عاجل
الأحد 19 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

حسن نافعة في حوار جريء لـ"العربية نيوز": لا توجد مؤسسات "سياسية" بمصر.. القانون "يجرم" التظاهر ولا ينظمه.. الدولة تعادي ثورة يناير.. والبرلمان "آخر أمل" لعودة "تيران" و"صنافير"

 الدكتور حسن نافعة
الدكتور "حسن نافعة" في حواره ل العربية نيوز

لا توجد مؤسسات سياسية حقيقية في مصر

غياب الشفافية فرصة للهجوم على النظام

الحكومة عاجزة عن استيعاب مشاكل المواطن البسيط

جماعه الإخوان سرقت ثورة يناير

جماعة الإخوان ستعود للحياة في هذه الحالة

من أبرز المحللين السياسيين، وله دور بارز في الحياة السياسية المصرية حيث شغل منصب المنسق العام للجمعية الوطنية للتغيير، ومنسق عام الحملة المصرية ضد التوريث، تولى الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، عضوية المجلس الاستشاري الذي قام بتشكيلة المجلس العسكري عقب ثورة 25 يناير، ولكنه تقدم باستقالته من المجلس احتجاجًا على أحداث مجلس الوزراء.

إلي جانب العمل السياسي والأكاديمي شارك "نافعة" في العديد من الأنشطة الثقافية حيث كان مسئولًا عن النشاط الثقافي في نادي أعضاء هيئة التدريس بجامعة القاهرة، وأمينًا عامًا للجمعية العربية للعلوم السياسية.

وأصدر الدكتور "حسن نافعة" العديد من المؤلفات منها "إصلاح الأمم المتحدة" و"مركز البحوث والدراسات السياسية" و"العرب واليونسكو" و"الاشتراكية الديمقراطية" و"الأنظمة السياسية في غرب أوروبا وأمريكا الشمالية" و"مصر والصراع العربي الإسرائيلي: من الصراع المحتوم إلى التسوية المستحيلة" و"الاتحاد الأوروبي والدروس المستفادة عربيًا".

كان لـ"العربية نيوز" هذا الحوار المهم مع الدكتور حسن نافعة والذي فتح فيه العديد من الملفات الشائكة وعلى رأسها، طريقة تعامل النظام في مصر مع المعارضة لا سيما ممن لم يرفع السلاح في وجه الدولة معبرًا عن استيائه من التعامل الأمني مع هذه المعارضة لا سيما المنددين بقانون التظاهر والمطالبين بعودة تيران وصنافير للأحضان المصرية، والذين زج بهم جميعًا في السجون، فإلى نص الحوار..

- كيف تقيم الوضع السياسي الحالي بشكل عام؟
الوضع متوتر والأزمة تتفاقم بحدة واضحة أكثر فأكثر ولا تتجه نحو الحل، وهي أزمة متعددة الأبعاد، لها بُعد سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي، وللأسف الشديد كما نرى لا يوجد في الأفق ما يوحي أن الأزمة على وشك أن تنتهى ولذلك من المتوقع أن تستمر معنا لفترة طويلة وستتعمق ولا أحد يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن يَحدث، ولكن الأهم هل يمكن للرئيس عبدالفتاح للسيسي فهم طبيعة هذه الأزمة وبالتالي يأخذ الإجراءات التى يتطلبها الموقف لاحتوائها أو التعامل معها أم لا؟.

- هل هناك مؤشرات واضحة توحي بحل الأزمة؟
في الحقيقة لا أستطيع القول بأنه يوجد ما يوحى بفهم الأزمة لأن الدولة لا يوجد بها مؤسسات سياسية حقيقية، ولا تدار بعقلية سياسية إنما تدار بعقلية أمنية وهذا اتضح في الآونة الأخيرة فى الكثير من الأفعال والقرارات، لذلك القدرة على فهم طبيعة الأزمة وجوانبها المتعددة هي قدرة محدودة وضعيفة جدًا.

