عاجل
الجمعة 01 نوفمبر 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

رضوى عاشور.. "شمس لا تغيب".. وجوهرة تلألأ في سماء الأدب

رضوى عاشور
رضوى عاشور

رضوى المهمة والقامة اختار لها جدها اسمها على اسم "جبل الرضوى" الذي يشرف على المدينة المنورة ويضرب به العرب المثل في الرسوخ والعلو، مسيرة من الكفاح والنضال عايشتها "رضوى" حتى بعد رحيلها، تظلُ تذكرنا بها أقلامها في غرناطة والطنطورية ولعبت دورا بارزا في إثراء الحركة الأدبية والنقدية في مصر، فكانت صاحبة قضايا ومواقف واضحة وتميز مشروعها الأدبي، في شقه الإبداعي، بتيمات التحرر الوطني والإنساني، إضافة للرواية التاريخية تراوحت أعمالها، المنشورة بالعربية والإنجليزية.

ميلاد رضوى:- 

ولدت الكاتبة الراحلة في 26 مايو 1946 في القاهرة ودرست الأدب الإنجليزي، وحصلت على الماجستير في الأدب المقارن من جامعة القاهرة عام 1972، ونالت الدكتوراه من جامعة ماساتشوستس في الولايات المتحدة عام 1975 وعملت بالتدريس في كلية الآداب بجامعة عين شمس، كما عملت أستاذا زائرا في جامعات عربية وأوروبية.

الحُب على سُلم الجامعة:-


علاقة حب استمرت إلى 45 عامًا لم يستطع حتى الموت أن يفرق بينهما. ظلت ذكرى أول لقاء تراودها دائمًا، فتروي رضوى عاشور الكاتبة المصرية، أن أول مرة تلتقي فيها الأديب الفلسطيني مريد البرغوثي كان على سلم جامعة القاهرة، حيث كان يلقى على أصدقائه أحد قصائده، فانتبهت له وشعرت بكلماته تخترقها، حيث إنها كانت تكتب الشعر أيامها..
ولكن بعد أن سمعت قصائد مريد، تركت الشعر، لأن الشعر أحق بأهله وذويه، على حد تعبيرها.

"رضوى" قصيدة كتبها مريد ونشرت في أوائل السبعينيات نشرت على 3 أجزاء في مجلة "الكاتب"، وكتبت لطيفة الزيات في ذلك الوقت المقدمة للقصيدة حينما انبهرت بمحتواها فقالت: "إننا قرأنا في الشعر القديم قصائد غزل لكننا لم نقرأ قصائد حب".

فعلق البرغوثي على ذلك "الناس تظن أن الكلام العسلي اللطيف "المعسول" يساوي شاعر حب، الكلام الحلو لوحده ما يعملش ما نسميه الشعر".

فجمع بينهما الشعر وكتب تفاصيل حياة تربطهما معًا، ولكن بدأت العقبات تواجههما منذ البداية عندما رفض أهل رضوى ارتباطها بالشاب الفلسطيني.

مرت علاقة رضوى ومريد بعدد من المراحل والمواقف الهامة، لعل كان أبرزها حينما أبعد البرغوثي عن مصر في فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات بسبب اعتراضه على زيارة السادات إلى إسرائيل، وظل ممنوعًا من دخول مصر لمدة 17 عامًا وهو ما أحدث تشتتًا كبيرًا لأسرتها، ولم تمل برغم البعد والصعوبات بل ظلت متماسكة من أجله.

