والتي تعني باللهجة الجزائرية «الهجرة»وجاءت التسمية من فعل «حرقة»حيث يقوم المهاجرون وفور نجاحهم في الوصول إلى القارة الأوربية، بحرق كل الأوراق التي تثبت «هويتهم».

يتخلص الشاب من أصوله سواء كانت عربية أو إسلامية، أو أي هوية كانت من أجل الخلاص، تاركًا وراءه الأهل والأصدقاء، وقد يكون ترك حبيبته من أجل هدف هو يعلم أنه لن يحققه إلا بهذه المخاطرة، رافعًا شعار «الحوت خير من الدود»، فهذا الحوت الذي يتوعد لهم في البحر في بعض الأوقات قد يكون أحن على المهاجر من أرضه التي ولد فيها..

ورصدت أغنية «الحراجة»، معاناة الأهل في تربية أبنائهم والآمال والأحلام التي ترسم لهذه الأبناء، وبعد ذلك مرحلة إقرار الأبناء بالفشل في تحقيق ذواتهم في بلادهم، وإصرارهم على الهجرة، ورصد معاناة الهجرة ومعاناة الأهل عند موت الأبناء في رحلة «الموت للحياة»..

قالوا نمشوا يابا ويما المستقبل مسدود

مابقي في الدوق حتى بنة.. الحوت خير من الدود

مشهد «3»

«قتيل الحلم»

العام 2016، المكان إحدى قرى رشيد، باقي ثلاثة أيام على عيد الأضحى، يجلس شاب في منتصف العقد الثالث من العمر على حصيرة في صالة منزله المتواضع، يقبل يد أمه، ويهمس لها: "هانت يا أما".. فتربط الأم بأسى على كتفه ولا ترد وعينها تحمل كل مشاعر القهر وقلة الحيلة.

في الصباح يخرج ليشتري أضحية صغيرة «خروف صغير»؛لا يزيد ثمنه عن 3000، هي ما تبقى له بعد ما دفع فاتورة حريته، التي تحمل توقيعه وبجوارها جملة «قتيل الحلم»، وفي يوم العيد وبعد الصلاة مباشرة يقف أمام منزله وبجواره ماتبقى من أصدقاء طفولته،الذين يحقدون على من تمكن من الوصول إلى بلاد الغرب من أصدقائهم، ويترحمون على من ماتوا في طريقهم لتحقيق الحلم، يذبحون الأضحية، التي غمس يده في دمائها ورسم بها كف يديه على جدران منزله كإثبات على أحقيته في امتلاك جدار يستند عليه من رياح هذه الحياة الصعبة، ويلملم شتات نفسه ويتجه صوب مركب تقله إلى حياة طالما حلم بها... لكنه لم يرجع.


على ذات المركب يجلس شاب مسندًا رأسه على راحة يده، وبجواره زوجته الشابه وعلى رجلها يجلس طفلهم الصغير، تحاول أن تطعمه وتدفئة من برودة هواء البحر، رائحة يود البحر دفعته للتفكير في مستقبل ابنه، وكيف سيعيش حياة لم يعيشها من قبل، مدرسة يتحدث طلابها لغات متعددة، أتوبيس يقل طفله إلى مدرسته، طفل يكبر في حلم عاجز، يحمله الأب بين جنبات صدره.. الصراخ يزداد .. الأب يستفيق من شروده على صراخ زوجته بعد أن سقط الطفل من يدها يلقي بنفسه وراء ابنه وتلقي المركبة بنفسها ورائه في البحر ولا يطفوا أحد على السطح.. سوى الأيادي التي كانت تمسك بالحلم.

«مشهد أخير»

- سماسرة تسعى في العقول فسادًا

- مراكب عجزت عن جمع الرزق بصيد السمك فتقدم للبحر أحلام الفقراء قربانًا حتى يرضى عنهم

- أحلام مقيدة بالفقر وقلة الحيلة، وضعف المستوى التعليمي، والطمع في الكسب السريع

- شريطة سوداء مائلة على شاشة التليفزيون، والحكومة تعلن أسفها لما ألم بالضحايا وتسأل الله أن يلهم أهلهم الصبر والسلوان.