بين العلم واللايكات: كيف أشعل فيديو واحد ذعرًا غذائيًا في مصر؟
في زمنٍ صار فيه مقطع فيديو قادرًا على إشعال ذعرٍ جماعي في ثوانٍ، وجدت مصر نفسها أمام موجة جديدة من المحتوى المضلل الذي يعبث بثقة الجمهور في غذائه اليومي.
فبينما يطارد البعض شهرةً سريعة عبر منصات التواصل، كانت الحقيقة تطرق أبواب الجهات الرسمية لتضع الأمور في نصابها.
وفي خضم هذا الصخب، خرجت هيئة سلامة الغذاء لتحذّر من الانسياق وراء "ترندات" تصنع خوفًا أكثر مما تقدّم معرفة، فيما تتحوّل فيديوهات "سلطانجي" و"الإكسلانس" من شاشات الهواتف… إلى ساحات التحقيق.
وحذر الدكتور طارق الهوبي، رئيس هيئة سلامة الغذاء في مصر، من الانسياق وراء مقاطع الفيديو التي ينشرها بعض صانعي المحتوى على منصات التواصل.
جاء ذلك في ظل الجدل المتزايد حول مصداقية المعلومات المتداولة بشأن سلامة المنتجات الغذائية في السوق المصرية، خاصة عقب الضجة التي أثيرت مؤخرا بعد عرض فيديو يزعم تلوث معظم منتجات المياه المعدنية في مصر.
وأكد المسؤول الرسمي المصري أن الجهات الرسمية هي المصدر الوحيد الموثوق لتقييم سلامة الأغذية.
تحذير من محتوى مضلل
وفي تصريحات تلفزيونية، أكد الهوبي أن بعض ما يقدَّم عبر وسائل التواصل الاجتماعي يكون مضللًا ويخلو من الأسس العلمية، داعيًا المواطنين إلى التواصل مباشرة مع هيئة سلامة الغذاء أو منظومة الشكاوى الموحدة بمجلس الوزراء عند وجود شكوك حول أي منتج، حفاظًا على صحة المستهلك، التي وصفها بأنها "الهدف الأسمى".
وشدد رئيس الهيئة على أن النظام الرقابي الغذائي في مصر يتمتع بالإحكام والانضباط، موضحًا أن هذا النظام يخضع لتقييم سنوي من منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، كما تستقبل مصر بعثات تفتيشية من الاتحاد الأوروبي للتحقق من جودة الأغذية المخصصة للتصدير.
وأضاف أن الهيئة تتبع آلية علمية دقيقة لسحب العيّنات وتحليلها في مختبرات معتمدة، فضلًا عن إجراء زيارات دورية – معلنة ومفاجئة – لمصانع الأغذية، وفق ثلاث مراحل محددة لتقييم الالتزام بالاشتراطات الصحية والفنية.
قضية "سلطانجي" و"الإكسلانس": من الفيديو إلى التحقيق
جاءت تصريحات الهوبي في توقيت متزامن مع تطورات قضية البلوغرين "سلطانجي" و"الإكسلانس"، اللذين أثار مقطع فيديو نشراه شكوكًا واسعة حول سلامة منتجات غذائية متداولة في السوق المحلية.
وكان البلوجران قد زعما في الفيديو أن منتجات مثل المياه المعبأة، زيت الزيتون، العسل الأبيض، والخبز البني "مغشوشة" أو "غير مطابقة للمواصفات"، مدعّين امتلاكهما نتائج تحاليل من معامل خاصة تدعم اتهاماتهما.
إلا أن انتشار الفيديو، الذي أثار قلقًا شعبيًّا واسعًا، دفع الأجهزة الأمنية إلى التحقيق في ملابساته، وتحديد هوية البلوجرين، المقيمين في محافظة دمياط، واللذين تم الإمساك بهما وإحضارهما للتحقيق.
واعترف البلوغران أمام جهات التحقيق بأنهما أجريا تحاليل على بعض المنتجات ونشرا المقاطع عبر حساباتهما بهدف زيادة المشاهدات وتحقيق مكاسب مالية.
ووفقًا للمصادر، قررت جهات التحقيق إخلاء سبيلهما بكفالة مالية قدرها 50 ألف جنيه لكل منهما، على ذمة التحقيقات، بتهمة التشكيك العلني في سلامة المنتجات الغذائية دون سند علمي أو ترخيص.