برلين تتحرك ضد "الإخوان".. ألمانيا تطلق هيئة لتفكيك نفوذ الجماعة في أوروبا
كشف مصدر رفيع المستوى بالحكومة الألمانية، عن خطة جديدة تقوم عليها وزارة الداخلية، تستهدف تطوير منهج مكافحة الإسلام السياسي في ألمانيا وفي الصدارة جماعة الإخوان، في ظل ما رصد من ارتفاع مؤشرات تهديد قيم الديمقراطية والأمن المجتمعي، ومحاصرة التمويل "المشبوه" لتحقيق هذه التنظيمات أهدافًا جديدة، تحمل درجات خطورة عالية المستوى، على مستوى المجتمع والمؤسسات في ألمانيا.
وقال المصدر في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن الغرض من هذه الهيئة أن تتطور لإنشاء مركز توثيق الإسلام السياسي ورصد الإخوان وتمويلهم في ألمانيا وأوروبا، لتتخذ على أثر ذلك الدولة قرارها بوضعهم على قائمة الإرهاب، موضحًا أن الهيئة ستقدم الأرضية التي تقرر على أساسها الدولة وضع الإخوان وجماعات الإسلام السياسي على لائحة الإرهاب.
وبين المصدر أن تشكيل هذه الهيئة "المجلس الاستشاري للوقاية من الإسلاموية ومكافحتها" يأتي في سياق شعور متزايد في ألمانيا، بأن التعامل مع الإسلاموية والجماعات المتطرفة وعلى رأسهم تنظيم الإخوان، لا يمكن أن يظل مقتصرًا على الجانب الأمني فقط أو ملاحقة العمليات الإرهابية بعد وقوعها، في ظل اقتناع بضرورة أن يكون هناك مواجهة على عدة مستويات اجتماعية ومعلوماتية واستخباراتية، مع الوضع في الاعتبار، أن يكون هناك نوع من التعامل الاستباقي لخطط تعمل عليها هذه الجماعات، والتي من بينها التغلغل داخل المجتمع الألماني وفي داخل مؤسسات الدولة.
وصرح المصدر أن وزارة الداخلية أرادت الانتقال إلى مقاربة أشمل تتناول ما يمكن أن نسميه "البيئة الأيديولوجية" التي تغذي التطرّف، بما في ذلك الإسلام السياسي وتنظيماته المختلفة، وفي الصدارة جماعة الإخوان، وأن يكون هناك تعامل على مستوى قريب ومتصاعد، ويأخذ نوعًا من الوقاية وفي الوقت نفسه الحصار لمناهج وأفكار متطرفة يتم تمريرها باستغلال قيم ديمقراطية وأخرى تتعلق بحقوق الإنسان تكفلها الدولة في ألمانيا.
وأفاد المصدر أن الهيئة الجديدة، التي تعمل ضمن منظومة متكاملة على كافة المستويات لتجهيز كافة الخيوط المتعلقة بالتنظيمات الإرهابية ومنها الإخوان، للوقوف على المنهج والطريقة اللذين سيتم التعامل على أساسهما في المرحلة القادمة ويكون أكثر مقاربة وواقعية وتنفيذًا عمليًا في ظل تنامي هذا الخطر وتهديداته، تضم خمسة عشر خبيرًا من مجالات متعدّدة.
وذكر المصدر أن في إطار المكافحة لن تكون أمنية فقط وأن هناك عملًا على المواجهة الفكرية والميدانية، تضم اللجنة خبراء مختصين في العلوم الدينية، وعلم الاجتماع والعمل الميداني في الوقاية من التطرّف، بالإضافة إلى خبراء من أجهزة الأمن والاستخبارات، على مستوى الحكومة والولايات في ألمانيا، الأمر الذي يعكس رغبة صانعي القرار في ألمانيا، أن يكون على الطاولة بوضوح تمييزًا بين الإسلام كدين والإسلاموية كأيديولوجية سياسية.
