عاجل
الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

غزو سوريا على الطريقة الفرنسية


أخشى أننا خلال أيام قليلة نفاجأ بتصريح غريب يؤكد فيه أن "بشار هو سبب تفجيرات باريس، لأنه فشل في القضاء على داعش"، تمامًا كما فعل كولن باول، وزير خارجية بوش الابن، عندما زعم أن أجهزة مخابراته، رصدت اجتماعات بين صدام حسين وعناصر من تنظيم القاعدة قبل حادث برجى التجارة، وبعد غزو العراق أصدرت لجنة تابعة للكونجرس تقريرًا تؤكد فيه أن هذه المعلومات كانت كاذبة، ومصدرها أحمد الجبلى، عميل المخابرات الأمريكية، نكاية فى صدام، ورد بوش الابن على التقرير بمنتهى الصلف والغرور، مؤكدا أنه كان سيغزو العراق، حتى لو كانت هذه المعلومات غير صحيحة. 

لم يقل بشار أكثر من أن سوريا تعيش منذ خمس سنوات نفس المأساة التي تعيشها فرنسا الآن، فتم تأويل كلامه بأنه فرِح وسعيد ومتآمر، وفشل في مواجهة داعش، وسبحان الله على قلب الحقائق وتلفيق الاتهامات، وإذا كان الشيء بالشيء يذكر، فلماذا فشلت غارات الحلفاء في القضاء على داعش، ولماذا يتركون لهم ممرات آمنة، بعيدة عن الغارات للحصول على الأسلحة؟.. 

وأخشى أن تتصاعد هذه النغمة وتسود سطوة القوة، وتختفي الأصوات العاقلة التي تقول للغرب: "أطفئوا نار الإرهاب قبل أن تحاربوا الدخان"، فلم يتحدث أحد عن القصور الأمني وعدم وجود كاميرات في باريس، أو عدم اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية المدنيين، واكتسى وجه رئيس الوزراء البريطاني كاميرون بالخزي والمكر والخداع، وعكست تعزية أوباما للشعب الفرنسي الرغبة في الانتقام، وسادت سياسة الكيل بمكيالين عندما استدعى الرئيس الفرنسي الجيش لمواجهة الموقف، فلم يتباكى أهل الشر على حكم العسكر، ولم تُدِنْ المنظمات الدولية قانون الطوارئ الفرنسي، ولم تخرج المظاهرات ضد نصوصه الشرسة التي تهدر حقوق الإنسان، أما شعوبنا التي تكتوى بالنار فتشعر بالأسى والحزن على ضحايا أبرياء، وتواسى الشعب الفرنسى في مصابه الأليم. 

لم تنجح أجهزة المخابرات الغربية التي ترصد دبة النملة في توقيف الإرهابيين وهم يتسللون إلى عاصمة النور، ولم تستطع أجهزتهم الرهيبة كشف أسلحتهم، رغم أن إحدى مناطق الحادث كانت مدججة بالشرطة وأجهزة كشف المتفجرات والكلاب البوليسية، لحضور الرئيس الفرنسي مباراة كرة القدم مع ألمانيا، والمأساة المروعة تجعلني أقول: كان الله في عون مصر، التي تقف وحدها في مواجهة "إرهاب دولي" تحركه تركيا وقطر والتنظيم الدولي للجماعة الإرهابية وقوى الشر المتربصة، و"إرهاب داخلي" تمارسه جماعة ضالة، وعصابات إجرامية تختبئ كالفئران في جحور سيناء، مضافًا إليهم "طابور سادس" يحاول إعادة إنتاج أسباب الفوضى. 

لا أعتقد أن الغرب سيواجه ذاته بالأسباب الحقيقية التي أدت إلى ليلة باريس الدامية، لن يعترفوا بأنهم من غرسوا بذور الشر في الشرق الأوسط، فتحولت دوله إلى موائد يلتف حولها اللئام، ولن يتنازلوا عن مخططات الفتن وتفكيك الدول وشقاء الشعوب.