عاجل
الثلاثاء 25 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

"نوبة العشاق".. فيلم مغربي يستعيد مجد السينما التاريخية

من فيلم نوبة العشاق
من فيلم نوبة العشاق

عاد المخرج المغربي كمال كمال إلى القاعات السينمائية الوطنية بعمل جديد يحمل عنوان "نوبة العشاق"؛ وهو شريط تاريخي يستحضر الذاكرة الشعبية المغربية، ويعيد إلى الواجهة نمطًا من السينما التراثية التي غابت عن المشهد خلال السنوات الأخيرة.

وحسب المعطيات التي توصلت بها "هسبريس"، يرتقب أن يبدأ عرض الفيلم في القاعات المغربية ابتداء من 19 نوفبر الجاري، في إطار سعي المخرج إلى استعادة أمجاد السينما التاريخية ذات البعد الثقافي والإنساني.

وينهل فيلم "نوبة العشاق" من التاريخ المغربي الغني بالتجارب الإنسانية والفكرية، ويغوص في عالم الموسيقى الأندلسية التي تشكل إحدى ركائز الهوية الفنية المغربية، ويروي هذا الشريط حكاية "حماد"، الصانع التقليدي العاشق للموسيقى، الذي يعيش حياة بسيطة وهادئة قبل أن يدخل في متاهة من الأحداث المأساوية، حين يطلب منه صناعة أسطرلاب بحري من طرف مغامر برتغالي؛ غير أن هذا الحدث يقلب مجرى حياته رأسًا على عقب بعد اختفاء الأسطرلاب ومقتل صديقه المقرب، ما يؤدي إلى اتهامه زورًا بجريمة القتل.

وفي ظل هذه المأساة، يفقد "حماد" توازنه النفسي، ليجد نفسه في "المارستان" بفاس، حيث يخضع لجلسات علاج بالموسيقى، في محاولة لاستعادة صفاء روحه وذاكرته.

ويولي المخرج كمال كمال أهمية خاصة للغة في أعماله، إذ يعتمد في "نوبة العشاق" على دارجة مغربية مبسطة خالية من المفردات الدخيلة، بما يعكس حرصه على نقاء التعبير اللغوي وارتباطه بالأصالة المغربية.

وفي هذا الصدد، أشار ربيع القاطي، أحد أبطال الشريط، إلى أن اللغة التي يتحدث بها في الفيلم هي لغة قريبة من العربية الأصلية، بعيدة عن المفردات الأجنبية التي طغت على الدارجة في العقود الأخيرة.

وتابع القاطي، في تصريح لهسبريس، أن العمل لا يقتصر على بعده التاريخي فحسب؛ بل يقدم رؤية إنسانية متكاملة تمزج بين الحب والجنون والمعاناة.


وأضاف الممثل المغربي ذاته، المشارك في فيلم "نوبة العشاق"، أن هذا الأخير يسلط الضوء على تجارب إنسانية دقيقة مرتبطة بالمشاعر؛ من خلال لحظات حب تجمع شخصيته بمريم، وسفر في الزمان والمكان لاكتشاف المجتمع المغربي قبل قرون مضت”.

وكشف المتحدث ذاته أنه يجسد في الفيلم دور "أحمد الخزرجي"، وهو شاب مغربي ابن عائلة عريقة بمدينة فاس؛ الناظم للكلام والحرفي والعالم الفقهي والفلكي، موضحًا أن هذه الشخصية تجسد البعد العلمي لخيرة الشباب المغاربة والدور الذي قاموا به آنذاك في الحياة الاجتماعية والعلمية.

ويمثل "نوبة العشاق" رحلة فنية وتاريخية في عمق الدولة الوطاسية؛ من خلال إعادة بناء فضاءاتها الاجتماعية والعلمية والثقافية، ويقدم هذا العمل رؤية سينمائية مختلفة تعيد الاعتبار لمرحلة مهمة من تاريخ المغرب، حيث تتقاطع الفنون والمعارف مع القيم الروحية والإنسانية.

والفيلم من إنتاج عبد المجيد بلوطي، ويجمع ثلة من الممثلين المغاربة البارزين؛ من بينهم سعيد باي وإدريس الروخ وربيع القاطي وسناء العلوي وزكرياء لحلو وكريم الدكالي، إلى جانب أسماء أخرى من الجيلين القديم والجديد، وقد راهن كمال كمال على توزيع الأدوار بشكل يتيح لكل ممثل مساحة للتعبير عن الشخصية بعمق إنساني وجمالي.

ويؤكد كمال كمال، من خلال هذا العمل الجديد، تمسكه بمشروعه الإبداعي الذي يقوم على المزج بين الموسيقى والتاريخ والذاكرة الجماعية، في تجربة فنية تنهل من الماضي لتخاطب وجدان الحاضر.


ويرتقب أن يشكل فيلم "نوبة العشاق" إضافة نوعية للمشهد السينمائي المغربي؛ لما يحمله من عمق بصري وموسيقي، وما يطرحه من تساؤلات حول العلاقة بين الفن وبين الحلم والحقيقة، في مجتمع يعيش على إيقاع تحولات عميقة في تاريخه وهويته الثقافية.

يذكر أن الأسطرلاب هو أداة فلكية قديمة تعمل كنموذج ثنائي الأبعاد للسماء، وتستخدم في تحديد الوقت واتجاه القبلة، وحساب المواقع السماوية، والملاحة. تم تطويرها في اليونان القديمة وطورها العلماء المسلمون بشكل كبير، ويمكن اعتباره "كمبيوتر عصر النهضة" لأنه قادر على حل العديد من المسائل الفلكية والحسابية، وكان يستخدم في تحديد ارتفاع الأجرام السماوية وقياس الزوايا.