مصر والجزائر.. بلوغ العلاقات مرحلة غير مسبوقة في تاريخهما
عقد رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مؤتمرا صحفيا مع نظيره الجزائري سيفي غريب، بعد ترؤسهما الدورة التاسعة للجنة العليا المصرية الجزائرية المشتركة.
وأكد مدبولي أن انعقاد هذه الدورة يُجسّد عمق الروابط الأخوية والتاريخية بين البلدين، والتي تمتد عبر قرون من التضامن والتنسيق، موضحًا أن مخرجات اجتماعات اللجنة ومنتدى الأعمال المشترك تهدف إلى دفع العلاقات الثنائية إلى آفاق أوسع، تنفيذًا لتوجيهات القيادتين في القاهرة والجزائر.
وأشار رئيس الوزراء إلى الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الجزائري إلى مصر في أكتوبر 2024، واصفًا إياها بـ"نقطة الانطلاق" لتفعيل التعاون الاستراتيجي بين البلدين، مؤكدًا أن القيادتين أصدرتا توجيهات واضحة بضرورة تعزيز الشراكة في كافة المجالات، استنادًا إلى التاريخ المشترك وتوافق الرؤى إزاء التحديات الإقليمية والدولية.
وأكد مدبولي أن التحديات الاقتصادية العالمية المتسارعة تتطلب مزيدًا من التنسيق بين البلدين، خاصة في مجالات التجارة، الاستثمار، والشراكة الصناعية، موضحًا أن حجم التبادل التجاري بلغ مليار دولار في 2024، بزيادة نسبتها 18% مقارنة بالعام السابق.
وأشار إلى أن القيادتين حددتا هدفًا طموحًا يتمثل في رفع حجم التبادل التجاري إلى 5 مليارات دولار خلال السنوات القليلة القادمة، وهو ما يُعد "مسؤولية مشتركة" على الحكومتين، داعيًا إلى التركيز على القطاعات ذات الأولوية المشتركة، مثل الصناعة، الزراعة، والطاقة، والتي سيتم متابعتها عبر لجان فنية متخصصة.
واستعرض مدبولي خطة مصر التنموية الشاملة خلال العقد الماضي، والتي شملت:
إنشاء أكثر من 22 مدينة جديدة،
تطوير الموانئ، الطرق، المطارات، وشبكات الطاقة والاتصالات،
إصدار تشريعات جاذبة للاستثمار، مثل:
الاستراتيجية الوطنية للاستثمار (2024–2030)،
قانون تيسير تراخيص المنشآت الصناعية،
الضريبة الموحدة،
دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
كما أكد أن مصر أولت الصحة والتعليم أولوية قصوى في بنيتها البشرية، وتعتزم مشاركة تجربتها الناجحة مع الجزائر في هذه المجالات.
ودعا رئيس الوزراء مؤسسات القطاع الخاص في البلدين إلى تبني مشاريع مشتركة تستفيد من المزايا التنافسية لكلا الطرفين، مشيرًا إلى فرص واعدة في:
الزراعة والأمن الغذائي،
النقل واللوجستيات،
الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات،
الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر،
توطين الصناعات،
الموانئ، الإسكان، التطوير العمراني، والسياحة،
الذكاء الاصطناعي والرقمنة.
وفي الشأن الإقليمي، أكد مدبولي تطابق الرؤى المصرية–الجزائرية حول القضايا العربية المركزية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، داعيًا إلى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
كما أثنى على الدور المحوري للجزائر خلال عضويتها غير الدائمة في مجلس الأمن (2024–2025)، مشيرًا إلى أنها مثلت "حجر الزاوية" في دعم المواقف العربية، لا سيما في ما يتعلق بوقف إطلاق النار في غزة ومرحلة التعافي المبكر وإعادة الإعمار.
وفيما يخص الأزمة الليبية، أكد الطرفان على دعم المسار السياسي الليبي–الليبي، ورفض أي تدخل خارجي، وضرورة أن يكون الحل من صنع الليبيين أنفسهم.
وأشار مدبولي إلى أن الجانبين اتفقا على تشكيل فريق عمل مشترك لمتابعة تنفيذ مذكرات التفاهم التي تم التوقيع عليها اليوم، لضمان تحويل الالتزامات السياسية إلى إنجازات ملموسة على أرض الواقع.
واختتم كلمته بنقل تحيات ومحبة الشعب المصري إلى شقيقه الجزائري، متمنيًا للحكومة الجزائرية مزيدًا من النجاح، وقال: "نجاح الجزائر هو نجاح لمصر... ومثلما نجاح مصر هو نجاح للجزائر"، في تعبير رمزي عن وحدة المصير المشترك بين البلدين الشقيقين.