عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

ولا تنسى أن تعيش


وها نحن أدركنا عام جديد وودعنا عام مضي ‘ ندرك عام جديد بالأمل ‘والتفاؤل ‘ والحياة ‘ ونودع عام مضى بحلوه ومره ‘ وحزنه وفرحه ‘ ولكن لا ننسى أن نأخذ معنا ماتعلمناه في السنين التي مضت . فكم من عمر يمضي ولا ندرك مافيه من زبد الحياة ‘ فكم منا يبحث عن ميناء السلام ‘ ولا يدرك انه في العمر الذي يدركه من مواقف الحياة ‘ فكثير منا يتعلم القراءة بين السطور ولكني أرى أننا في حاجة إلى قراءة مواقف الحياة ‘ فكم منا ينظر بعينه لكنه لا يبصر بقلبه .

وها أنا ذا أكتب عن ما أراه زبد الحياه ‘ "انه العطاء" نعم العطاء فهو مفتاح الحياة ‘ذلك الشعور الذي إذا وجد في شيء جعله مثل الشجرة المثمرة التي لا تكف عن اثمارها مدى الحياة .

هو الروح التي تجعل كل شئ ميت حي ‘ النبتة التي ينبت منها كل شئ أخضر مفعمة بالبر والبسط والرخاء والكرم ‘ النبتة التي أساسها ينبت منها الحياة .

العطاء هبه يهبها الله سبحانه وتعالى للإنسان إذا أراد به خيرا ‘ كونك ان تعطي دون انتظار مقابل ‘ما هو إلا شعور يهب الروح الراحة ‘ وتجعل الإنسانية تنمو بداخلك ‘ وتجعل الفضائل الإنسانية تنمو بداخلك مثلما ينمو جزر الشجر في الأرض .

فما اجمل التضحية دون مقابل بل لاجل الحب والود والمساعدة .

جعل الله العطاء هو أول أساس تقوم عليه "قضاء حوائج الناس " ويالها من مرتبة عالية عند الله ‘فمن يساعد الناس يساعده الله.

فالتجرد من الأنانية والتملك أمر صعب لكنه يستحق العمل به ‘من أجل ذلك خص الله به بعض من عباده ‘ فالذين يشعرون بلذّة العطاء ماهم الا الذين يقدرون على رؤية رسائل الله لهم .

فالعطاء هو ذلك الأمر الذي يقي صاحبه من هموم كثيرة تقف عائقاً في حياته.

وجعله الله في صورتين فمنها المعنوي ‘والمادي ‘ ولكنني أري أن العطاء المعنوي أقوى أهمية ‘لأنه من الأشياء الجميلة التي تسقي الناس ‘الحب ‘التقدير ‘ والعرفان ‘الاحترام والامتنان ‘والسلام الداخلي ‘وهذه من أثمن ما يملك الإنسان .

في حقيقة الأمر أن قيمة الإنسان لدى تقاس بما يقدمه من عطاء لمن حوله ‘ اتذكر مقولة " سليمان الحكيم " عندما قال
"لا تمنع الخير عن أهله، حين يكون في طاقة يدك أن تفعله"، و"لا تقل لصاحبك اذهب وعُدْ غدًا فأعطيك، وموجود عندك"
فإن رزقك الله فجعلك معطي لمن حولك واصبح ذلك واجب عليك‘ تخيل معي اذا زرعت بذرة وبدأت تسقيها‘ ومع مرور الوقت تراها تنمو وتكبر وتزدهر ‘فكم من شعور ينتابك و ينعش روحك من الداخل مثلما تنعش تلك الشجرة ‘ هكذا هو العطاء .

والعطاء مراتب فمنهم ‘ من يعطى ما يطلبه الناس ويحتاجونه ‘ ومنهم من يعطي بسخاء دون حد للعطاء يعطي ليصل للحد الذي لا حد له ‘ ومنهم من يرتقي بعطائه فيعطي أفضل مالديه فينظر دائما إلى أفضل ما يملكه ويعطيه ‘ومنهم من يعطى نبل وكرم فيعطي ما يحتاج إليه ‘فكم من محتاج يعطف علي محتاج اقل منه.

ولا انسى ابدا ان من أعلى قمم العطاء من يعطي نفسه من أجل غيره ‘ كالشهيد الذي يدافع عن موطنه ‘ او من يدافع عن عرض غيره وغيرها من الامثله الكثيره ‘ التي تجعلنا مطمئنين ان مازالت الحياة بها خير.

أعتقد أننا أصبحنا في حاجة كبيرة إلى السعي وراء الوعي الذي يجعلنا نعطي ‘ فإن قدرة النفس على العطاء قدره رهيبه لم تصل إليها النفس بسهولة ‘ لان التوازن النفسي معادلة لا يدركها سوا من يفهمها ويقدرها ‘ فلا تقدر على إعطاء من حولك إلا إذا كنت قادر على إعطاء نفسك اولا ‘ وتلك هي الموازنة التي لابد من الوصول إليها في حقوقك الاجتماعية والفكرية والعملية .

فعليك أن تتعلم.
تعلم أن تبتسم فيبتسم إليك من حولك وكل من يراك فذلك عطاء ‘ تعلم أن تقتسم عيشك مع من بجوارك فيسوق الله إليك من يقتسم عيشه كله معك فذلك عطاء ‘ تعلم ان تنشر علمك فيتعلم كل من حولك ويعلمه من بعدك فذلك عطاء ‘ تعلم أن تساعد من يحتاجك حتى ولو بالمواساة فيسوق الله إليك من يساعدك بالمشاركة ‘ تعلم أن تعطي دون مقابل ‘ تعلم أن تعطي لكي يعطي اليك.
تعلم ان تضع بصمتك اينما ذهبت واينما كنت.