التحقق من العمر.. "فخ بيانات" يهدد الخصوصية عبر الأنترنت
مع الانتشار المتزايد لاستخدام الإنترنت بين القاصرين، بدأت العديد من المواقع والمنصّات الرقمية بتطبيق أنظمة للتحقق من عمر المستخدمين قبل السماح لهم بالوصول إلى محتواها.
ورغم أن هذه الخطوة تهدف في ظاهرها إلى حماية الأطفال وضبط المحتوى، إلا أنها قد تتحوّل في الواقع إلى تهديد متزايد لخصوصية المستخدمين.
وفي ظل تشديد الحكومات رقابتها على حماية القاصرين، باتت المواقع تطالب المستخدمين بإثبات أعمارهم عبر تحميل وثائق رسمية أو تقديم بيانات شخصية حساسة.
وبحسب مختصين في الأمن الرقمي، فإن أنظمة التحقق من العمر تحولت إلى “فخ بيانات” يجمع كميات هائلة من المعلومات الحساسة، ما يجعلها هدفًا مغريًا للقراصنة والمبتزين الإلكترونيين. ويحذّر الخبراء من أن أي اختراق لهذه البيانات قد يؤدي إلى تسريب معلومات بالغة الخطورة عن المستخدمين، بمن فيهم القاصرون.
طرق التحقق
تعتمد العديد من المواقع حالياً على عدة آليات للتحقق من عمر المستخدم، منها التعرّف على الصورة عبر الذكاء الاصطناعي، أو مطالبة المستخدمين ببطاقات الهوية مثل رخصة القيادة أو جواز السفر، أو حتى طلب بطاقة ائتمان موثوقة. وهذه البيانات مثل الاسم الكامل، تاريخ الميلاد، الصورة، رقم البطاقة، تشكل كنزًا من المعلومات ذات الحساسية العالية.
حوادث اختراق
أحد أبرز الأمثلة على الخطر هي خروقات البيانات. وهذه الحوادث تبيّن أن بعض الشركات غير مستعدة للتعامل مع هذا الكم من البيانات الحساسة، وأن الطرق التقليدية لحماية البيانات قد لا تكون كافية في ظل هذه المتطلبات.
وفي هذا السياق، حذر خبراء القانون والأمن السيبراني من أن هذه الأنظمة، رغم نيتها الحسنة لحماية الأطفال، قد تفتح الباب أمام ابتزاز المستخدمين أو سرقة هوياتهم. فمن جهة، يحتاج المهاجمون إلى أقل نقطة ضعف للوصول إلى بيانات بطاقات الهوية المخزنة، ومن جهة أخرى، قد يؤدي الكشف غير المصرّح به للبطاقات إلى مخاطر قانونية وأمنية كبيرة.
ضغوط تنظيمية
القوانين الجديدة مثل قانون الأمان على الإنترنت في بعض الدول تُلزم مواقع معينة بتنفيذ التحقق من العمر. لكن هذه القوانين تأتي مع تحديات، من بينها: كيف يمكن تنظيم تخزين هذه البيانات، وضمان حذفها بعد التحقق؟ وما هي الضمانات لحماية المعلومات الشخصية بعد تمرير عملية التحقق؟
سبل الحماية
من المهم استخدام أقل قدر ممكن من البيانات. فعند التحقق من العمر، احرص على تقديم البيانات الضرورية فقط.
كذلك يجب التحقق من سياسات الخصوصية للموقع الذي يطلب التحقق والحذر من المنصات التي تطلب تحميل وثائق حساسة دون ضمانات واضحة لحذفها بعد الاستخدام.
بوابة لمخاطر أمنية
بينما تهدف أنظمة تحقق العمر إلى حماية المستخدمين، فإنها قد تتحول إلى بوابة لمخاطر أمنية كبيرة إذا لم يتم مراعاة الخصوصية بشكل صارم.
فالتوازن بين الأمان الرقمي والخصوصية الفردية أصبح ضرورة، والمشرّعون والشركات التقنية مطالبون بإيجاد حلول تضمن أن هذه البيانات الحساسة لا تصبح عبئًا أمنيًّا على أصحابها.