- كيف ترى خريطة المعارضة السياسة في الوقت الراهن؟
المعارضة السياسية ضعيفة ولكن رغبة النظام فى قتلها أكبر، وضعف المعارضة حدث لأن النظام الحاكم لا يريد أي معارضة حقيقية، لذلك أزمة المعارضة مزدوجة، عميقة لأن لها موروث تاريخى ممتد، والظروف الحالية لا تسمح لها أن تتطور وأن تعيد بناء نفسها وتصحح من أخطائها، لأن النظام الذى يحكم مصر حاليًا لا يريد صوتًا يعلو صوته، ولم يعد يثق فى السياسيين أوالمثققين أو المفكرين، ويحكم من خلال أجهزه الأمن ولا يريد لأحد أن يشترك فى الحكم سواه.



كيف قرأت مشهد اقتحام نقابة الصحفيين؟
مشهد اقتحام نقابة الصحفيين فى الحقيقة هو تعبير عن إصرار النظام الحالى على تقييد الحريات وخاصة حرية الرأى، اعتقادًا منه بأن الصحافة بكل أشكالها المسموعة أو المرأية تساعد فى بناء الرأى العام وتشكيله، فالرئيس عبدالفتاح السيسى يعتقد رأيه هو الصواب والسليم ولا يريد الاستماع لأي رأى آخر ويرى أي رأي يعارضه يعتبره هادمًا للدولة وليس مجرد رأي مخالف.

- هل ترى في السيسي البطل المنقذ، خاصة بعدما تم عزل الإخوان من حكم البلاد؟ 
هناك خلط بين البطل والمنقذ، وأظن أن الرئيس السيىسي فى مخيلة الكثيرين بمصر أنقذ مصر من حكم الإخوان لذلك يرونه بطلا لكن البطل المنقذ ليس بالضرورة هو الأقدر والأكفأ على حكم مصر فى المرحلة الحالية، فكان يكفيه شرفًا أن يخلص المجتمع والدولة من حكم الإخوان لكن دون أن يصبح رئيسا.

- أزمات اقتصادية متتالية وارتفاع في الأسعار وانهيار الجنيه أمام الدولار وانخفاض الاحتياط النقدي.. كيف ترى ذلك؟
الرئيس السيسى يعتقد أن المشكلة فى جوهرها اقتصادية واجتماعية وليست مشكلة سياسية، بالتالى من وجهة نظره يكفى أن تقوم الحكومة بمشروعات عملاقة اقتصادية وأن تتحول مصر كلها إلى ورشة عمل كبيرة، ولكن هذا غير صحيح، فالرئيس لا يستطيع أن يدرك أن المشكلة السياسية هى مشكلة عدالة اجتماعيه ومشكلة حريات وكرامة انسانيه، بالتالي الشعارات التي رفعت في ثورة 25 يناير حول الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية، هى شعارات حقيقية وأنا "لا أظن أن الرئيس يعمل على حلها كما ينبغي أن يكون"، حسب رأيه.



- كيف ترى التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير؟

هذا النموذج مثال لإدارة أزمة بأسوأ ما تكون عليه إدارة الازمات، فعدد كبير من الملفات التى أدارها النظام الحاكم حاليًا لم يحسن إدارتها، لذلك ما يمكن أن يقال إن هناك إدارة سيئة للمجتمع بشكل عام بكل ملفاته مثل الملف الاقتصادي وأزمة الدولار وملف سد النهضة، وأسلوب إدارته تعبيرًا عن عدم الكفاءة فى هذه اللحظة، كما يخلق النظام أيضًا كل يوم أعداء جدد ويزج بالشباب إلى السجون، لا علاقة لهم بالإخوان أو تيار الإسلام السياسى، أصبحوا أعداء للدولة رغم انهم كانو حلفاء بالأمس.

يبدو أن النظام وكأنه لديه كفاءة فى خلق الأعداء وليس فى إدارة الأزمات، ونفس الشيء ينطبق بصورة أسوا على إدارة ملف جزيرتي تيران وصنافير.

الغالبية العظمى من الشعب المصرى تؤمن بأن العلاقة الاستراتيجية بين مصر والسعودية مهمة ومطلوبة، ولكن ليس معنى ذلك أن يتم التفريط فى تراب مصرى، فتيران وصنافير فى الوعي المصري أرض مصرية وبالتالى إذا كان هناك خلاف أو تعارض فى وجهات النظر حول ملكية الجزيرتين كان ينبغى على الحكومة أن تدرك أن هذه المسألة حساسة ومهمة عند الشعب المصرى.

