عاجل
الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

شردوهم.. ادهسوهم؟


لن تكون القصة الأولى أو الأخيرة في الوسط الصحفي الذي يعاني بشدة من غياب القدوة، فمن يتبوأون الموقع في الصحف لا ينظرون إلا لمصالحهم الشخصية ويدهسون الصغار ويتركونهم يواجهون مصائرهم في مواجهة سطوة رأس المال. 

مهزلة الصحافة المصرية بدأت عندما صار أي رجل أعمال يريد أن يدافع عن ثروته ومصالحة فيصدر صحيفة، ثم يهرول الشباب للعمل بالصحيفة والأمل يشتعل بصدورهم، وبعد أن ينتهي رجل الأعمال من تحقيق هدفه، يغلق الصحيفة ويشرد الشباب، ويظل "كذابو الزفة"، ومن يسبحون بحمد وفضل عليه القوم هم الذين يتنقلون على موائد الصحف ويهلفون ألوف الجنيهات، وبتكهم وسخرية ينظرون لأبناء الجيل الجديد، ما سأعرضه في السطور التالية هو فصل من المسرحية الهزلية في بعض الصحف الخاصة. 

قرأت قبل أيام خبرًا عن تحرير أكثر من 45 من الصحفيين في جريدة "العالم اليوم" محاضر ضد عماد الدين أديب رئيس مجلس إدارة الجريدة في قسم شرطة العجوزة لفصلهم تعسفيا دون منحهم حقوقهم المادية ومنعهم من العمل. 

وأعاد الخبر ذكرياتي الجميلة والحزينة التي امتدت عدة سنوات في صحيفة "نهضة مصر" التابعة لشركة "جود نيوز" التي يمتكلها عماد أديب، وعلى رغم أن التجربة تسببت في خسارتي عشرات الآلاف من الجنيهات لكن مكاسبها الإنسانية كانت أكبر بكثير إذ حفلت بشجون ودموع وأفراح مع عدد من الزهور التي كانت مازالت تتفتح في بستان الحياة ولكنها للأسف نبتت وسط أشواك تدمي القلوب بقسوة ولا تعرف معاني الرحمة. 

كانت "نهضة مصر" التي في يوم من الأيام تضم قامات من الوسط الصحفي انهارت بعد توقف الدعم المالي، واتجاه عدد من مسئوليها للعمل في الفضائيات، بعد فترة من العمل نصحني صديق بأن أرحل للبحث عن مكان آخر وكان حينها بدأ انطلاق مواقع وصحف جديدة. 

لكن دموع أحد الشباب حزنا على ما ينتظره من مستقبل مظلم حسم قراري بالبقاء لحين البحث عن حلول لتعيين هؤلاء الشباب الذين يحتاجون إلى جسر يعبرون عليه إلى شاطئ الأمل. 

عزمت ألا أغادر مكاني إلا بعد إيجاد حل للأزمة التي تبناها الدكتور أحمد المصري مدير شركة "الأخبار السعيدة" المنضوية تحت لواء شركة "جود نيوز" فصدرت صحيفة "العالم اليوم الأسبوعي" التي كانت منفذا للشباب إلى نقابة الصحفيين. 

والحمد لله بعد فترة من التعب والمثابرة تم تعيين الشباب على ثلاث دفعات، ولم أغادر مكاني إلا بعد تعيين الدفعة الثالثة، حمدت الله على أنه سخرني لأكون عونا لما يزيد عن 30 شاب وفتاة يتحسسون أولى خطواتهم في مهنة لا ترحم. 

خلال هذه الأعوام رحل عماد أديب إلى خارج مصر وتوقفت المرتبات وكان تأتي بأقساط وبصورة مهينة لا تليق بمن يبذل كل جهده ويتقي الله ولا يعرف إلا مهنته، بينما كانت المؤسسة مرتع للفساد والسرقة، وسمعنا روايات عدة عن محاسب بالشركة يمتلك مطمعا في مدينة دبي الإماراتية حيث كان يزور التوقيعات في كشوف المرتبات، ولأن المال "السايب بيعلم السرقة" ضاعت "نهضة مصر"، وبدون أي تأنيب للضمير، استحل عماد أديب وكل من تحت إمرته عرق شباب صغير لا حول له ولا قوة، بينما ذهبت الملايين لجيوب اللصوص. 

قررت حينها مع مجموعة من الشباب أن نخوض معركة ضد نفوذ آل أديب لاستعادة حقوقنا المالية، فحررنا محضرا بقسم الدقي في نهاية مارس 2013 حمل رقم 1878 إداري الدقي، ثم تقدمنا في أول أبريل من العام ذاته ببلاغ للنائب العام المستشار طعت عبدالله حمل رقم 5453 عرائض النائب العام؛ ولكن لم ينصفنا أحد فلم يتحرك بلاغ الشرطة، وحفظ بلاغنا للنائب العام، لجأنا لنقابة الصحفيين كان حينها ضياء رشوان النقيب فتجاهل شكوانا، فكيف يجرؤ السيد النقيب على انتقاد عماد أديب بينما كان يظهر يوميا مع شقيقه عمرو على الهواء في قناة أوربت؟ إنها مهنة المصالح المتبادلة وشبكات العلاقات المتشعبة، ولا عزاء فيها لمن لا يدور في فلك هذه الذمرة. 

ارتضى الشباب مكرهين الصمت على حقوقهم بعدما أغلقت في وجوههم كافة السبل في مقابل أن يسدد مسئولي الجريدة تأميناتهم وبحثوا عن فرص بمواقع وصحف أخرى ولمع عدد منهم لأنهم موهوبين ومجتهدين، ظل الوضع على ماهو عليه حتى أرسلت الجريدة أخيرا خطابات فصل تعسفي لعدد منهم، وسط صمت مطبق من نقابة الصحفيين نصيرة النشطاء والحقوقيين فقط، وتسلط وتكبر من مسئولي الجريدة. أجدد تضامني مع صحفيي "نهضة مصر والعالم اليوم"، وسأظل معكم حتى النفس الأخير لاستعادة حقوقكم.