عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

ليلة سقوط كابول الثانية.. القيادة الأمريكية تلامس قاع هزيمة مشروعها العسكري والسياسي في أفغانستان.. وحرب جديدة تنتظر طالبان

نيوز 24

ما أشبه الليلة بالبارحة. أما البارحة فكانت سقوط العاصمة الأفغانية كابول عام 1996 في يدي حركة طالبان المتشددة منهيةً حكم الرئيس برهان الدين رباني الذي ترك العاصمة كابول هو وغريمه السياسي قلب الدين حكمتيار.

وأما الليلةُ، فبعد 20 عامًا من سقوط حكم طالبان عام 2001 على يدي القوات الأمريكية التي غزت البلاد وفي ركابها ما يعرف بتحالف الشمال الأفغاني المعارض، فها هي كابول تعيش ليلة سقوطها الثاني في يدي قوات طالبان.

ما بين استيلاء الحركة على حكم أفغانستان في عام 1996 وفقدانها لها بعد 5 سنوات، ثم عودتها كرةً أخرى، كانت أفغانستان موضوعًا لفعلٍ أمريكي - أوروبي تم تنفيذه تحت ثلاثة عناوين:

الأول: الانتقام من تنظيم القاعدة.
الثاني: القضاء على حكم حركة طالبان التي احتضنت القاعدة المتهمة بتنفيذ هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.
والثالث: تعهد الديمقراطية الأفغانية الناشئة بالرعاية بوصفها صمام أمان ضد الإرهاب والتطرف.

قطع الدومينو:
بعد 20 عامًا من استعمال القوة الأمريكية - الأوروبية في الجغرافيا الأفغانية التي قتل من جرائها عشرات الآلاف، وأكثر من ذلك سقطوا جرحى، وبعد مقتل الآلاف من الجنود الأمريكيين والأوروبيين، جاءت لحظة لامست فيها القيادة الأمريكية قاع هزيمة مشروعها العسكري والسياسي في أفغانستان.

ما قاله الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش الابن عن أن قلبه قد تفطر بسببه، فهو يرى أن سحب القوات الأجنبية هو ما سيمكن طالبان من العودة، وقد حدث.

سريعًا كقطع الدومينو تهاوت الولايات الأفغانية وعواصمها، والمديريات ومدنها وبلداتها، في يدي قوات حركة طالبان.

كان الأمر أسرع مما تصورته المخابرات الأمريكية التي قالت الأسبوع الماضي إن سقوط كابول قد يستغرق 90 يومًا.

هزيمة المشروع الأمريكي:
دخول طالبان العاصمة لا يعني فقط انتصارها على الجيش وقوات الأمن الأفغانية التي أنفقت عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها المليارات لتدريبها، بل يعني كذلك هزيمة المشروع السياسي الأمريكي في أفغانستان الذي دشنه حميد كرازاي رئيسًا منذ كانون الأول/ ديسمبر 2001 إلى حين استلام خلفه أشرف غني في أيلول/ سبتمبر 2014.

إنه المشروع الذي ضربته الخلافات السياسية بين القوى الأفغانية وعصف به الفساد في كل مرفقٍ للدولة. كان سقوط المدن أو استسلامها بيانًا في قلة حماسة الجيش إلى القتال، وبيانًا أيضًا في قلة إيمان الأغلبية العظمى من الأفغان بالتجربة الديمقراطية القائمة في كنف القوى الأجنبية.

لقد انكشف الجميع عن الرئيس أشرف غني ونفضوا أيديهم بما عاهدوه عليه. انفض عنه عسكره الذين لم يقاتلوا كما توقع، ثم لم يكن من فراره بد.

حرب ضارية تنتظر طالبان:
يعيد التاريخ نفسه، وها هي أفغانستان التي استعصت على السوفيت وتركوها مكرهين تستعصي على الأمريكيين والغربيين تاركين هم أيضًا البلاد تدبر أمرها كما تشاء، وذلك بحسب قولٍ للرئيس الأمريكي الحالي جو بايدن.

لكن التاريخ لن يكون رحيمًا أيضًا مع حركة طالبان وإن خرجت من الحرب ظافرة، فأسئلة الأمس هي أسئلة اليوم، ما هي فاعلةٌ بحقوق الإنسان؟، وحقوق النساء على نحوٍ أخص في التعليم والعمل والحركة؟، وما هي تصوراتها للحكم؟، وأي معادلة ستنشئ بين الإمارة الإسلامية وبين الدولة الديمقراطية؟، وما موقع مخالفيها داخل بنية الحكم الجديدة؟، وكيف تنظر إلى مستحقات الشراكة فيه؟ . تلك حربٌ أخرى لا تقل ضراوة تنتظر طالبان، وربما حددت نتيجتها موقع الحركة في إقليمها وفي العالم قبولًا أو رفضًا.