عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

مصر والتحدي


انتخاب مصر كعضو غير دائم بمجلس الأمن، وحصولنا على أصوات 179 دولة، وهو أعلى بكثير من نسبة الثلثين المطلوبة، يمثل انتصارًا للدبلوماسية المصرية، واعترافًا دوليًا بالأوضاع الجديدة في مصر، ما بعد 30 يونيو 2013.

دخول مصر مجلس الأمن، صاحب التأثير الكبير في قضايا السلم والأمن الدوليين، يتيح لها عرض وجهة نظرها في القضايا المختلفة أمام هذا المحفل المهم. إلا أنه سوف يمثل أيضًا تحديًا للدبلوماسية المصرية، وسيكون عليها تبني مواقف واضحة من عدد من التحولات الكبرى في العلاقات الدولية، والتي ستكون محل نقاش أو تصويت بالمجلس.

أحد هذه التحولات هو العودة لأجواء الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وروسيا، وهي الأجواء التي شلت حركة مجلس الأمن في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية. الولايات المتحدة تتبنى من جديد سياسات حصار واحتواء روسيا، والتي بدأت بالسعي لتوسيع النطاق الجغرافي لحلف شمال الأطلنطي "الناتو" حتى يصل للحدود الروسية وتشجيع الحلفاء السابقين للاتحاد السوفيتي على الانضمام للناتو، وكان آخرهم أوكرانيا، وهو ما دفع روسيا للتدخل بها وضم شبه جزيرة القرم. يضاف لذلك قيام الولايات المتحدة بنشر نظام الدفاع الصاروخي في أوروبا، والموجه أساسًا لروسيا. والآن امتدت أجواء الحرب الباردة بين البلدين إلى الأزمة السورية.

الأزمة الأوكرانية والسياسة الخارجية الروسية، سوف تكون بالتأكيد محل جدل بمجلس الأمن، خاصة بعد انتخاب أوكرانيا أيضًا كعضو غير دائم بالمجلس، وستواجه مصر تحديًا يتعلق بتبنى موقف يحافظ على علاقتها القديمة مع الولايات المتحدة، وفي نفس الوقت علاقتها المتجددة والمتزايدة مع روسيا، وهو أمر ليس بالسهل.

التحدي الدولي الآخر يتعلق بالصين، فبالرغم من قوتها الاقتصادية، إلا أن الولايات المتحدة لا تريد أن تكون لها مكانة في المؤسسات الاقتصادية الدولية، وترغب في استمرار هيمنتها على هذه المؤسسات خاصة البنك الدولي وصندوق النقد. هذا الموقف الأمريكي المتعنت ساهم في قيام الصين بإنشاء البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في العام الماضي، والذي يعتقد كثيرون، أنه يمكن أن يمثل بديلاً للبنك الدولي، وللمؤسسات الاقتصادية الدولية التي نشأت برعاية أمريكية بعد الحرب العالمية الثانية، أي بداية لقطبية ثنائية في عالم الاقتصاد بين الولايات المتحدة والصين.

هناك أيضًا تخوفات أمريكية من أن النفوذ الصيني لن يقتصر فقط على الجانب الاقتصادي، بل سوف يمتد إلى نفوذ عسكري وإقليمي في القارة الآسيوية، خاصة منطقة بحر الصين الجنوبي، التي مدت الصين مجال سيادتها الجوي عليها، ودخلت في نزاع على السيادة على هذه المنطقة مع دول آسيوية أخرى.

الموقف من الصين سوف يكون بالتأكيد على أجندة مجلس الأمن، خاصة بعد انتخاب اليابان لعضوية المجلس. هنا سيكون على مصر أيضًا تبني موقف متوازن يحافظ على علاقتها بالأطراف المختلفة.