المجتمع المدني "ملطشة" الحكومة عبر العصور.. التضامن تصرح بعودة التمويل للمنظمات.. وحقوقيون: أملنا في البرلمان

"أنت لا تفعل أي شيء إلا بعد الحصول على إذني، فأنا من أنشأ لك الجمعية وأنا
الذي بيدي حلها" هذه الجملة تختصر المشلكة التي لا تنتهي بين الجمعيات
الأهلية والحقوقية والحكومة؛ وقف التمويل الخارجي ليست المشكلة الأساسية التي
يعانيها المجتمع المدني هي القوانين التي ما زالت تضيق عليهم وتحدد عملهم.
ويؤكد
الحقوقيون أن البرلمان هي الجهة التي تدفعهم للشعور ببعض الأمل في تغيير هذه
القوانين أو تعديلها بطريقة تضمن لهم العمل بمزيد من الحرية دون تدخل الحكومة في
عملهم.
وما تزال
وزارة التضامن الاجتماعي تماطل في إصدار قرار ثابت ترضي به الجمعيات الأهلية يضمن
لها الاستمرارية؛ فمنذ أن تم إلغاء التمويل الخارجي عن هذه الجمعيات بذريعه أن
المال يشوبه أغراض سياسية معادية للبلاد والمجتع المدني يحاول أن ينتزع المال
والقوانين التي تضمن حريته من الدولة.
ووزارة
التضامن بين قرارات وأخرى تحاول أن تقنن حرياته في بعض قوانين تسنها أو تعيد العمل
بيها لفرض قيود شديدة على نشاط المجتمع المدني.
ومن
المواد التي ما زال الجدل عليها قائم المادة 13 من مشروع قانون الجمعيات التي تنص
على "لا يجوز لأية جمعية أن تحصل على أموال من الخارج سواء من شخص مصري أو
أجنبي أو من جهة أجنبية أو من يمثلها في الداخل، ولا أن ترسل أموالًا إلى أشخاص أو
منظمات في الخارج إلا بعد الحصول على إذن بذلك من الوزير المختص أو مرور ثلاثين
يومًا دون اعتراض كتابي منه، وذلك فيما عدا الكتب والنشرات والمجلات العلمية
والفنية ورسوم الاشتراكات والتي على أثرها تم قطع التمويل الخارجي عنهم".
وأعادت
التضامن الاجتماعي قانون 2002 لتنظيم عمل للجمعيات الأهلية التي تمكنها من تنظيم
وحل الجمعيات الأهلية ومراقبة مصادر تمويلها، كما يحظر على الجمعيات الأهلية
ممارسة أي نشاط سياسي أو نقابي؛ كما ينص علي حظر القيام بنشاطات تؤثر على
"الآداب العامة والنظام العام والوحدة الوطنية" وهي مصطلحات وصفتها
الجمعيات بالمصطلحات الفضفاضة التي قد تستخدم للتضييق عليهم وبتلك قوانين ُمنحت
الحكومة سلطات واسعة.

وأخيرًا صرحت غادة
والي وزير التضامن الاجتماعي بعودة التمويلات
للجمعيات التنموية والحقوقية في غضون الشهور القادمة، وعلى الرغم من هذا يؤكد
نشطاء أن ينابيع التمويل ما زالت جافة.
تاريخ الجمعيات الحقوقية في مصر
وبنظرة سريعة إلى تاريخ الجمعيات الأهلية وخاصة الحقوقية عبر
العصور؛ نجد أنها عانت سنوات طويلة من التضييق والملحقات السياسية، وفي
السابق كانت المنظمات الحقوقية تتحايل على القيود التي تفرضها القوانين من خلال
تسجيل نفسها كشركة هادفة للربح، أومكاتب محاماة مستقلة حتى لا تخضع وزارة الشئون
الاجتماعية؛ أما الآن فالأمر بات صعبًا.
خبراء وقانونون يأملون في البرلمان القادم
حسب البيانات الرسمية الصادرة من وزارة الشئون الاجتماعية أن
عدد الجمعيات الموجودة في مصر22 الف جمعية ومنظمة أهلية ما زالت تمارس عملها؛ منهم
400 منظمة حقوقية، 20منهم فقط لهم صوت مسموع داخل مصر وخارجها وهذه المنظمات هي
التي تدخل في الصراع مع الحكومة لانتزاع حقوقها.

