"الراعي" يحذر من خطر داهم على الاستقرار المالي للبنان

حذر البطريرك الماروني اللبناني بشارة بطرس الراعي من خطر داهم على الاستقرار النقدي، والمالي في لبنان جراء تأخر إصدار عدد من التشريعات المالية المطلوبة دوليا، داعيا القوى السياسية، والمجلس النيابي إلى القيام بإجراء يسمح بمعالجة هذه القضية المالية.
وقال الراعي، خلال عظة اليوم الأحد: "لقد علمنا من الجهات المالية، والاقتصادية المختصة أن التراكم في شل المؤسسات الدستورية للبلاد أصبح يشكل خطرا داهما على الاستقرار النقدي، والمالي في لبنان بسبب تخلف المجلس النيابي عن واجبه الأساس في انتخاب رئيس للجمهورية، وبالتالي التسبب بتعطيل دوره في التشريع".
ودعا القوى السياسية، والمجلس النيابي للقيام بإجراء يسمح بمعالجة هذه القضية المالية التي تفاقمت حتى على صعيد المجتمع الدولي، والتي قد تؤدي إلى أزمة تفوق بكثير الأزمة السياسية الراهنة إذا لم تسن لها القوانين المطلوبة منذ خمس سنوات.
وقال "إنه في كل حال يجد المجلس النيابي نفسه أمام أولويات، وضرورات وطنية ينبغي أن يتم دراستها، وتحديدها، والاتفاق عليها من قبل جميع الأطراف السياسية من دون الوصول إلى تشنجات، وتعقيدات، وتفسيرات طائفية ومذهبية، أو دون فرض شىء على أي طرف".
وأضاف: "في ظل الفراغ الرئاسي لا يمكن التشريع بشكل عادي، ولا الخلط بين الضروري الوطني، وغير الضروري، وبالتالي لا يجوز انقسام المجلس وتعطيل كل شيء".
وتساءل الراعي: "لماذا التردد بشأن البت في مشروعي قانون هما مطلبان وطنيان تصر عليهما كتل سياسية، ونيابية مثل: قانون جديد للانتخابات النيابية مطروح أصلاً في اتفاق الطائف، ومشروع قانون بتحديد شروط استعادة الجنسية المقدم منذ 2001، ولماذا عرقلته بإدخال مواد تختص باكتساب الجنسية.. فاستعادة الجنسية شيء ولها قانونها، واكتساب الجنسية شيء آخر يجب وضع قانون خاص به".
وقال: "مع قلقنا على عدم حل القضية المالية العاجلة التي تنذر بالخطر على الأمن القومي في البلاد، فنشدد مرة أخرى على التقيد بالدستور"، معتبرا أن أولوية العمل في المجلس النيابي تبقى انتخاب رئيس للجمهورية.
واتهم السياسيين اللبنانيين بتشويه الحياة سياسيا، واقتصاديا، واجتماعيا، وبيئيا، وتفكيك المؤسسات من خلال إحداث الفراغ في سدة الرئاسة منذ سنة وستة أشهر، وبالتالي تعطيل المجلس النيابي، وشل عمل الحكومة، وتغطية الفساد العارم في المؤسسات العامة، وهدر المال العام.
وقال: "إن الأدهى من ذلك تشويه وجه المواطن اللبناني بإفقاره، وتجويعه، وتهجيره، وامتهان كرامته".
يشار إلى أن جلسات مجلس النواب اللبناني قد تم تعطيلها إثر انتهاء ولاية الرئيس اللبناني السابق ميشال سليمان في 25 مايو من العام الماضي، وإخفاق المجلس في انتخاب خلف له ما أدى إلى رفض معظم القوى السياسية المسيحية لانعقاد المجلس لأنها ترى أن البرلمان تحول بعد خلو منصب الرئاسة إلى هيئة ناخبة لاختيار رئيس البلاد فقط، وبالتالي لا يحق له ممارسة دوره التشريعي بينما ترى القوى السياسية الأخرى أن من حق المجلس إقرار التشريعات الضرورية.
وفي مواجهة هذا الشلل البرلماني، قرر رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري مؤخرا الدعوة لعقد جلسة يوم 12 نوفمبر المقبل "بعد مدة طويلة من تعطيل المجلس"، رغم تحفظات بعض القوى المسيحية خاصة حزب القوات اللبنانية الذي يشترط إدراج قانون للانتخابات النيابية على جدول الأعمال، وحزب الكتائب اللبنانية الذي يعترض من حيث المبدأ على فكرة انعقاد البرلمان في ظل غياب رئيس للبلاد.. بينما بقى موقف التيار الوطني الحر غامضا، وإن كان رئيس التيار وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل تحدث عن المشاركة في الجلسة من أجل إقرار مشروع قانون استعادة الجنسية الذي أدرج على جدول أعمال المجلس.
وتحدث أحد القياديين في التيار عن قرار المشاركة أو الغياب عن الجلسة سوف يتم بالاتفاق مع حزب القوات اللبنانية في إطار التنسيق بين الجانبين باعتبارهما أكبر قوتين مسيحيتين في البلاد.
ويشكل قانون الانتخابات أهمية كبيرة في الحياة السياسية اللبنانية لأنه من شأن تغيير طريقة الانتخابات إلى النسبية (القوائم) تعديل في خريطة البرلمان ما يجعل الاتفاق عليه أمرا صعبا.