"لجنة أممية": "داعش" يرتكب جرائم حرب في سوريا

أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المكلفة من قبل مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة، اليوم الاثنين، تقريرها الجديد حول انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا والذي تركز هذه المرة على حالات وفيات المحتجزين داخل سجون ومراكز احتجاز الحكومة السورية وأيضًا المجموعات المسلحة مثل "جبهة النصرة" و"داعش".
واتهمت اللجنة في تقريرها المكون من 30 صفحة، الحكومة السورية بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، تمثلت في الإبادة والقتل والاغتصاب وغيره من أشكال العنف الجنسى والتعذيب والسجن والاختفاء القسرى، فى الوقت الذى اتهمت المجموعات المسلحة "جبهة النصرة" و"داعش" بارتكاب جرائم حرب، تتمثل في القتل والمعاملة القاسية والتعذيب.
وقال تقرير اللجنة الدولية، الذي يتناول حالات قتل المحتجزين فى الفترة من 10 مارس 2011 إلى 30 نوفمبر 2015، واستند إلى 621 مقابلة إضافة إلى مجموعة هائلة من الوثائق، إن سوريا شهدت عنفًا هائلاً وممنهجًا بما فى ذلك قتل المحتجزين فى مراكز الاحتجاز الرسمية والمؤقتة بعيدًا عن الأنظار وساحات القتال.
وأشار إلى أن المحتجزين لدى الحكومة تعرضوا للضرب حتى الموت أو ماتوا نتيجة الإصابات جراء التعذيب، كما مات آخرون نتيجة الظروف المعيشية غير الإنسانية، فى الوقت الذى شهدت أماكن الاحتجاز الخاضعة للمجموعات المسلحة المناهضة للحكومة تعرض الأسرى من جنود الحكومة فيها لسوء المعاملة والإعدام، وتم إعدام آخرين ميدانيًا بعد محاكمات غير مشروعة.
وشددت اللجنة فى تقريرها على ضرورة أن تشكل المساءلة عن هذه الجرائم وغيرها جزءا من أى حل سياسى، وقالت إن وضع المحتجزين حرج ويمثل أزمة ملحة واسعة النطاق وبما يوجب اتخاذ خطوات عاجلة من جانب الحكومة السورية والمجموعات المسلحة والداعمين الخارجين والمجتمع الدولى، من أجل منع حدوث المزيد من الوفيات.
وأضافت اللجنة أن الوفيات أثناء الاحتجاز تحدث فى شبه سرية كاملة ولا تحظى فى معظمها باهتمام الرأى العام الدولى والخطاب السياسى حول العنف فى سوريا، رغم آثارها المدمرة على حياة مئات الآلاف من السوريين، مؤكدة على أنه لا يمكن في صدد هذه الوفيات التذرع بالضرورات العسكرية كتبرير قانوني.
وأشارت اللجنة فى تقريرها إلى أن الحكومة السورية تحتجز فى كل وقت عشرات الألوف من الأشخاص، بينما اختفى آخرون بعد القاء القبض عليهم على أيدي القوات الحكومية أو أثناء تنقلهم عبر الأراضي الواقعة تحت سيطرة الحكومة او اختفوا، بعد أن اختطفتهم جماعات مسلحة.
ولفتت إلى أن إفادات مئات من المحتجزين الناجين، وبخاصة الذين اعتقلوا فى مرافق تسيطر عليها وكالات المخابرات السورية، ترسم صورة مرعبة لحجم الانتهاكات الجارية، وقالت اللجنة، إنها أجرت أكثر من 200 مقابلة مع محتجزين سابقين كانوا حضورا عند موت زملائهم فى الزنازين، وشددت اللجنة على أنه بعد سيطرة المجموعات المسلحة والمنظمات الإرهابية على بعض المناطق، قاموا أيضًا باحتجاز سجناء فى ظروف بالغة الوحشية.
وذكرت اللجنة، أنه تم تحليل احتمال جرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب، استنادًا إلى التعريف الوارد فى نظام روما الأساسى للمحكمة الجنائية الدولية، وقالت إن السوابق كانت القانونية من المحاكم الجنائية الدولية وخاصة من المحكمتين الدوليتين ليوغسلافيا السابقة ورواندا.
وأضافت اللجنة، أن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف لعام 1949 والتى تعتبر الجمهورية السورية طرفًا فيها وغيرها من مواد القانون العرفى الدولى المنطبق فى النزاعات المسلحة تجرم القتل والتعذيب والإعدام بدون مراعاة الأصول القانونية الواجبة، مؤكدة أن هذة الالتزامات ملزمة لكل المجموعات المسلحة غير التابعة للدول وكذلك مؤسسات الدولة المشاركة فى القتال.
