عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

اقرؤوا التاريخ


أثناء أحداث 25 يناير، كنت في باريس جسدًا وفي مصر رُوحًا، وعند وصولي إلى أرض الوطن، وأثناء خروجي من مطار القاهرة - وجدت لافتات عديدة معلقة في كل مكان، مكتوب عليها العديد من العبارات المنسوبة إلى الرئيس أوباما - رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق - ومنها: "إني أدعو الشباب الأمريكي للاقتداء بالشباب المصري"، وعبارة ديفيد كاميرون رئيس وزراء بريطانيا: "هذه ثورة تُدرَّس"، وعبارة رئيس الجمهورية الفرنسية في ذلك الوقت نيكولا ساركوزي: "هذه الثورة لا بد من تدريسها لكل شباب العالم".
كنت أعلم جيدًا كأكاديمي حقيقة هذه الأمور التي تم إعدادها بعناية، وكانت بدايتها اتفاقية الشراكة - (الاتحاد من أجل المتوسط) - بحضور الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك، ومعظم رؤساء الدول العربية؛ كالرئيس السوري والرئيس الليبي، ومعهم السيد نيكولا ساركوزي رئيس فرنسا الأسبق، ورئيس وزراء دولة إسرائيل الأسبق، كنت أعلم جيدًا أن هذه بداية شرق أوسط جديد، وهم أعلنوا ذلك؛ إذ إن المؤامرات دائمًا تتم في الخفاء، ولا يُعلن عنها، وهم مستمرون حتى لحظة كتابة هذا المقال، فقبل تفجير الكنيسة البطرسية حذَّروا المواطنين الغربيين من الذهاب إلى مصر، وبعدها مباشرة حدث التفجير.

انظر، يُحذرون رعاياهم ورعايا الدول الأوروبية من الذهاب إلى مصر، وهم يعلمون جيدًا أنه لم يُعد هناك مكان آمن في العالم شرقًا وغربًا، وأن مصر من أفضل الأماكن أمنًا في العالم، فلِمَ لَمْ يُحذروا الرعايا الأوروبيين من الذهاب إلى تركيا، على الرغم من المشكلات المحيطة بتركيا؟! ولِمَ لَمْ يحذروهم من الذهاب إلى فرنسا بعد حادثة (نيس)، أو إلى ألمانيا بعد حادثة (برلين)، أو إلى إيطاليا على الرغم من وجود العديد من الحوادث؟!

وهنا سؤال يطرح نفسه: ما الهدف من ذلك؟ أقول: الهدف هو تدمير الاقتصاد المصري، وتجويع وتركيع الشعب المصري العظيم، وتحضرني عبارة قالها السيد شارل ديجول مرات بشأن بريطانية، فقد قال: "بريطانية تمتلك كراهية غير عادية للكِيانات الأوروبية".

ومن وجهة نظري ليست الكِيانات الأوروبية فحسب، ولكن أيضًا الكيانات العربية، وللأسف الآن تتحقق نبوءَة شارل ديجول، فقد بدؤوا في تقسيم أوروبا إلى جهتين: أوروبا موالية لأمريكا، وأوروبا موالية لروسيا - (بولندا وتشيلوفاكيا ورومانيا) - وهذا ليس في الغرب فحسب، ولكن أيضًا في الشرق، وكذلك بدؤوا في تقسيم الشرق إلى شرقين، ولعلنا لاحظنا انعكاسات هذا الأمر عند زيارة وزير الخارجية البريطاني بعدها، ورئيسة الوزراء البريطانية أيضًا لإحدى الدول العربية الشقيقة، هذا الانعكاس الذي تمثَّل في تأجيج الصراع السُّني والشيعي، وتعاهُدهم لحماية وتوقيع اتفاقيات أسلحة بمليارات الدولارات والجنيهات الإسترلينيَّة، والعرب لم يتعلموا من درس صدام حسين.

والغرب أول من قام بشيطنة إيران الشيعة، وتحويل دفة الصراع، فبدلاً من أن يكون صراعًا عربيًّا إسرائيليًّا، أصبح صراعًا عربيًّا إيرانيًّا، ومن ثَمَّ أصبح الصراع إسلاميًّا إسلاميًّا، ولعلنا لاحظنا ذلك في أحداث كرداسة ومقتل شيعة مصر، والأكراد والسنة في العراق، وتحضرني مقولة للمفكر والفيلسوف العربي ابن رشد عندما بكى أحد تلاميذه عندما قام أحد المتطرفين المسلمين بحرق كتبه، فرد عليه ابن رشد قائلاً: يا بُني، إن كنت تبكي على حال المسلمين، فبحار المسلمين لن تكفيك، وإن كنت تبكي على الكتب المحروقة، فاعلم أن للأفكار أجنحة تطير إلى أصحابها).

ومن واجبنا - حكومة وشعبًا وإعلامًا - توضيح وشرح التاريخ وتعليمه إلى أبنائنا بطرق يسيرة؛ ليسهل معرفتهم؛ لأن أحد قادة الإغريق عندما انتصر في معركة (إسبرطة) قال: "هزمناهم لأنهم لا يعرفون تاريخهم"، فهيَّا بنا نعلِّم أولادنا تاريخنا؛ لأن معرفة التاريخ تُقوي الولاء والانتماء، يقول أفلاطون: "مصر هي أرض الحكمة"، ويقول المؤرخ الإغريقي هيرودوت عن مصر: "هي أكثر الشعوب علمًا ومعرفةً"؛ لذا أطلب من هؤلاء جميعًا أن يقرؤوا التاريخ كي يتعلموا.