عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

بنك المعرفة "حلم في خطر".. خبراء: المشروع بـ"تكلفة خيالية" والاستفادة "محدوة".. وهذه طرق إنقاذه

 الدكتور طارق شوقي
الدكتور طارق شوقي



مشروع إتاحة المحتوى العلمي العالمي لصالح المجتمع المصري والمعروف إعلاميًا بـ"بنك المعرفة" طبقاً لما أوردته العديد من الصحف على لسان الدكتور طارق شوقي الأمين العام للمجالس الاستشارية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية سابقا ووزير التعليم الحالى، حيث أفاد الدكتور طارق شوقي أن المشروع يهدف إلى توفير المادة العلمية الحديثة والموثقة من دوريات وكتب ووسائط متعددة كمكتبات الفيديو والكورسات التعليمية والتثقيفية بشكل مجانى وإلكتروني لكافة المصريين.

كما جاء أيضًا بتصريحاته أنه التقى بأكبر الناشرين الألمان وبعد مفاوضات نجح الجانب المصري في تخفيض المبلغ المطلوب بنسبة 90% كما شملت دائرة المفاوضات 25 ناشرا اخر من يمثلون جهات مختلفة مثل نيتشر وتومسون رويترز وبى بى سى ودائرة المعارف البريطانية "برتانكا".

رأى المتخصصون
في البداية فان مشروع بنك المعرفة ليس فريد من نوعه ولكن قد سبق للدول الكبرى القيام بتطبيقه لأبناء شعوبها باستثناء بعض الدول القليلة التي تعيش ظروف اقتصادية ومجتمعية تختلف كلياً عن الوضع بمصر. لا احد ينكر ان مصر في حاجة ماسة إلى مشروع هام يتمثل في تطوير بنيتها التحتية المعلوماتية وتوثيق وإدارة مخرجاتها المعرفية من خلال تنفيذ مشروع مصري قومي لإتاحة الفكر المصري الذى تنتجه كافة المؤسسات المعرفية في مصر ولكن الخبراء ورواد التواصل الاجتماعى يرون ان هذا لا يتحقق من خلال مشروع "بنك المعرفة المصرى" لان المشروع كان يجب قبل تنفيذه أن يتم اعداد دراسة جدوى اقتصادية توضح كيفية قياس الاثر المترتب على تنفيذه والعائد من الاستثمار فالشيء الذى لم يحدث.

ويرى المختصين أيضًا أن المشروع يفتقد عدم توافر الجهة التي يتم الاعتماد عليها لتحديد الاحتياجات من مصادر المعلومات المطلوب توافرها وهل تم استشارة أي جهة مصرية خلاف المجلس العلمي وبعض الناشرين ووسطائهم لتحديد تلك المصادر. وهل يوجد تقرير احتياجات موثق أفاد أن عموم المجتمع المصري بحاجة لدوريات مثل نتشر، ومن أوصى بتوفير أعلى دورية علمية مثل نتشر لعموم الشعب وهي دورية متخصصة جداً والاشتراك فيها مكلف ايضاً.

ويضيف الخبراء أن المشروع بالوضع الحالي سيؤدي إلى بناء كيانات موازية لكيانات قائمة بالفعل مما يؤدى إلى أهدار الاستثمارات السابقة لبناء هذه الكيانات والتي تقدم الخدمة بالفعل للمؤسسات العلمية والبحثية.

المشروع لم يقم بالتنسيق او الاستعانة بأستاذه واقسام المكتبات والمعلومات بالجامعات المصرية لوضع خارطة طريق كاملة للمشروع و مع الجهات التي ستستفيد بصورة أساسية من هذا المشروع مثل الجامعات قد يؤدي إلى الاشتراك في قواعد بيانات او مصادر معلومات قد سبق الاشتراك فيها.

