بالصور.. على غرار "باب الحديد".. "التشرد" شبح يهدد "الشيالين" على محطة مصر.. مساعي للحصول على الحقوق المسلوبة.. و"النقل": "عاملة من بنها"

ببطء شديد يسير عم "إبراهيم" ويدفع بيده عربة حديدية محملة بالبضائع، رغم سنه الذي تجاوز الـ40 إلا أن الله عز وجل أعطاه من الصحة ما يمكنه لأكل العيش، سنوات طوال ظل خلالها صاحب الوجه الشاحب يبحث عن مستوى معيشة هنية.
إبراهيم السيد، المهنة "شيال"، بمحطة سكة حديد القاهرة، اعتاد من الساعات الأولى من صباح كل يوم أن يذهب لرصيف المحطة ليستقبل المسافرين.
"شنطة يا بيه.. تحب أوديلك حاجة يا هانم".. جملة اعتاد الرجل الأربعينى قولها، متخذًا من المثل الشعبى "أكل العيش يحب الخفية" منهجًا له، حياة عم إبراهيم لا يختلف كثيرًا عن العشرات من "الشيالين" بالمحطة.
بملابس رثة، يقف الشيال، ولسانه يرتل آيات من القرآن الكريم، لتوسيع رزقه، فور أن يجد أحد المسافرين ينادى عليه، تتبدل ملامح وجهه من اليأس للفرحة، يسير مسرعًا عليه لحمل حقائه.
إشكاليات عديدة تواجه عم إبراهيم، رصدها "العربية نيوز" خلال جولته الميدانية على رصيف المحطة.
في حذر شديد يحاول "الشيال" أن يسرد مشكلاته، وذلك خوفًا من أمن المحطة أو العاملين بها حتى لا يقوموا بطرده، في الوقت ذاته حاول "العربية نيوز" تصوير هؤلاء البؤساء في عناية شديدة وذلك هربًا من أعين الأمن الذين يحظرون أي كاميرات، وذلك من منطلق الدواعى الأمنية على حسب زعمهم.
في البداية قال إبراهيم السيد، إنه يشعر بالاضطهاد هو ومن معه من باقي الشيالين، من قبل رؤساء هيئة السكة الحديد، وعلى الرغم من سعيهم المستمر لأكل العيش لسد رمق أولادهم، إلا أن ما يتحصلون عليه لا يكفي الاحتياج اليومي بالنسبة للفرد الواحد.
وأضاف عم "السيد"، أنه في بداية سعيه للحصول على عمل، قام بإجراء كافّةً الشروط والبيانات المطلوبة أملًا منه في الحصول على راتب شهري يعينه على سد احتياجات أسرته اليومية، مشيرا إلى أنه فوجئ بما لا يتوقعه حينما قال له أحد مسئولي المحطة: "أنت ماضي على ورقة ملكش فلوس عندنا".
"أنا بشتغل كتير ومش بلاقى تعب".. كلمات قالها إسماعيل فوزى، أحد الشيالين وهو في حالة استياء شديد من ما يتعرض له من استغلال مسئولي هيئة السكة الحديد: "كمان بيخلونا نشيلهم شنطهم ومش بنشوف منهم جنيه".
وأشار عم إسماعيل، إلى أن هناك عددا كبيرا من الحوادث يتعرضون لها أسفل عجلات القطار، وقال: "واحد زميلنا توفى لما وقع على شريط السكة الحديد، وبعد كده عياله اتشردوا وده بسبب الهيئة ماطلعوش ليهم معاش ولا أي مستحقات".
وأضاف إسماعيل، أن بعد زيادة المعاناة التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، قرر عدد كبير من "الشيالين" تكوين ما يسمى بـ"رابطة شيالين محطة مصر" مهمتها توفير الحياة الكريمة لأسر المتوفين من أعضاء الرابطة.
ومن جانبهم طالب عاطف قطب، أحد الشيالين، المسئولين في هيئة السكة الحديد بضرورة إضافة 50 قرشًا على السعر الأصلي لتذكرة القطار كأجرة للشيال، فضلًا عن عمل تأمينات للمعاشات لضمان حياة أفضل لأسرتهم بعد وفاتهم.

انتهاك الحقوق
وفي إطار ما سبق قالت الدكتورة عصمت الميرغنى، عضو منظمة الأفرو أسيوى لحقوق الإنسان، إن إدارة محطة سكة الحديد تجاوزت وتخطت حقوق "الشيالين"، مشيرة إلى ضرورة توفر كافّةً الاحتياجات لهم طالما يعملون تحت إشرافهم، فضلاا عن أنهم يعلمون لخدمتهم أيضًا.
وطالبت "الميرغنى" خلال تصريحاتها الخاصة لـ"العربية نيوز" الشيالين بضرورة التوجه لإحدى مؤسسات الدفاع عن حقوق الإنسان لكى يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل إنشاء نقابة خاصة بهم.

مطالبات غير قانونية
بينما أكد محمد شحاته، رئيس الجمعية المصرية بالنقل، أن "الشيالين" ليس لهم أي حقوق مالية من قبل هيئة السكة الحديد، سواء أكان رواتب شهرية، أو تأمينات وغيرها من المعاشات.
وأضاف شحاته لـ"العربية نيوز"، أن مطالبات الشيالين بشأن زيادة حصتهم من سعر التذكرة، ليس قانونيا بالمرة، مشيرًا إلى أن ميزانية هيئة السكة الحديد لا تسمح بعمل تأمينات لكل فرد من الشيالين.

الحقوق المالية المسلوبة
وعما إذا كان لهم حقوق في صرف التأمينات من عدمه، قال كمال الشريف، مدير مكتب وزير التضامن، أن الشيالين ليس لهم أي حقوق من الأساس لدينا.
وأضاف الشريف لـ"العربية نيوز"، أن الشيالين هم فقط المسئولين في البحث عن حقوقهم المسلوبة من خلال اللجوء لـ"رابطة الشيالين" التي كونوها بمجهوداتهم الذاتية.

رد وزارة النقل
وبمواجهة "العربية نيوز" لـ"أحمد إبراهيم"، المتحدث الرسمي لهيئة النقل، بإشكاليات الشيالين على رصيف المحطة، استنكر علمه بوجودهم من الأساس داخل المحطة.
وقال: "والله ما أعرف أن لسه في شيالين في السكة الحديد، أنا فاكر إنهم كانوا موجودين زمان أيام فيلم باب الحديد لفريد شوقي".




