عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

الجريمة


كيف نصنف السب والقذف في هذه الأيام؟ على ما أتذكر أنه كان مصنفًا من قبل على أنه جريمة، ولكن لا أعتقد أن الشعب والحكومة والدولة والمؤسسات أصبحت تصنفه هكذا حاليًا، يجوز أنه أصبح يصنف الآن على أنه فعل أو حتى رد فعل مثلاً لا يعاقب عليه القانون وأي قانون يحتوي على مسمى "عقوبة السب والقذف" هو غير مطبق مطلقًا. 

كنا معتادون على أن المناخ الأكثر سبًا وقذفًا هو الفضاء الافتراضي أو كما يقال عليه مواقع التواصل الاجتماعى لأنه فضاء واسع غير مسيطر عليه وله أسبابه وطبيعته الخاصة.
  
ولكني أعتقد أن السب والقذف غير المعاقب عليه قانونيًا امتد إلى شاشات الإعلام، برامج التوك شو، المقالات الصحفية، عناوين المقالات ومانشيتات الصحف، وما إلى ذلك من الجهات، وأعتقد أنه لم يعد هناك حظر فى أى مكان على هذه الظاهرة التي باتت من القاموس اليومي للمصريين وتجري على لسانهم كالطعام والشراب حتى كاد الأمر أن يكون عاديًا وطبيعًا وسط مجتمعنا.
  
فالكثير من وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة أصبحت تعتمد على السب والقذف لتحقيق أكثر مشاهدة لأن هذا هو الذي يسيطر الآن على الذوق العام لدى المصريين وأقول ذلك بكل أسف. فتناسوا المهنية وضاعت الموضوعية وانحطت المهنة بمثل هذه الظواهر عديمة الأخلاق. وللأسف ليس هناك عقاب رادع أو قانون يحمي. 

بل أصبح العكس صحيحًا، صاحب الصوت الأعلى والأكثر سبًا وقذفًا وخوضًا في الأعراض هو الأكثر حصانة من العقاب. أصبح السب والقذف هو البديل عن النقد والحوار البناء وسماع الآخر فغابت المصداقية والرقي في الخلاف والاحترام فاللجوء إلى السب والقذف لنقد الآخر هو ضعف وقلة حيلة وعدم وجود منطق وأسباب واضحة ممكن مواجهة الآخر بها كل هذا بالإضافة إلى قلة تربية وانعدام أخلاق مؤكد. وهناك مدرستان للرد والتعامل مع من ينتهج هذه الظاهرة كمنهج أساسي في حياته اليومية، المدرسة الأولى، وهى التجاهل التام وعدم الرد وفي لغة السوشيال ميديا "البلوك" ومع مرور الوقت البعض ممن ينتهجون هذه المدرسة اكتشفوا عدم صلاحيتها وأنها تعطي انطباعًا لدى السباب أنك ضعيف أو غير قادر على الرد، لأن الطرف السباب لا يرتدع من التجاهل ويستمر في سبابه وقذفه وأصبح يميل أكثر للمدرسة الثانية التي تتبنى "السن بالسن والعين بالعين والبادي أظلم" وترد بنفس مستوى الانحطاط الأخلاقي ، وهنا لا تنتهى عملية تبادل السباب بين الطرفين وتصبح دائمة والذى سيتوقف سيزايد عليه الآخرون بأنه الأضعف.