السلم الخماسي.. وحكايات فناني النوبة.. و"منيب" فنان جماليات الشجن النوبي.. و"منير" ملك القلوب المتفرد.. و"أبوجريشة" أيقونة الأغاني الشعبية

هو سلم موسيقي يتكون من خمس نغمات، فى كل طبقة صوتية انطلاقًا من جهة القرار ويختلف موقع فراغى النوتتين فى السلم الخماسي، كما هو الحال فى موسيقى «الحقيبة السودانية، أو الموسيقى النوبية المصرية، أو موسيقى حلقات أحواش فى الأطلسى بالمغرب»، وفى أغانى الروايس فى منطقة سوس بجنوب المغرب، وقد يكونا فى الدرجتين الثانية والسادسة كما هو الحال فى سلم «باتى» الكبير فى الأغانى الإثيوبية، ونحن بصدد معرفة بعض الفنانين المصريين الذين تميزوا فى هذا النوع من الموسيقى وهم:

منيب
مطرب
وملحن مصرى نوبى، ولد "منيب" فى إحدى قرى النوبة "يناير
1926"، عاش خالصًا مخلصًا فى العشق النوبى، فكان أول من عزف العود داخل قرى
النوبة والتى تعد هذه القرى من أهم مراحل التاريخ، حيث شهد على أراضيها الكثير
والكثير من الأحداث التاريخية المهمة التى أثرت فى تكوين الشخصية النوبية والتى
تأثر بها "منيب"، فتنوعت موسيقاه وكوّن جماليات الشجن النوبى فى كلمات
عن الرحيل والهجرة والنخيل، تعاون "منيب" مع الشاعر محيى الدين شريف
لتكوين قالب من الأغانى الحديثة التى يفهمها جميع فئات المجتمع، حيث من المعروف عن
النوبة "الرطام" اللغة الرسمية التى تنقسم إلى " كنزى _ فديكى".
وكون
الثنائى خميرة موسيقية وليدة للمارسات الاجتماعية لدى اهل النوبة، وجزء من طقوسها
وعاداتها، وليست مجرد أغان تتوارثها الأجيال بتنويعات لحنية ثابتة قائمة على
"الخماسى" والتى يتغنى بها فى الأفراح والمناسبات إلا أن
"منيب" حاول أن يخرج من هذه الدائرة الصغيرة ليظهر هذا الفن النادر إلى
دائرة أوسع، فقد تعاون مع معظم شعراء جيل السبعينيات، منهم "عبد الرحيم منصور
_ فؤاد حداد"، ليشكلوا فى وجدان المصرى حينها مفاهيم تأثر الأغنية على مجمل
الأحداث، وبعد تكوين دويتو رائع تغنى به الفنان "محمد منير" والذى كانت
أولى اغنياته فى لمة موسيقية من العاشقين للفن وأهله داخل بيت عمنا
"منيب"، والذى خلف فيما بعد نجاحات عدة ليسردوا لنا التاريخ فى نغم
وقالب موسيقى من كوش إلى طرهاقة، وغنى أيضًاً "منيب" بأجمل الأغانى
التى كان لها أثر على أجيال وأجيال حتى وقتنا هذا مثل "الدنيا برد يا عم
خليل"، "صدقنى يا صاحبى"، "دايرة الرحلة".

الملك
محمد منير، الشهرة "ملك".. فليس الملك بقصد الحاكم ولك "ملك" يتملك
القلوب بعزف منفردًا وشيقًا، ولد "منير أبو اليزيد" أكتوبر 1950، خلط
"منير " موسيقى الجاز بالسلم الخماسي النوبى، تغنى بكلمات فى عمق الوطن،
له أسلوبه وأداء ومظهر غير مرتب بتقاليد الطرب حين ظهوره، فكان أول ما غنى به
"علمونى عنيكى التى لاقت نجاحًا باهرًاً فى ظل غناء القصائد والتى كانت لها
أثر فى تسليم جيل لآخر عبر موسيقى الجيل، التى ظهرت فى العالم الغربى بين الكلاسيك
جاز والبوب والريجى"إلا أن منير حاول أن يخلط بين هذا وذاك حتى لا تضيع
الملامح العربية والشرقية، فعلى سبيل المثال، كانت إحدى أغانيه بألحان الجاز، إلا
أنه حاول أن يخلط مع الموسيقى الشرقية فأتى بعازف عود لكى يبين مدى قوة التناغم
الشرقى مع الغربى فى قالب متميز ومختلف، ومن هنا كانت شهرته.
إلا أنه تعاون مع فرقة المصريين التى كان يقودها الموسيقي "هانى شنودة"، الذى
أضاف كثيرًا لـ"منير" فمن منا لا ينسى أغنية كان يرددها جيل الثمانينيات
فى المدارس والرحلات، "كل الحاجات بتفكرنى"، أيضًا نجح "منير"
فى التعددية الموسيقية حيث تشارك مع فرق غربية مختلفة ونوع جديد على المستمع
المصرى وقتها، فتعاون مع اللهجات الشامية، السودانية، الجزائرية فى خضم ما عرف به
موسيقى الجيل.

البحر أبو جريشة
تلك
كلمات اغنية "سنين عمرى تعدى يا قلبى الشقى"، هل تعلم مدى قوة الربط
والحزن والشجن، عن "البحر" مطرب مصرى نوبى شجى الصوت والألحان، رحلت
عائلته بعد التهجير سنة "1963"، إلى مدن القناة والتى كان لها أثر
عميق، أدى إلى عمق موسيقى وكلمات يخفق قلبك معها، تميز أيضًا "البحر" بجمال
الصوت والأغانى الشعبية التى كانت أيقونته عند جمهوره، فهو الصوت الوحيد الذى
تواجد فى شوارع القاهرة فى فترة الثمانينيات ليلا ونهارًا، فمن يتذكر جيدًا، "كفاية بعاد"، ربما لو رددنا أن قيمة ما قدمه للفن والذائقة الموسيقية
تضارع ما قدمه " منير _ منيب".
ولا
أعتقد أن اللون الموسيقي الذى قدمه "البحر" ينحصر فى قالب نوبى، بل
تجاوز ليضع مزيجًا من الموسيقى "لسواحيلى"، التى نقلها من الجنوب إلى
الشمال بحكاوى عن السمسمية والتضحية والفداء، تعود جذوز "البحر" إلى
قرية قرشة وعلى حد المعلومة فهو ولد فى الإسكندرية والتى كان يعمل بها "صول
بالبحرية " والتى ظهر فى أحد ألبوماته وهو يلبس الزى البحرى المعروف، اجتهد
"البحر" بتقديم أغان مختلفة كان إنتاجها على حسابه الشخصى ومن ميزانية
بيته، إلى أن وجد ضالته مع " نصيف قزمان" الذى سانده بتسجيل الشرائط
التى حققت جماهيرية ومبيعات مهولة ومن صوت "البحر" بنى المنتج "نصيف"
شركته شرق الدلتا التى حققت نجاحات فيما بعد مع فنانين كبار مثل "عمر
دياب"، أثرى الفنان "البحر أبو جريشة " رحمه الله، المكتبة
الموسيقية المصرية بألحان وكلمات قد أثرت فى أجيال وأجيال وإحنا عايشين ع السيرة
وزادنا الأخبار.