عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

السرّية المصرية وكتائب الهنود

في الصباح الباكر من يوم الخميس الماضي بتوقيت القاهرة، كُنا على موعد مع بث حي لعرض عسكري ضمن فعاليات احتفال الهند بـ "يوم الجمهورية"، الفاصل في تاريخها بين الاستعمار والحرية، والذي تابعه المصريون باهتمام، لتواجد الرئيس عبدالفتاح السيسي بين الحضور كضيف شرف رئيس.

دون شك كان الطابور المُنتظم من كتائب الجيش الهندي مثار إعجاب، وهو يمرق بانضباط عبر قوس "بوابة الهند" الذي يُزين العاصمة نيودلهي، إلا أن اللافت لدي كان نظرات الإجلال في أعين أبناء الشعب الهندي، وهم يقفون احتراماً، ويصفقون تشجيعاً، عند مرور تشكيلات جيشهم الوطني وعناصر تسليحه، بما ضاعف يقيني بحقيقة راسخة في داخلي حد الإيمان، تشير إلى أن جوهر الفطرة الوطنية أساسه افتخار أبناء أي بلد بقواته المسلحة، والاعتزاز ببطولاته، والعرفان لتضحياته، والتطلع دوماً لتطور عدده وعتاده، لاسيما وسط عالم يموج بنزاعات مسلحة، دفعت نحو ٨٠ مليون شخص لنزوح قسري بحسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

المصادفة التاريخية جعلت الحدث الوطني الهندي يتزامن مع ذكرى وقائع مصرية جرت في يناير 2011، وكان ذلك المبرر لأن أستعيد أمام عيني مشهد لاينسى لحشود المصريين مساء الجمعة 28 يناير 2011، وهي تحيط آليات الجيش لتحتمي وتلوذ بها وهي تدلف إلى ميدان التحرير، باندفاع من يشعر يقيناً أن في جيشه الدرع والسند، تماماً كما تسكن قلوب البسطاء عند مرور دورية شرطة يرتعد منها اللصوص.

وكان الجيش المصري دوماً رقماً فارقاً في المعادلة، يساند صفوف الشعب، ويعضد ركائز الوطن كلما احتدمت تجاذبات السياسة، لاسيما خلال مرحلتين فارقتين في التاريخ المعاصر، الأولى معركة البقاء عام 2011، ليضمن رسوخ الدولة المصرية أمام رياح الفوضى، ثم معركة الهوية عام 2013، إنحيازاً لإرادة المصريين في لفظ التيار المتشدد الذي غدا يحمل وصمة الكيان الإرهابي كوصف دقيق لأفكاره وسلوكه.

ومع التوابع العنيفة لرحيل هذا التيار الراديكالي، خاض الجيش المصري حرباً شاملة في مواجهة أذرع الإرهاب ونجح في دحرها، وسطر بطولات يجب أن تظل خالدة في وجدان أبنائنا، عبر مواصلة دور الأسر، والمؤسسات التعليمية والدينية، ووسائل الإعلام، في توعية البراعم بالمصير الذي تجنبناه بفضل جيشنا الوطني، كي يستشعروا الأمان بوجوده، ويفتخروا بانتصاراته، بعكس مطاريد تيار الظلام الذي يخشون سيفه، الذي لم يرتفع يوماً إلا دفاعاً عن أرض، أو ثأراً لحق، أو ذوداً عن هوية تُختطف.  

إن كان بإمكاننا ذكر حسنة واحدة لحربنا ضد الإرهاب، ستكون حتماً إعادة ربط أجيال يافعة بدور قواتنا المسلحة، ولابد أن نأخذ بيدهم لنقف اجلالاً ونحن نرى سرّية من الجيش المصري تشارك ضمن استعراض يوم الجمهورية الهندية، والجنود يهتفون بملء حناجرهم على وقع لحن مصري خالد: "يا أغلى اسم فى الوجود .. يامصر".