عاجل
الأربعاء 16 يوليو 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

رسائل الأبنودي "الخفية" في جوابات الأسطى "حراجي القط".. الحلقة الثانية

عبدالرحمن الأبنودى
عبدالرحمن الأبنودى

كُنّا قد استعرضنا فى الحلقة الأولى بعض الرسائل التى كتبها الشاعر الكبير "عبدالرحمن الأبنودى"، والمُرسلة من زوج يعمل فى مشروع السد العالى إلى زوجته "فاطنة"، فى إحدى القرى التابعة لمحافظة قنا، ولكن فى خضم هذه المعانى التى جاءت مُعبّرة عن الجوانب العاطفية والتى يحملها كل من "حراجى وفاطنة أحمد عبد الغفار"، عبر رسائلهما ورغم أن ظاهر هذه الرسالة هو الاحتفاء بقصة بناء السد وإعادة الحق للعمال الذين تم إهمال ذكرهم فى كل المَلحمات فى ذلك الوقت وإلى وقتنا هذا فقد قال "الأبنودى" فى هذا الصدد:

فى الراديو يا فاطنة يقولوا:
بنينا السد.. بنينا السد
لكن ما حدش قال:
السد بناه مين
بنوه كيف
نايمين ولا قاعدين؟

واعتبرت القصيدة بمثابة عرفان وحب دفين بفضل هؤلاء العمال المنسيين الذين لم يتذكرهم أحد، والذين كانوا يعانون من التهميش والطبقية حتى قبل الانتهاء من بناء السد أو بعده تلك هى الحقيقة التى عبّرت عنها "فاطنة" فى أحد الجوابات لـ"حراجى":

إذا جيت مكسور
السد يا راجلى رايح ينفعنا بإيه
هو اللى بيخرب حدا واحد
الواحد ده بيعس عليه؟
أبدًا

كما أن القصيدة حاولت الإشارة إلى محنة الريف وأبناء الريف عبر أبنائها الذين يتاجرون بعرقهم معتمدين فى ذلك على استغلال حاجتهم وجهلهم، وتمثل هذا الدور فى شخصية "الحاج حسين العكرش"، والتى تحدّثنا عنها فى الحلقة السابقة والتى تناولها "الأبنودي" بكل تفاصيلها الاستغلالية والجشعة قائلًا:

أقول لك أنا ح أحكيلك ع الحاج حسين العكرش
أصلنا فى الجبلاية يا فاطنة
كنا ماخدين أكبر مقلب فى حسين العكرش
يا حاج حسين.. يا حاج حسين
قطع الحسن وقطع الحاج حسين
وقال لما كنا نقابلوا جاى من سفرية
نجرى عليه ونقوم بالواجب
كبرناه.

ورغم الموضوعات الظاهرية والتفصيلية التى ناقشتها القصيدة إلا أن هناك رسالة سرية تم وضعها بخفة ومهارة بين طيات النص بصورة مُبسّطة هذه الرسالة السرية التى ردّدها "الأبنودي" بصوته والتى كانت فى حقيقة الأمر تعبر عن أيديولوجية مقصودة فى ذاتها وقد تضمنت القصيدة تلميحات سريعة لهذا القصد وهى المسحة الشيوعية التى جاءت مُتسقة تمامًا مع البيئة العمالية والتى كان يتبناها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر حيث فرضت الفكرة الشيوعية نفسها بقوة من خلال علاقات العمل بين العامل وصاحب العمل وصراع الطبقات، ومدى العلاقة الوطيدة بين الدولتين المصرية والروسية حيث قال:

روسيا .. اسمها روسيا
دولة دولة كبرانة
والناس دى يا فاطنة
مش مجبورة ع الشغل
عشان روحها
مجبورة عشانا إحنا
نقف على رجلينا
ويكون الواحد مننا حر.

نقلا عن النسخة الورقية