عاجل
الثلاثاء 13 مايو 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

الفساد في مصر


لو كان الفساد رجلًا لقتلته!! الفساد هو العدو الشرس الذي يتغلغل في مجتمعنا يلتهم أرزاقنا وقوت أطفالنا ولا يعمل إلا في الظلام ليهدم حياتنا.. هو ذلك المرض العُضال الذي يستشرى في جسد المجتمع حتى يُنهكه ويستنفد ما لديه من موارد.

والفساد قديم قدم الأزل وقد ذُكر في القرآن في عدة سور منها قوله تعالى: "فَلَوْلاَ كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُوْلُواْ بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ في الأَرْضِ إِلاَّ قَلِيلًا مِّمَّنْ أَنجَيْنَا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مَا أُتْرِفُواْ فِيهِ وَكَانُواْ مُجْرِمِينَ" هود 116. 

لذلك نحن مأمورون كأفراد بمكافحة الفساد من الناحية الشرعية، كما أن الدولة والجهاز التنفيذي مسئولون عن ملف الفساد من خلال وضع الأطر الحاكمة والإجراءات التنفيذية الملائمة والموارد اللازمة لمكافحة الفساد والكشف عن حالات الفساد وسرعة إصدار الأحكام في قضايا الفساد. 

وفقًا لتعريف منظمة الشفافية الدولية، الفساد هو "السلوك الذي يمارسه المسئولون في القطاع العام أو القطاع الحكومي، سواء كانوا سياسيين أو موظفين مدنيين بهدف إثراء أنفسهم أو أقربائهم بصورة غير قانونية ومن خلال إساءة استخدام السلطة الممنوحة لهم".

أما قانون العقوبات المصري فهو لم يُعرّف جريمة الفساد، وإنما اقتصر على مفهـوم جريمة الرشوة "مادة 103 مكرر" حيث عرفت المرتشي بأنه "كل موظف عمومي يطلب لنفسه أو لغيرة أو قبل أو أخذ وعدًا أو عطية لأداء عمل يعتقد خطأ أو يزعم أنه من أعمال وظيفته أو الامتناع عنه". وأعتقد أن نطاق الفساد أكبر من أن يقتصر على جريمة واحدة مثل الرشوة.

بصفة عامة، ينقسم الفساد إلى مجموعتين.. فساد الكبار وفساد الصغار والفقراء، فساد الكبار مرتبط بالمسئولين على قمة الهرم الاجتماعي والسياسي، سواء في الجهاز التنفيذي أو التشريعي أو الأمني. 

أما فساد الصغار والفقراء فهو أيضًا مستشرى في المجتمع المصري لعدة أسباب منها سياسات الإفقار التي مارستها الحكومات عبر مختلف العصور، واتساع الفجوة في الدخول، وارتفاع الأسعار المستمر دون تدخل الدولة لكبح غول الغلاء وجشع التجار، وغياب "القدوة" في قمة هرم السلطة والمجتمع، بالإضافة إلى ضعف دور أجهزة الرقابة في الدولة.

تتعدّد مجالات الفساد في مصر إلى نطاق واسع منها المجالات الآتية على سبيل المثال لا الحصر: 

 • المشتريات الحكومية

 • تقسيم وبيع الأراضي والعقارات

•  نظم تحصيل الضرائب والجمارك

•  إدارات الحكم المحلى في المحافظات

 • قطاع المقاولات وتخصيص الأراضي وشقق المدن الجديدة والبنية الأساسية.

•  عمولات السلاح ووسائل نقلها.

•  خصخصة وبيع الشركات العامة ونظم تقييم الأصول والممتلكات والأراضي المملوكة لقطاع الأعمال.

 • تجارة العملات الأجنبية والمضاربة على سعر صرف العملة.

 • الصحافة ومؤسساتها وافساد الصحفيين عبر وسائل شتى والإعفاء غير القانوني للمؤسسات الصحفية القومية

•  الإبقاء على فساد النظام الصحي الحكومي من أجل إتاحة الفرص لتوسع المستشفيات الاستثمارية

• إبقاء النظام التعليمي الحكومي غير فعال لصالح نظام تعليمي غير رسمي أو السوق التعليمية السوداء" دروس الخصوصية - مدارس خاصة وأجنبية".

أما الفساد الصغير، وهو ما يُعرف بفساد الموظفين، يأخذ أشكالًا متعددة مثل:

•  عدم فاعلية نظام الأمن الرسمي لصالح نمو وتفشى نظام "أمن غير رسمي أو مواز"، "لا تحرر أقسام الشرطة محاضر لمواطنين إلا بالوساطة ولا تجرى التحريات لكشف السرقات وضبط المتهمين إلا بالمحسوبية والرشاوى".

•  الإكراميات والمدفوعات غير الرسمية: 2 مليون مريض في المستشفيات العامة والحكومية حيث تقدم الخدمة غالبًا من خلال الإكراميات والوساطة. كذلك هناك أكثر من 627 خدمة حكومية متنوعة يقدمها موظفي الحكومة ذوى الدخول المتدنية للغاية من خلال بيروقراطية تفسح المجال للرشاوى والإكراميات. 

من المستحيل أن يتم القضاء على الفساد في سنوات قليلة.. والشاهد هنا قيام ثورتين في مصر ولم يتغير الحال، بل أعتقد أن الحال يمضي إلى الأسوأ.. ربما المقترحات التالية تكون مفيدة لدراستها ووضعها ضمن إطار مشروع قومي لا يقل في أهميته عن مشروع قناة السويس الجديدة:

•  توفيق القوانين وإلغاء اللوائح المكررة أو المتعارضة لتقليل العقبات التي تعرقل القيام بالأعمال والقضاء على أسباب الرشوة.

 • إصدار قانون حرية تداول المعلومات. 

 • دعم الشفافية كأساس للتعاقد والمشتريات الحكومية لضمان تحقيق النزاهة والمنافسة الشريفة.

 • دمج القطاع غير الرسمي في الاقتصاد الرسمي لخفض المعوقات التي تمنع إنشاء الشركات واستمرار عملها بشكل رسمي. 

 • تبسيط القوانين الضريبية من أجل تقييد استخدام التقدير الشخصي في تطبيق الضرائب وتقليل نسبة التهرب من الضرائب بخفضها.

• إصلاح نظام العمل في الحكومة من خلال منح موظفي الحكومة مرتبات تكفى لتغطية احتياجاتهم لتقليل الطلب على الرشوة بالإضافة إلى إعداد قواعد ومعايير جادة لقياس الأداء ومتابعته تدريب العاملين. 

• وضع قواعد واضحة لتضارب المصالح للقطاع العام والحكومي.

• توحيد معايير المحاسبة ومراجعة الحسابات.

• إشراك المجتمع المدني في محاربة الفساد.


[email protected]