الحكومة تسرق أموال التمويل
وتقول إيمان بيبريس رئيس مجلس ادارة جمعية النهوض وتنمية
المرأة خبيرة دولية في السياسة الاجتماعية وقضايا المرأة والتنمية إن مشكلات
التمويل الأجنبي لم تحل حتى الآن منذ سنين على منعها بالرغم من تأكيد وزارة
التضامن على إعادته؛ وهذا الأمر يثير الشكوك حولها وحول استخدمها لهذه الأموال.
فالتمويل
الأجنبى الذي تحصل عليه المؤسسات والجمعيات الأهلية لم يكن شيئًا معيبًا علي الاطلاق
فقد جاء نتيجة اتفاقيات دولية وقعتها مصر مع دول العالم المختلفة من خلال الحكومة؛ بهدف تبادل أموال خاصة بالديون أو بهدف الحصول على أموال من هذه الدول بشرط يتم
استخدامها لتنمية المجتمع وأغلب المؤسسات التي تقوم بتمويل المجتمع المدني هي
مؤسسات غير تابعة للحكومات بل مؤسسات تنموية تسعى لصرف أموالها لتحقيق التنمية في
البلاد المختلفة فما المشكلة في هذا الأمر؟.
وبخصوص
اتهام المنظمات بأن الجهات التي تمولها تقوم بإملاء أجندات على الجمعيات والمؤسسات
لتنفيذها تطالب بيبرس النظر للخدمات والأنشطة التي تقوم بها المؤسسات والجمعيات
الأهلية النشطة على مدار تاريخها هل غيرت من برامجها أو سياستها طوال تاريخها أم
لا لأن ثباتها على البرامج والخدمات التى تقدمها أنها لا تخضع لأى أجندات أجنبية.
استقلال
العمل المدني عن يد الحكومة يفقد الحكومة توازنها وتضيف
حنان بدران رئيس مؤسسة الاتحاد النوعي لنساء مصر أن مشكلات الجمعيات النسوية في
مصر أما المجتمع المدني بشكل عام كثيرة ولا تنتهي أولها إهمال القوانين مطالبة بأن
يكون في الدستور باب واحد يخص المجتمع المدني بكل هيئاته ومؤسساته، بحيث يضمن له
حرية التنظيم وحرية العمل وجميع ما يتعلق بهذه المؤسسات بدلًا من تفرقه في أبواب
شتى.
وطالبت
توحيد جهات الرقابة علي عمل مؤسسات المجتمع المدني بحيث تكون الرقابة من خلال هيئة
أو مجلس يتم انتخابه من قادة العمل الأهلي ومؤسسات المجتمع المدني في مصر وتكون
هذه الهيئة أو المجلس مستقلًا غير تابع لأية جهة حكومية أو رسمية؛ وتتولي هذه
الهيئة المنتخبة النظر في كل ما يمس المجتمع المدني بمؤسساته المختلفة خاصة فيما
يتعلق بالتأسيس والنشاط والتمويل والحل وغيره من الأمور ذات الصلة واستقلالية
العمل المدني عن الحكومات أمر يضمن تنمية المجتمع.
الدولة تقتل المجتمع المدني
ببطء
وتتحدث ماجدة العادلي رئيس مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف
والتعذيب وتقول إن المجتع المدني يعاني منذ بروز دوره في مصر إلى مشاكل عدة
وأكثرها تعقيدًا هي القيود التي توضع عليه للتضييق عليها الأمر الذي أدى إلى حل
الكثير منها وتوقفها عن ممارسة أدوارها الفاعلة والهامة والحيوية.

وتؤكد عزة هيكل عضو المجلس
التخصصي للتنمية المجتمعية ومقرر اللجنة الخارجية بالمجلس القومي للمرأة أن السلطة
تحاول استعادة هيبتها بقمع الحقوقين والحقيقة التي لا بد أن تعلمها الحكومة أن
هيبة الدولة تأتي بالحفاظ على حقوق الإنسان وحماية المدافعين عنها.
عرض
مقترحات جديدة للقانون
وعن تعديلات قانون الجمعيات الأهلية الجديد يقول إن قانون
الجمعيات الأهلي الجديد به كثير من نقاط الضعف التي تمنع عمل المجتمع المدني
بحرية أولها شبهة عدم دستورية الماده 9 من مشروع قانون الجمعيات الأهلية؛ كما أنه
ما زال يعطي السلطة للشئون الاجتماعية في حل الكیانات الاعتباریة التى تمارس نشاطًًا
وتدخلها في عملیة إشهار الجمعیات ووضع عراقیل إضافیة علیها و في عمل الجمعیات
والمؤسسات الأهلية والحق في حلها نهائيًا.
وتضيف
هيكل "المقترح من وزارة الشئون الاجتماعية يبتعد كل البعد عن أساس وقوعد عمل
المجتمع المدني؛ والحكومة تسعى جاهدة لضمان سيطرتها الكاملة لوزارة الشئون
الاجتماعية لكونها وحدات إدارية تابعه للدولة، مضيفًا أنه طرحنا تعديلات للقانون على
مجلس النواب الجديد ُمرضية تضمن حقوق الجمعيات الأهلية نحن في انتظار البت في أمر
التعديل؛ فالبرلمان هو أملنا الأخير في الحصول على حقوقنا"