وأشارت اللجنة الدولية، إلى أن إجراءات المحاكمة العادلة وكفالة الحقوق القانونية الواجبة للمحتجزين، أخفقت فيها الحكومة السورية، والأمر نفسه بالنسبة للجماعات المسلحة التى استخدمت نهج الإعدامات الميدانية، ووفقًا لآراء محاكم غير مشروعة، وقالت إن الممارسات داخل مراكز الاحتجاز سواء التى تديرها الأجهزة الأمنية السورية أو المخابرات والشرطة العسكرية السورية أدت إلى معظم الوفيات.
ونوهت بأن الوفيات التى حدثت داخل السجون لابد وأنها معروفة بين الرؤساء المدنيين وكذلك العسكريين على أعلى المستويات وأيضًا الرؤساء المدنيين فى أعلى مستويات الحكومة على علم بالجرائم أو ادعاءات الجرائم التى يرتكبها مرؤوسوهم، سواء فى سلم القيادة المدنية أو العسكرية، وأن هؤلاء الرؤساء تجاهلوا عمدا هذة المعلومات وبالتالى فهم مسؤولون جنائيا وبصورة فردية عن الجرائم المرتكبة فى أماكن الاحتجاز.
وذكرت اللجنة أنه ومع أن حوادث القتل والتعذيب ومايتصل بها من عنف ضد الأشخاص المحرومين من حريتهم تحدث أيضا فى المناطق الخاضعة لسيطرة المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة إلا أن لم يتم توثيق أى ممارسة مؤسسية أو متسقة من أعمال التوقيف والاحتجاز التعسفى والتعذيب والقتل على نطاق واسع ضد المدنيين المحتجزين فى مناطق المجموعات المسلحة وحدثت الاعتداءات الواقعة على المحتجزين وقتلهم أساسا فى سياق أسر واحتجاز جنود الحكومة ومقاتلى المجموعات المتمردة المتنافسة.
وقالت اللجنة إن حل مجموعات مسلحة واعادة تشكيلها فى أحوال كثيرة أدى الى عدم قدرة اللجنة والضحايا على تحديد الجناة بدقة اضافة الى صعوبة تحديد اماكن المحتجزين السابقين نتيجة اعداد المعتقلين الصغيرة نسبيا مقارنة بالاعداد الموجودة فى قبضة الحكومة .
ودعت اللجنة فى توصياتها الواردة بالتقرير الجديد، الحكومة السورية الى اتخاذ تدابير عاجلة لحماية ارواح جميع المحتجزين لديها بما فى ذلك اصدار اوامر مباشرة الى العاملين العسكريين وفى المخابرات والميليشيات المرتبطة بها للامتناع عن اى شكل من اشكال سوء معاملة المحتجزين او الاعتداء عليهم والقيام برصد دقيق للامتثال لأوامرها.
كما طالبت اللجنة بتعليق فورى لأى تنفيذ لأحكام الإعدام، سواء كانت صادرة عن محاكم عسكرية أو مدنية أو ميدانية واتخاذ خطوات مراعاة الأصول الإجرائية، بما فى ذلك شفافية المداولات والحق فى الاستئناف القضائى والافراج عن المحتجزين تعسفيا ووقف حبس القصر مع البالغين وعدم قبول الأقوال الماخوذة تحت التعذيب واتاحة معلومات سجل الاحتجاز للاقارب والمنظمات الدولية التى تقوم بجمع المعلومات عن الاشخاص المختفين.
وطالبت اللجنة كذلك المجموعات المسلحة بالامتثال بشكل عاجل لمعايير حقوق الانسان والقانون الانسانى الدولى وانهاء المحاكمات غير القانونية والتعذيب والإعدام الميدانى، وكذلك خطف واخذ رهائن واى سلوك يشبه الاختفاء القسرى وفتح الطريق امام الصليب الاحمر وغيره من المنظمات المعترف بها التى تقوم برصد معاملة المحتجزين واحوال السجون والوصول الى مرافق الاحتجاز وفى توصياتها لجبهة النصرة وداعش طالبت اللجنة برفض الأساليب العنيفة فيما يتعلق بتطبيق قوانين الشريعة وإنهاء المحاكمات غير القانونية والإعدام الميدانى والإخفاء القسرى.
ودعت اللجنة إلى كفالة إنفاذ المساءلة ورفع الحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية أو غيرها من الآليات القضائية، واعتماد عقوبات محددة ضد الأشخاص والوكالات والمجموعات التى تحوم حولها شبهات معقولة بأنها مسؤولة أو متواطئة فى السلوك الذى يؤدى إلى الوفاة أثناء الاحتجاز والتعذيب والاختفاء القسرى.