وفي هذا السياق، أكد أحد أعضاء الهيئة الألمانية الجديدة، المكونة من 15 خبيرًا ومسؤولًا، أن الهيئة تحمل على عاتقها في المرحلة المقبلة، عملية إعداد خطة عمل مشتركة بين الحكومة الاتحادية والولايات الألمانية لمواجهة الإسلاموية بشكل وقائي واستراتيجي، من خلال تقديم توصيات عملية في مجالات مثل مكافحة التطرف في الفضاء الرقمي، وتدريب الموظفين في المؤسسات العامة على التمييز بين التديّن المشروع والتطرّف، ومواجهة التمويل الخارجي المشبوه لجماعات الإسلام السياسي ومنهم الإخوان.
وأوضح عضو الهيئة الذي طلب عدم الإفصاح عن اسمه في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن التمويل الخارجي المشبوه لهذه الجماعات، من أهم التحديات التي تحتاج إلى تكاتف وتعاون للوقوف على تفاصيل وأبعاد المتحكمين والقائمين على هذه الشبكات وما يتعلق بعمليات غسل الأموال، وهو ما يذهب إلى منظومة الجمعيات والمؤسسات الأهلية التي يستغلها الإخوان وجماعات الإسلام السياسي، لتحقيق أهداف سياسية ومجتمعية لهم داخل ألمانيا باستغلال الدين.
واستكمل المصدر أن من بين دور الهيئة أيضًا العمل على رصد ظاهرة التنمّر الديني في المدارس والجامعات، والتعامل مع معاداة السامية ذات الخلفية الإسلاموية، مشيرًا إلى أن الهيئة تناقش في بداية أعمالها إنشاء "مركز توثيق للإسلام السياسي" لرصد الشبكات والخطابات والمنظمات ذات الطابع الإسلاموي، وهو ما سيكون له أثر كبير في تكوين قاعدة بيانات وتحليل لهذا الخطر يكون موضوعًا في يد مؤسسات الدولة المعنية للتحرك صوب أي خطر من هذه الجماعات وفي صدارتها الإخوان.
وبحسب المصدر، فإن الهيئة مهمتها الأولى تقديم المشورة العلمية والاستراتيجية لوزارة الداخلية وللحكومة لاتخاذ خطوات تنفيذية في مكافحة الإسلام السياسي والإخوان، وتعمل على طرح أدوات عملية في هذا الإطار ضمن القرار السياسي والتنفيذي الموضوع في يد الدولة.
وشدد المصدر على أن هناك أعضاء في الهيئة يعملون ضمن التأكيد على معادلة مزدوجة لمكافحة الإسلاموية بلا تهاون وحماية المسلمين كأقلية دينية من التعميم والوصم.
وستعمل الهيئة الجديدة التابعة لوزارة الداخلية الألمانية على تطوير فريق العمل السابق للوقاية من الإسلاموية، الذي بدأ عمله في عهد الحكومة السابقة في أكتوبر 2024، وذلك من الناحية العملية وإعادة التشكيل من الناحية الشخصية، وسيكون للهيئة الجديدة نطاقًا موضوعيًا أوسع بكثير من فريق العمل السابق.
واهتمت الحكومة الألمانية بتشكيل الهيئة الجديدة لعدة اعتبارات من بينها ما رصد من تهديدات جماعات الإسلام السياسي وعلى رأسهم الإخوان، من تهديد للديمقراطية الحرة وتماسك المجتمع ومحرك للتفكك المجتمع، وهو ما انعكس جانب منه في هجمات إرهابية قامت بها تنظيمات إخوانية خلال المرحلة السابقة، والتي حققت بعضها أهدافها وأحبط الأمن بعضها.
وتتحرك الحكومة الألمانية بهذه الهيئة، مع ما رصد من الأفكار الإخوانية المتطرفة وأيضًا لجماعات الإسلام السياسي في المدارس والجامعات في ألمانيا، في شكل تنمر ديني وفصل صارم بين الجنسين وكذلك ما يعرف بمظاهرات "الخلافة" التي شارك فيها آلاف الأشخاص.
ووجدت الحكومة أن هناك ضرورة في استهداف الأرضية الفكرية للإخوان وجماعات الإسلام السياسي، وهو ما يعتبر من ضمن صميم عمل الهيئة الجديدة، وإلا يكون التركيز فقط على إجراءات حظر الجمعيات الإخوانية.