مشكلة النظافة.. ذلك العار القومي
من منا لا يشعر بالخجل والأسى عندما يرى صور القاهرة في الثلاثينات والأربيعينات من القرن الماضي أو عندما يشاهد الأفلام القديمة ويتحسر على ما آلت اليه أوضاع النظافة في جميع أنحاء مصر وليست فقط العاصمة؟ هل سبق لك أن شعرت بالخجل حين تحدث اليك زائر أجنبي أو سائح عربي عن الأكوام الضخمة من القمامة المتناثرة في كل مكان وفي الطرقات - حتى في الأحياء السكنية الراقية؟.
دعنا نسمي الأمور بالمسميات الصحيحة، أنه العار القومي الذي لحق بمصر وأخشى أن نورثه إلى الأجيال القادمة، أن مشكلة النظافة ليست مسؤولية جهة بعينها، وإنما هي مسؤولية مشتركة تقع على جميع الجهات الحكومية وجميع أفراد المجتمع وقطاعات الأعمال أي "نحن جميعا مسئولون".
أندهش كثيرًا عندما أسمع الأغاني الوطنية والمواطنين يتحدثون عن حب مصر ويفخرون بحضارتها التي تمتد عبر سبعة آلاف سنة، وفي الوقت ذاته لا يجدون غضاضة في رمي المخلفات في الطرق – وأن كانت بسيطة، كما أتعجب من أننا دائما نصف أنفسنا بالشعب المتدين بطبعه بينما لا نتقيد بتعاليم الدين بالمحافظة على النظافة وإماطة الأذى عن الطريق، ما هذا التناقض الغريب الذي يسيطر على سلوك المصريين بمختلف الفئات الاجتماعية والمستويات التعليمية؟.
هذا هو الحال مع الأسف الشديد أن أرى المواطنين في البلدان الأقل تقدما لديهم شعور أكبر بالمسؤولية تجاه الحفاظ على بلادهم نظيفة، بالطبع، هذا لا يعني عدم تحميل الحكومة والهيئات المعنية مسؤولية الأداء المتراخي وقصور التفكير في كيفية معالجة الأسباب الأساسية للمشكلة وليس الأعراض فحسب.
من الخطأ أن نعالج مشكلة النظافة على أنها مشكلة سطحية مستقلة ومنفصلة عن منظومة البيئة ونختزلها فقط في رفع القمامة و المخلفات، حل مشكلة النظافة لابد أن يرتكز على عدة محاور رئيسية وهي، أولا، حماية البيئة ومنع التلوث، لابد أن من ادخال البعد البيئي في جميع مشاريع البنية التحتية من خلال تقييم الأثر البيئي لكل مشروع.
ثانياً: تفعيل الأنظمة والقوانين، على الرغم من صدور قانون البيئة رقم 9 لسنة 2009 الذي يكفل حماية البيئة ومواردها الطبيعة وتنظم حياة المجتمع، الا أن تفعيل القانون ضعيف للغاية.
ثالثاً: بناء وتطوير الانسان وتثيقفة، من خلال نشر الوعي البيئي على جميع المستويات، وأن يتم تدريس البيئة والمسائل الخاصة بالنظافة في المناهج الدراسية بداية من المرحلة الابتدائية، كذلك نشر التوعية من خلال الإعلام والقوافل الميدانية ودور العبادة.
رابعا: تحفيز المواطن كشريك أساسى في المحافظة على البيئة - من خلال استخدام أساليب تحفيز مختلفة "مثل مسابقة أنظف شارع، أجمل حديقة.. الخ".
خامسا: تشجيع مشاريع الاستثمار الأخضر – من خلال دعم تلك المشاريع وتسهيل تنفيذها، وتشجيع الشركات على مبادرات المسئولية الاجتماعية في مجال المحافظة على البيئة.
سادسا: دعم جمعيات ومنظمات المجتمع المدني العاملة في مجال البيئة.
اللهم إني قد بلغت اللهم فاشهد!.