احتلال سفارة الإمارات باليمن.. رهان الحوثيين الخاسر

في خطوة تصعيدية خطيرة اقتحمت جماعة الحوثيين مقر السفارة الإماراتية بصنعاء واحتلتها ضاربة بذلك كل المواثيق والأعراف الدبلوماسية ، ردا على الدور المتميز والمؤثر الذي تسهم به دولة الإمارات في إطار التحالف العربي في دعم الشرعية اليمنية.
ويرى المراقبون أن هذه الخطوة غير المسئولة من قبل تلك الجماعة أثبتت أنها باتت أضعف بكثير بعد انهيار المعنويات وفقدان التوازن مما كانت عليه من قبل وخاصة بعد القتال الضاري والهزائم المتتالية التي لحقت بها على أيدي مقاتلي الجيش الوطني والمقاومة الشعبية اليمنية بدعم من قوات التحالف العربي، وأنها تسعى في محاولات يائسة منها لثني الإمارات عن التدخل في الشأن اليمني عبر دعمها المتواصل والمستمر للحكومة الشرعية وللشعب اليمني.
وأكد المراقبون أن هذا الاعتداء زاد من تعقيد موقف الحوثيين أمام المجتمع الدولي، وأظهرهم بأنهم جماعة متمردة غير ملتزمة بالأعراف والمواثيق الدولية رغم استيلائها على مقاليد الدولة اليمنية، مما قد يدفع المجتمع الدولي للضغط لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 الذي ينص على حظر تزويد الحوثيين بالأسلحة وفرض عقوبات على قادتهم تتمثل في تجميد أرصدة وحظر السفر للخارج ، كما دعاهم إلى إنهاء احتلالهم للمناطق التي يسيطرون عليهم بالقوة في البلاد .
ولقد جر هذا الهجوم سلسلة من الإدانات الدولية والخليجية والعربية حيث أدانت الحكومة اليمنية الشرعية احتلال مليشيات الحوثي لمقر سفارة الإمارات العربية ، معتبرة أن هذه الخطوة تهدف للإساءة إلى العلاقات الأخوية بين البلدين والشعبين اليمني والإماراتي وتعكير صفوها وهو أمر محكوم عليه بالفشل الذريع.
كما أدان مجلس الأمن الدولي بأشد العبارات اقتحام واستيلاء مليشيا الحوثيين على مقر السفارة الإماراتية بصنعاء ، مطالبا بالانسحاب الفوري من المبنى ، مذكرا بالمبدأ الأساسي بعدم انتهاك حرمة المباني الدبلوماسية والقنصلية، والتزامات الحكومات المضيفة، بموجب اتفاقيتي فيينا لعام 1961 و1963م.
في حين أعربت دول مجلس التعاون الخليجي عن إدانتها الشديدة لهذا الاحتلال، واصفة إياه بأنه انتهاكا صارخا لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية... كما اعتبر الأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي احتلال مقر السفارة الإماراتية بصنعاء بأنه اعتداء يستوجب إحالة مرتكبيه إلى العدالة الدولية باعتباره انتهاكا خطيرا للمواثيق والأعراف الدبلوماسية .
من جانبها، أدانت مصر بأشد العبارات الاعتداء الغاشم الذي تعرضت له سفارة الإمارات في صنعاء من جانب جماعة الحوثي ، مؤكدة أن مثل تلك الاعتداءات لن تزيد دول التحالف إلا قوة وإصرارا على استكمال مهمتها النبيلة لدعم الاستقرار واستعادة الأمن في اليمن.
بدورها ، اعتبرت الخارجية الإماراتية احتلال الحوثيين لسفاراتها دليلا جديدا على أنها جماعة لا تضع أي اعتبار أو احترام للمواثيق الدولية والأعراف الدبلوماسية، مؤكدة أن هذه الخطوة لن تثني دولة الإمارات عن موقفها الداعم لعودة الاستقرار إلى ربوع اليمن الشقيق، حيث تستمد العلاقات الإماراتية - اليمنية من الثوابت التاريخية والجوار الجغرافي ومقومات اللغة والدين .
ويعد مستقبل اليمن وتحقيق الاستقرار الشامل وتطلعات الشعب اليمني في البناء والتنمية من أولويات دول التحالف العربي وهو الهدف الرئيسي لعمليتي "عاصفة الحزم وإعادة الأمل" .
يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات واليمن بدأت في عام 1971م ، وبإعلان الوحدة بين شطري اليمن في 22 مايو 1990م تم فتح آفاق واسعة لعلاقات التعاون والتفاهم المشترك بين البلدين .
وفي إطار العلاقات المشتركة بين الإمارات والحكومة الشرعية اليمنية شرعت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي في تسيير جسورها الإغاثية إلى الشعب اليمني برا و بحرا منذ بداية الأزمة، وتمكنت حتى الآن من إدخال 13 ألفا و583 طنا من المساعدات المتنوعة إلى اليمن، رغم الظروف المعقدة التي تشهدها الساحة اليمنية.
وتكشف تطورات المشهد اليمني بوضوح تراجع خيارات الحوثيين لذا عليهم إذا أرادوا المشاركة في صنع مستقبل اليمن أن يتوقفوا عن ممارساتهم العدوانية بحق المدنيين وأن يلتزموا بقرارات الشرعية الدولية والانسحاب الفوري غير المشروط لجميع ميليشياتهم وآلياتهم العسكرية من المدن التي احتلوها والعمل في إطار الشرعية السياسية والدستورية التي يمثلها الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي حتى يعم الأمن والسلام ربوع البلاد.