لذلك كان يتعين أن تدار بقدر أكبر من المكاشفة والمصارحة وهذا لم يتم ولم يحدث وبالتالي لو أن الحكومة أعلنت أن هناك خلاف حول ملكية جزيرتى تيران وصنافير بيننا وبين السعودية وأننا سنحاول حل هذا الخلاف بطريقة ودية أولا وسنشكل لجنة مشتركة وتعلن أسماء اللجنة كان الأمر اختلف.

كان ينبغى أن تتعامل مصر مع هذا الملف مثلما تعامل نظام مبارك مع ملف طابا على سبيل المثال، فكان واضح جدًا أن مبارك تعامل مع المشكلة بقدر أكبر من الكياسة والكفاءة وربما لأن إسرائيل ليست هى السعودية فى قضية الحدود ولكن الخلافات حول السيادة فيه عدو أو صديق فينبغى التعامل مع الجميع بنفس المعايير، بمعنى أن كل طرف من حقه أن يتمسك حتى النهاية بموقفه لذلك الموقف المصري الرسمى كان ينبغى أن يقول أن هذه أرض مصرية وهذه جذر مصرية إلى أن يثبت العكس، إذا فشل التفاوض كان يمكن اللجوء إلى التحكيم أو حتى إلى القضاء لكن النظام لم يتعامل مع الموضوع بهذه الطريقة.

- هل يمكن استدراك الخطأ السياسي الآن حول مصرية الجزيرتين؟
لا يمكن استدراك الخطا الذى وقع إلا اذا تصرف البرلمان بمسوؤلية مع هذا الملف، فعلى البرلمان الأن أن ينظر للقضية بعين أوسع، الاتفاق الذى تم توقيعه لا يمكن أن يدخل حيز التنفيذ الا بعد تصديق البرلمان عليه لذلك علية أن يستعين بالخبراء من مختلف التوجهات الذين يقولون أن هذه الأرض مصرية والذين يقولون هذه أرض سعودية، وأن يدرس الموضوع وأن يتمسك بموقفه بأعتباره ممثل الشعب.

كما أن هناك رأي عام واضح جدا هو أنه مصر مع ملكية الجزيرتين فعليه أن يتصرف على هذا الأساس، لذلك رفض البرلمان للتصديق على هاتين الاتفاقيتين قد يكون هو المخرج الصحيح والسليم.

ولكن إذا وافق البرلمان سيرى حينها قطاع كبير من الشعب أن البرلمان هو أداة تحركها الحكومة وبالتالى لا يمثل الشعب، ويفترض أن يطرح الأمر للاستفتاء عليه لأن الدستور يلزم الدولة بأن أي اتفاقيات تبرم أو تتعلق بالسيادة يجب أن تطرح للاستفتاء العام قبل أن يتم التصديق على الاتفاقية، وأنا أشك بأن الحكومة ستتعامل بهذه الطريقه مع هذا الملف.

ماذا عن الاختفاء القسري؟
كل المؤسسات الحقوقية المحترمة بالداخل والخارج تؤكد على وجود انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وبالتالى القضية لم تعد قضية الاختفاء القسرى فقط وإنما القضية أكبر من ذلك وأشمل أن هناك محتجزون أو معتقلون دون وجه حق يقدموا للمحاكمة، ولكن لا توجد أعداد رسمية واضحة وصحيحة حول عد المسجونين بمصر وكل هذه الأمور تعطي الفرصة للمعارضين للنظام أن يبالغوا ويضخموا من حجم الظاهرة.

افتقار الدولة والنظام للشفافية يساعد على سهوله إدانته، ولا يمكن أن ننكر أن هناك شواهد تدل على أن هناك انتهاكات جسيمة فى حقوق الإنسان مثل قضايا الاختفاء القسري وقضايا التعذيب بداخل السجون، كما أن تصرفات الحكومة وعدم الشفافيه يؤدي إلى إثبات هذه الاتهامات.

إذا نظرنا لملف مقتل الطالب الإيطالى ريجيني سيصبح لدينا ما يشبه اليقين أن الدولة لا تتعامل بأي نوع من أنواع الشفافية فى حقوق الإنسان، كما أن انتهاكات النظام لحقوق الإنسان تبدو أكبر بكثير مما يتصور البعض.


