عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

"شوشة" رئيسًا لهيئة الـ"فيديو كونفرنس" في عيد العمال


استوقفني كثيرًا، موضوعًا صحفيًا، قرأته بالأمس، تضمن فيديو كونفرانس بين اللواء مدحت شوشة، رئيس هيئة سكك حديد مصر، وعماله، من سائقي القطارات، والكمسرية، وغيرهم، لن التفت إلى ما حاول "شوشه" تقديمه من خلال الفيديو، المرفق بالموضوع الصحفي، والمجهودات غير العادية من قبول طلبات العاملين والعمل على حلها، وطرأ بذهني السؤال الأول، هل كان رئيس الهيئة بحاجة إلى الكاميرات للاستماع إلى طلبات العاملين، وحلها؟

يبتعد مكتب رئيس هيئة سكك حديد مصر عن رصيف القطارات، الذي يكتظ بمئات العاملين، بقدر ما تبتعد أذنيك عن بعضمها، فهما متلازمتان، متقاربتان ولكن لا تلتقيان، أبدًا فقط إلا أمام المرأة، فلم أرى أي مبررًا للفيديو كونفرانس الذي استخدمه رئيس الهيئة للتواصل مع قلة قليلة من العاملين، الذين لا يصح أن نحصرهم في بند العاملين ككل، ولك يكلف نفسه 10 دقائق ليدعوهم جميعًا لمؤتمر أو ندوة لعرض وبحث وتلقى المشكلات، أو لم يكلف نفسه خطوات معدودة لينزل إلى رصيف محطة القطارات ويجالسهم ليشرب كوبًا من الشاي، ويتعرف على مشكلاتهم عن قرب.

ثالثًا كان الموضوع ليس حوارًا مفتوحًا مباشرًا بين رئيس الهيئة، وبين العمال، ولكنه كان حوارًا مسجلًا مع كل طرف على حدى، خضع للتقطيع والمونتاج، وإلى بلورة المحتوى النهائي.

اعتدنا بشكل مستمر أن نرى الرئيس عبدالفتاح السيسي، ملازمًا للمهندسين والعاملين بكبرى المشروعات، يتحدث معهم عن قرب، ويوجه تعليماته لمعاونيه من وزير الدفاع لرئيس الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، واعتدنا منه أيضًا أن يعمل بعيدًا عن ضجيج الميديا، فلم يخرج علينا الرئيس متحدثًا بنظام الفيديو كونفرانس إلا مرات قليلة لا تحستب، وكان أغلبها بسبب بعد المسافات، من محافظة لأخرى، ولظروف ارتباطه بأمور أخرى، فهل السيد رئيس هيئة السكك الحديدية لديه مشغوليات أكثر من رئيس الجمهورية تستدعيه للجلوس تحت المكيف، على مقعده الأسفنجي، مكتفيًا ببحث مشكلات العاملين عبر الفيديو كونفرانس، وكأنه يدير شبكة سكك حديد لندن.

هل كلف اللواء مدحت شوشة نفسه بأن يحل مشكلات العمال بطرق صحيحة، فموتور القطار تجرى له "عمره" بسعر الجديد، والعربات تتكلف ضعف ثمنها مرتين، وذلك لتوفير أجور ألاف العمال، وبدلاتهم وحوافزهم، ثم يسألون عن أسباب الخسارة ويحملونها للشعب، بدلًا من أن يعيدوا توظيف وتوزيع العاملين على الإدارات المختلفة بشكل صحيح.

هل وضع شوشة رئيس هيئة السكك الحديدية خطة، لتسديد مديونية بنك الاستثمار القومي، التي قال هشام عرفات وزير النقل، إن أرباح هذه الديون فقط تصل إلى 3 مليارات و650 ألف جنيه!

هل كلف نفسه رحلة شهريًا على متن أحد القطارات من القاهرة للأسكندرية وليس لأسوان للتعرف على مشكلات الركاب، هل كلف نفسه بأن يكون جليسًا وسط ركاب الدرجة الثانية وليس جليسًا لرفقاء القشاش.

إذا كان رئيس الدولة يديرها على قدم وساق، منتنقلًا من هنا لهناك، وإذا كان رئيس الهيئة يديرها عن طريق الأنترنت من مكتبه، فمن الأصح ألا نلومه، وأن نرفع صوتنا له بأن يستبعد الكسالى، فمصر في مرحلة تقاتل فيها على كافة المستويات، العسكرية في سيناء، والاقتصادية في ربوع المحروسة، والعلمية، والصناعية، والزراعية، فليس هناك وقتًا للترنح ولا للتراخي، إما نكون أو لا نكون، ولن نقبل بأن تفقد الشجرة أحد أغصانها، فالأوطان تبنى والأشخاص تزول.

الأمر ليس مفرحًا أن يتواصل رئيس هيئة مع موظفيه عن طريق الفيديو كونفرانس، أو الصحف، وهذا ما أبكاني قبل ساعات من الاحتفال بعيد العمال، فبدلًا من أن يقدم لهم الشكر والعرفان على ما يقدموه وما يعانوه، في اليوم الذي ينتظرون فيه مكافأة سنويًا، لا تتخطى المائة جنيه، وكلمة شكر بمثابة صدقة، وقبلة للحياة، اكتفى بالتواصل معهم من خلف أسوار مكتبه، الذي لم يتمكن أحدهم من الوصول إلى بوابته الخارجية.