عاجل
الثلاثاء 05 أغسطس 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

إعادة تكوين الجزيئات الأولى للكون في تجربة مخبرية فريدة

أرشيفية
أرشيفية

أعاد فريق من العلماء لأول مرة تكوين الجزيئات الأولى التي تشكّلت في الكون، في تجربة تحاكي ظروف ما بعد الانفجار العظيم، ما أدى إلى اكتشافات قد تغيّر فهمنا لنشوء النجوم الأولى.

وأكد العلماء أن هذه التجربة تدعو إلى إعادة النظر في كيمياء الهيليوم خلال بدايات نشأة الكون، وتُبرز أهمية بعض الجزيئات التي لم تكن تحظى باهتمام كاف في السابق.

فبعد نحو 13.8 مليار سنة من الانفجار العظيم، نشأ الكون في بيئة شديدة الحرارة. وبعد ثوان قليلة، بدأت درجات الحرارة بالانخفاض، ما سمح بتشكّل أول عنصرين كيميائيين: الهيدروجين والهيليوم.

ومع مرور مئات الآلاف من السنين، أصبحت الظروف ملائمة لاندماج ذرات هذه العناصر مع الإلكترونات، لتشكيل أولى الجزيئات، وعلى رأسها أيون هيدريد الهيليوم (HeH⁺)، الذي يعتقد أنه أول جزيء ظهر في الكون.

ويعد هذا الجزيء أساسيا في تكوين الهيدروجين الجزيئي، أكثر الجزيئات وفرة في الكون حاليا، كما أن له دورا محوريا في تبريد الغاز الكوني، ما مهد الطريق لتشكل النجوم الأولى.

ولتبدأ النجوم في التكوّن، تحتاج الغازات إلى التبريد وبدء عمليات الاندماج النووي. لكن هذه العملية تكون غير فعّالة في درجات حرارة تقل عن 10,000 درجة مئوية. وهنا يبرز دور HeH⁺، الذي أظهر قدرة استثنائية على تعزيز التفاعلات حتى في الظروف الباردة.

وأشار العلماء إلى أن كمية هذه الأيونات في الكون المبكر ربما أثّرت بشكل كبير في سرعة وكفاءة تشكّل النجوم، ما يجعلها أكثر أهمية مما كان يُعتقد سابقا.

وفي الدراسة الجديدة، قام فريق البحث بمحاكاة هذه الظروف من خلال تخزين أيونات هيدريد الهيليوم عند درجة حرارة 267 درجة مئوية تحت الصفر، ثم إجبارها على الاصطدام بذرات الهيدروجين الثقيل. وقد درسوا التفاعلات الناتجة ومدى تأثرها بدرجات الحرارة المنخفضة.

والمفاجأة كانت أن معدلات التفاعل لم تتباطأ كما توقّعت النماذج النظرية السابقة، بل بقيت فعالة. وقال الدكتور هولجر كريكل من معهد ماكس بلانك للفيزياء النووية:"توقّعت النظريات القديمة انخفاضًا كبيرًا في احتمالية التفاعل عند البرودة الشديدة، لكننا لم نرَ ذلك، لا في الحسابات ولا في التجربة".

وتشير هذه النتائج إلى أن التفاعلات الكيميائية في الكون المبكر كانت أكثر نشاطا مما كان يفترض، ما يدفع إلى إعادة التفكير في كيفية نشوء النجوم الأولى وتطور البنية الكونية.

واختتم كريكل قائلا إن تفاعلات HeH⁺ قد تكون لعبت دورا أكبر بكثير في كيمياء بدايات الكون مما كان متوقعا، ما يفتح الباب أمام مزيد من الأبحاث حول أصل المادة وأولى لحظات التكوين.