كيف ترى الأحكام القضائية ضد قضايا الفكر والرأي كما حدث مع إسلام بحيرى وأحمد ناجي؟
أنا شخصيًا اتفق مع ضروره احترام الأديان، ولكل شخص الحق بإبداء رأيه حتى ولو كان ملحدًا أو لا يؤمن بأي دين من الأديان ولكن حتى الملحد عليه أن يتعامل باحترام مع عقائد الآخرين لكن يجب ألا يتخذ موضوع ازدراء الأديان حجه للتضييق على حرية الرأي أو تقديم أشخاص لا يرضى عنهم الناس أو لا ترضى عنهم جماعة معينة وتقديمهم للمحاكمة.

- أبرز الوجوه الشبابية التي شاركت في ثورة يناير خلف القضبان.. هل ترى أن هناك حربا على ثورة يناير؟
النظام ليس معنيًا كثيرا بأى نوع من المعارضة سواء كانو هؤلاء جزأ من يناير أو من ثوره يونيو، أي رأي معارض الآن يتم التصدى له وأي تظاهر ضد أى موضوع يخالف السياسة الرسمية يعتبر انتهاكا، فالقانون لا ينظم حق التظاهر بل يحاول تجريم التظاهر نفسه، ويقيده لأن حق التظاهر والتعبير عن الرأي مكفول للجميع.

ثورة يناير سرقت من قبل جماعة الإخوان والقوى المتحالفة معها أما 30 يونيو والتي اعتبرها موجة ثورية لـ"25 يناير 2011 سرقت أيضا من جانب شبكة المصالح المرتبطة بنظام مبارك، والتي تعود بقوة وهذا يفسر أن هناك حرص على انتهاك حق كل شباب يناير.


- هل الدولة بحاجة لتيار الإسلام السياسي بين صفوفها؟ 
التيارات الإسلامية لا تخلق هى تنشأ من تلقاء نفسها، وهذا التيار موجود بمصر منذ انشاء جماعه الاخوان وبعد ذلك تفرع إلى فصائل كثيرة، لذلك لا أحد يملك أن ينشئ تيار بقرار أو يلغى تيار بقرار، فالتيارات الحقيقية تنمو وتزدهر عندما تجد حاضنة شعبية لها، وقوى داعمة لها داخل الشعب والمجتمع، لكن يحدث الآن لجماعة الإخوان ما لم يحدث قط في تاريخها لا سيما بعد وصولها للحكم، حيث اقترفت جرائم في حق نفسها قبل أي أحد قبل وأثناء وبعد وصولها لسدة الحكم في مصر.

المشكلة أن السياسة التى يتبعها النظام حاليا تعطى الإخوان الفرصة ليظهروا كـ"مظلومين" من جانب النظام الحاكم لا سيما بعد تخلي الحاضنة الشعبية عنهم، لذلك لكي يعودوا مرة تانية عليهم أن يقوموا بمراجعة حقيقية لسياستهم وأفكارهم ومواقفهم وأن يتعلموا الدرس.

الانشقاقات التى تحدث الآن هى تعبير عن أزمة داخل الجماعة، ولكن السياسة القمعية التى يمارسها النظام الحاكم ضد الجماعة والتيارات الإسلامية التي تعارضه ستعطى الإخوان فرصة مرة أخرى للعودة من جديد كقوى منظمة تمثل التيار الرافض أو المعارض مثلما حدث في وقت حكم مبارك. 

- كيف ترى مستقبل جماعة الإخوان مع قيادات الصف الثانى والثالث والهاربين بالخارج؟
الصف الأول لم يتم إزاحته، والجماعة تواجه الآن مأزقًا شديدًا جدا، لذلك مستقبل جماعة الإخوان يتوقف على تطور الحياه السياسية والمصرية وموقفه من القوى السياسية الأخرى، وإذا استطاع النظام الحاكم أن يستعيد القوى التى شاركت في ثورة يناير وفى 30 يونيو من غير الإسلام السياسى والإخوان سيفتح المجال لتطور سياسى مختلف وبالتالى سيساعد على دمور جماعة الإخوان، وإذا استمر في التقييد على فصائل أخرى فستستعيد جماعة الإخوان قوتها.