بالأرقام.. أكذوبة النهضة الاقتصادية التركية في عهد حكومة العدالة والتنمية

برزت مجموعة من العوامل أدت بشكل كبير إلى التراجع الاقتصادي بتركيا، والذي نجم عن تقلص حجم التبادل التجاري مع روسيا والعراق، وكذلك مع سوريا، وإلى حد ما مع دول الخليج.
وإضافة لتلك العوامل، فهناك فضائح الفساد وعدم الاستقرار الداخلي، خاصة بعد انتهاء هدنة وقف إطلاق النار بين الحكومة التركية ومنظمة حزب العمال الكردستاني، علاوة على الحرب في أوكرانيا، فضلا عن بروز تنظيم (داعش) الإرهابي وسيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا، وكل ذلك لعب دورًا أساسيًا في انخفاض حجم التجارة بين تركيا والدول العربية، مما وجه بالتالي ضربة موجعة للاقتصاد التركي الذي كان يمر من الأساس بمرحلة صعبة ستتفاقم في ظل غموض الأفق السياسي والأمني.
بدأت بوادر الضعف الاقتصادي منذ السنوات الثلاثة الأخيرة، حيث تراجع معدل النمو الاقتصادي من 10% في النصف الأول من عام 2011 إلى 4ر2% حاليا، ولم تبق هناك مؤشرات اقتصادية إيجابية يمكن لحكومة العدالة والتنمية أن تتباهى بها، فمعدل النمو تباطأ، وسعر صرف الليرة التركية مقابل العملات الصعبة قد شهد تراجعا كبيرا، فيما تراجعت أيضا أسهم بورصة إسطنبول بنسبة 20% خلال أشهر عام 2015.
وانحرفت خطط تحقيق أهداف البرنامج متوسط الأجل لحكومة العدالة والتنمية بلا شك عن معدلاتها المستهدفة 23% في عام 2012، و48% في عام 2013، و63% في عام 2014، و76% في عام 2015.
ووفقا لبيانات معهد الإحصاءات التركي (تورك ستات) - الذي تسلم مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بأنقرة نسخة منه اليوم الثلاثاء - فإن معدل البطالة وصل إلى 5ر6% في عام 2000، و4ر8% في عام 2001، و10% في عام 2010، حتى وصل معدل البطالة بتركيا اليوم إلى 6ر10%.
وشهدت أسعار البنزين والمشتقات النفطية زيادة كبيرة في الآونة الأخيرة بتركيا، حيث ارتفعت أسعار البنزين بمقدار خمس مرات خلال الشهرين الأخيرين على الرغم من انخفاض أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية، بينما بلغت قيمة الديون المترتبة على المواطنين الأتراك لدى البنوك 5ر6 مليار ليرة تركية في عام 2002، ووصلت اليوم إلى 382 مليار ليرة، كما تحملت خزينة الدولة 135 مليار ليرة للفوائد خلال عام 2002، ووصلت مبالغ تحمل الخزانة العامة للدولة للفوائد في عهد حكومة العدالة والتنمية إلى 649 مليار ليرة.
وعلى صعيد السياحة، فقد انخفض عدد السياح الروس القادمين إلى مدينة آنطاليا الساحلية المطلة على البحر المتوسط بجنوبي تركيا بنسبة 81% في شهر يناير 2016، مقارنة بنفس الشهر من عام 2015، أي من 12870 إلى 2427 سائحا روسيا فقط.
كما انخفض عدد السياح الألمان القادمين إلى آنطاليا في شهر يناير 2016 بنسبة 16% مقارنة بنفس الشهر من عام 2015، أي من 52731 إلى 44262 سائحا ألمانيا، فيما ارتفع عدد السياح الإسرائيليين القادمين إلى تركيا بنسبة 122%، أي من 2008 إلى 4475 سائحا إسرائيليا مقارنة بنفس الشهر من عام 2015.
ومن جانب آخر، وصلت قيمة الديون الخارجية المترتبة على تركيا في الربع الأخير من عام 2015 إلى 405 مليارات دولار، من 126 مليار دولار عند تولي حكومة العدالة والتنمية مقاليد السلطة بالبلاد في عام 2002، بينما ارتفع حجم الدين الداخلي من 170 مليون دولار في عام 2005 إلى 450 مليون دولار بنهاية عام 2015.
وكان للتطورات السلبية في منطقة الشرق الأوسط وتدهور العلاقات التركية-الروسية نصيبا من الضربة الموجعة التي تلقتها الصادرات التركية، حيث أكد مجلس المصدرين الأتراك أن حجم الصادرات التركية قد سجل 730ر143 مليار دولار بنهاية عام 2015، أي تراجع بنسبة 7ر8% عن معدلات الصادرات في عام 2014.
كما تراجع مؤشر الثقة في الاقتصاد التركي إلى أدنى مستوى له منذ يناير 2012، ليصل إلى 86 من 100 نقطة، وكل هذه الأرقام الصادرة عن هيئة إحصاءات الدولة تؤكد بشكل قوي أن الدعاية التي تتبناها الحكومة ويروج لها إعلامها الموالي لها حول النهضة الاقتصادية التي أحدثها حزب العدالة والتنمية منذ مجيئه إلى السلطة وحتى اليوم لم تكن إلا أكذوبة كبيرة، وربما الرفاهية الظاهرة للشعب التركي لا تتعد كونها رفاهية بطاقات الائتمان والاستدانة التي يعاني منها كل مواطن بالبلاد.