نشاطها الأكاديمي والمدني:-

رضوى عاشور عضوة فاعلة في المؤسسات الجمعية التالية: 
لجنة الدفاع عن الثقافة القومية.
اللجنة الوطنية لمقاومة الصهيونية في الجامعات المصرية.
مجموعة 9 مارس لاستقلال الجامعات.
إضافة إلى عضويتها في مجموعة من اللجان التحكيمية المرتبطة بالمجالين الثقافي والأكاديمي"3":
لجنة جائزة الدولة التشجيعية.
لجنة التفرغ بالمجلس الأعلى للثقافة.
لجنة القصة بالمجلس الأعلى للثقافة.
كما شاركت رضوى عاشور في العديد من المؤتمرات وساهمت في لقاءات أكاديمية عبر العالم العربي (بيروت وصيدا ودمشق وعمان والدوحة والبحرين وتونس والقيروان والدار البيضاء)، وخارجه في جامعات غرناطة وبرشلونة وسرقسطة في إسبانيا، وهارفرد وكولومبيا الرحلة وحَجَر دافئ وخديجة وسوسن ورأيت النخل وسراج وغرناطة ومريمة والرحيل وأطياف وتقارير السيدة راء وقطعة من أوروبا وفرج والطنطورية. 

جوائز أدبية:- 

ونالت "عاشور"، عدة جوائز أدبية، منها جائزة أفضل كتاب عام 1994 عن الجزء الأول من ثلاثية غرناطة، على هامش معرض القاهرة الدولي للكتاب، والجائزة الأولى من المعرض الأول لكتاب المرأة العربية عن ثلاثية غرناطة، وجائزة قسطنطين كفافيس الدولية للأدب في اليونان، وجائزة تركوينيا كارداريللي في النقد الأدبي في إيطاليا، وجائزة بسكارا بروزو عن الترجمة الإيطالية لرواية أطياف في إيطاليا، وجائزة سلطان العويس للرواية.وترجمت أعمال الكاتبة الكبيرة، إلى عدة لغات، منها الإنجليزية والإيطالية والإسبانية.

وتعد "رواية الطنطورية" للكاتبة رضوى عاشور، التي صدرت سنة 2010، والتي تناولت فيها عائلة فلسطينية اقتُلِعت من أرضها بعد اجتياح العصابات الصهيونية للقرية، لتعيش تجارب اللجوء في لبنان والإمارات ومصر، من أهم الروايات التي ترصد تاريخ القضية الفلسطينية وتعقيداتها. 

وللكاتبة رضوى عاشور العديد من الأعمال من أهمها "ثلاثية غرناطة" على غرار ثلاثية الأديب العالمي نجيب محفوظ والتي تعتبر تفردًا في تاريخ الرواية العربية حيث صاغت الراحلة كلماتها من الذهب وامتدت أحداثها على صفحات الكتاب دون ظهور موطن ضعف واحد ينحدر بالرواية من مكانها الرفيع.

"عودي يا ضحكاتها عودي":-

هكذا كان يقول مريد دائمًا حين كان يخطف المرض ضحكة عزيزته رضوى، فكانت تحارب بكل طاقتها ورم في الدماغ، لكنه هزمها فلجأت لمحاربته بالعمليات الجراحية، أخذ منها عددا من العمليات بأمريكا أثناء ثورة 25 يناير، كانت رضوى تخرج من عملية لتدخل أخرى، لترحل بعد صراع مع المرض، فيقول تميم "كانت تحمد الله على كل شيء في أيامها الأخيرة، بنفس راضية، ولم تغضب من أي شيء رغم مرضها". 

وعلى الرغم من كل هذا كانت رضوى عاشور تشعر بالخجل دائمًا في حالة إثارة ما يتعلق بقصة حبها لمريد، فتتورد وجنتاها وتعجز عن الكلام وتحاول أن تخفي خجلها الواضح بابتسامة رقيقة كأنها ما زالت تلك الفناة العشرينية التي وقعت في حب زميلها في الجامعة وبالرغم من رحيلها لن يستطيع الموت أن يفرق بينها وبين رفيق حياتها الدائم، وشريك دربها الطويل بكل ما مر عليهم من أفراح وأحزان وصعوبات واجهوها معًا، لتطل بابتسامة واسعة على رجالها "مريد وتميم" سعيدة فخورة بهم، فحين أن تلتقي الأرواح لا يستطيع أحد أن يفرقها.

وتوفت رضوى فى 30 نوفمبر 2014