عاجل
الأحد 05 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

الإدارية العليا: الحكومة خالفت الدستور وعليها تعويض تجار القطن

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

أودعت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة، حيثيات حكمها بإلزام الحكومة بتعويض تجار القطن.

وأكدت المحكمة في حيثيات حكمها أنه لا يجوز للحكومة أن تضع قيودًا على ممارسة تجارة القطن لأنها أداة أدنى من الدستور الذي ألزمها بالتشجيع على التصدير لا تقييده.

واستعرضت المحكمة تاريخ القطن المصري وأمرت الحكومة بتعويض أكبر تاجرة للقطن بمائة ألف جنيه بعد أن أُكرهتها على بيع أقطانها بالأسعار التحكمية وقيدت التصدير.

وأكدت المحكمة أن الحكومة عمدت إلى إفراغ قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل من مضونه بتقرير قيود قاسية على تداوله أقسى من تلك التي كبلت بها تلك التجارة في فترة التسعير الجبرى، وأن المشرع ترك تجارة القطن زهرًا وشعرًا بيعًا وشراءً وحلجًا للتداول الحر بالأسواق، ولم يقرن ذلك بقيد سوى في حالة بيع الأقطان الشعر للدولة بالشروط والأسعار التي يحددها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية.

وأن الحكومة أصدرت عدة قرارات لمعالجة العجز في محصول القطن وتخبطت في الإحاطة بحجمه وحاجة السوق الداخلي، وكأن القطن لم يزرع في مصر فجاءت قراراتها مخالفة للقانون ومتناقضة مع ما تبناه الدستور من تشجيع التصدير كما أكدت على أن الدولة القانونية تتقيد في ممارستها لسلطاتها بقواعد قانونية تعلو عليها، وتردها على أعقابها إن هي جاوزتها، وهذه السلطات أيا كان القائمون عليها لا تعتبر امتيازًا شخصيًا لمن يتولونها ولا هي من صنعهم، بل أسستها إرادة الجماهير في تجمعاتها على امتداد الوطن، وضبطتها بقواعد آمرة لا يجوز النزول عنها ولا تأتيها إلا في الحدود التي رسمها الدستور، وبما يرعى مصالح مجتمعها.

وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار الدكتور محمد مسعود رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين أحمد الشاذلي والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى وسامى درويش ومبروك على نواب رئيس مجلس الدولة بإلزام الحكومة المصرية بتعويض ورثة التاجرة المرحومة نادية قاسم بأن تؤدي لها تعويضًا مقداره مائة ألف جنيه عما لحقها من أضرار نتيجة قرارات الحكومة بتقييد تداول تجارة القطن والحد من تصديره، وألزمت الحكومة بالمصروفات.

قالت المحكمة إنه بالرجوع إلى الجذور التاريخية فقد مر تسويق القطن المصري في تاريخه الطويل بثلاثة مراحل تسويقية هي:

المرحلة الأولى: مرحلة التسويق في ظل النظام الرأسمالي الحر وهي تشمل الفترة من بداية إنشاء بورصة عقود القطن بالإسكندرية عام 1861، وكانت أول بورصة لعقود القطن في العالم حتى عام 1952.

المرحلة الثانية: مرحلة تسويق القطن في ظل النظام الموجه، وقد بدأت مع إغلاق بورصة عقود القطن بالإسكندرية نهائيا في يوليو 1961 أي بعد قرن من إنشائها وذلك حتى يوليو من عام 1994.

المرحلة الثالثة: مرحلة التسويق الحر وفقا لآليات العرض والطلب وذلك من أغسطس 1994 وحتى الآن، حيث صدر لهذا الغرض ثلاثة قوانين رئيسية هي: القانون رقم 210 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 389 لسنة 1994 والخاص بتنظيم تجارة القطن في الداخل. والقانون رقم 141 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 388 لسنة 1994 بإنشاء بورصة البضاعة الحاضرة للأقطان ( بورصة مينا البصل)، والقانون رقم 211 لسنة 1994 ولائحته التنفيذية الصادرة بالقرار الوزاري رقم 507 لسنة 1994 الخاص باتحاد مصدري الأقطان.

وأضافت المحكمة أن المرحلة الثالثة من مراحل تسويق القطن وهي مرحلة التسويق الحر تمشيًا مع سياسة التحرير الاقتصادي جاءت بعد فترة طويلة من نظام الاقتصاد الموجه، وأن الدولة استجابة منها لمتغيرات اقتصادية عالمية قد انتهجت نهجًا اقتصاديًا يشايع تلك الاتجاهات للتحول من الاقتصاد الموجه إلى اقتصاديات السوق والعمل في ضوء آلياته والانفراط من سياسة التسعير الجبرى.

وأشارت المحكمة أنه نسق هذا السياق جاءت نصوص القانون رقم 210 لسنة 1994 في شأن إصدار قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل معبرة عن ذلك التوجه ويبين من جماع ما تضمنته من نصوص قانونية مؤيدة بالمذكرة الإيضاحية أن المشرع وهو في سبيل تنظيم تجارة القطن بالداخل راعى طبيعة هذه التجارة وخطورتها وما تتطلبها من ضوابط ونظم متعارف عليها عالميًا وبذلك يتنزه في تحريره لهذه التجارة وإخضاعها لآليات السوق عن إغفاله لتلك الاعتبارات، ويكون قد أراد وفق صحيح قصده وسليم نصوصه ترك تجارة القطن زهرًا وشعرًا بيعًا وشراءً وحلجًا للتداول الحر بالأسواق، ولم يقرن ذلك بقيد سوي في حالة بيع الأقطان الشعر للدولة فجعل ذلك مرهون بالشروط والأسعار التي يحددها وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية وجعل من اللجنة العامة المشكلة لتنظيم تجارة القطن مراقبة تنفيذ أحكام ذلك القانون ولائحته التنفيذية.

وأضافت المحكمة أن الثابت من الأوراق أن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية قد أصدر قراره رقم 457 لسنة 1995 في 30/7/1995 تضمن الحظر على المتعاملين في الموسم القطني 95/96 الخاضعين للقانون رقم 210 لسنة 1994 سالف البيان الاحتفاظ بأي كمية من الأقطان الشعر المحلوجة غير المرتبط عليها للتصدير أو المغازل المحلية بعقود موثقة ومسجلة بالجهات الرسمية المختصة مدة تزيد على ثلاثين يومًا من تاريخ حلجها ورتب على مخالفة هذا الحظر إحالة المخالفين إلى مجالس التأديب وتوقيع العقوبات الواردة في المادة 43 من القانون رقم 210 لسنة 1994 بشأنهم - والتي تبدأ بالإنذار وتنتهي إلى الشطب من سجل التجار المقيدين - أو اتخاذ إجراءات تقديمهم للمحاكمة طبقا للمادة 47 منه وإخطار وزارة الزراعة لسحب تراخيص المحالج المخالفة.

واستطردت المحكمة أنه بإمعان النظر فيما تقدم يبين جليًا أن جهة الإدارة قد عمدت إلى إفراغ القانون رقم 210 لسنة 1994 في شأن إصدار قانون تنظيم تجارة القطن في الداخل من مضونه وفحواه وتجريده من غاياته ومبناه، وذلك بتقرير قيود قاسية على تداول تجارة القطن خلال الموسم 95/1996 قد تكون أقسى من تلك القيود التي كبلت بها تلك التجارة في فترة التسعير الجبرى قبل صدور القانون رقم 210 لسنة 1994 من حظر الاحتفاظ بالأقطان، إلا لمدة معينة وحظر تصديرها وتحديد سعر إجباري لها.