الترويج بأن قيمة الاشتراك ستكون بتكلفة 10% من قيمة الاسعار هو في واقع الامر تضليل من الناشرين ووسطائهم حيث انه في اغلب الأحوال لا توجد أسعار ثابتة للاشتراكات واغلب الناشرين لا يضع سعر للاشتراك سوى للأفراد فقط، اما أسعار اشتراك المؤسسات يكون غير معلوم ومعتمد على التفاوض فقط. وفي كافة التعاقدات يوجد بند بالعقد يمنع البوح بقيمة هذا التعاقد لأي جهة أخرى لذلك لا يمكنا معرفة قيمة اشتراك أي جهة مماثلة بدولة أخرى. وعموماً يقوم الناشرين بوضع سعر مختلف لكل جهة تعليمية كما يختلف ونسبة التخفيض المقدمة من دولة لأخرى طبقاً لوضعها الاقتصادي. عموماً ارجو ان تطلب سيادتكم من القائمين على المشروع ان يقدموا دليل فعلي غير معتمد على تقارير من الناشرين بان السعر هو 10% من الأسعار الحقيقة.

تكلفة "بنك المعرفة"
وأكد الخبراء أن تحديد السعر إعتمادًا على عدد المستخدمين المتوقعين للمشروع وليكن 30 مليون مواطن مثلاً سيجعل قيمة الاشتراك الفعلية 10 أضعاف القيمة في حالة الاشتراك الموجهة لصالح جهات محددة .وان إجمالي الاشتراكات السنوية للجامعات المصرية لا يتعدى 3 مليون دولار وبأكاديمية البحث العلمي لا يتعدى مليون دولار واحد ، وتلك الجهات تمثل أكثر من 90% من مجتمع المستفيدين من المشروع المقدم، على الرغم أن تكلفة المشروع نفسه 70 مليون دولار وقت انشائه منذ 2015 اى قبل تحرير سعر الصرف الامر الذى يجعل ثمن تكلفة المشروع الان ارقام خيالية من ملايين الدولارات .. فضلا عن اثارة الكثير من نشطاء التواصل الاجتماعى اسئلة حول الاسناد بالامر المباشر لبعض الشركات والناشرين دون الخضوع لقانون المزايدات والمناقصات.

بنك المعرفة والبنية التحتية
وأكد الكثير من الخبراء والمتخصصون ووفق بيانات رسمية من الوزارة وتصريحات على لسان الوزير الدكتور طارق شوقى شخصيا بانه يوجد ضعف في توافر أجهزة الحاسبات الشخصية والمحمولة بالبيوت المصرية والتي لا تتجاوز عن 25% من البيوت المصرية فضلا عن تصريحه بان لا يوجد انترنت ب85% من مدارس مصر.

وبعض البيانات الحكومية اكدت ان الانترنت المتاح بالمنازل المصرية لا يتجاوز 3.5 مليون منزل فقط أي ما لا يتجاوز 15 مليون مواطن فقط لديهم أنترنت ADSL بمنازلهم طبقا لأحدث تقارير وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في هذا الشأن.الامر الذى يجعل الاستفادة المعلنة من المشروع اصبحت في حكم العدم.


الاشتراكات والتعاقدات
استحالة الاستفادة من المشروع بدون تنفيذ برامج تدريبية مكثفة لتعريف المستخدمين بكيفية الدخول على بوابة البحث الفيدرالي لهذا المحتوى وبدون هذا التدريب ستكون معدلات الاستخدام مخيبة للآمال،علماً بأن المتخصصين بالجامعات والمعاهد البحثية المصرية لم يتمكنوا من الدخول على تلك المصادر بدون تنفيذ برامج تدريبية مكثفة، فماذا سيكون الظن بأغلب الشعب.

فضلا عن أنه لا يمكن التخطيط لهذا المشروع اعتماداً على تقارير ومعلومات من الناشرين إذ ان اغلبهم سيوفر بيانات تشجع على الاشتراك و سيخفي عمداً أي بيانات تقلل ثقة العملاء في المشروع.

طبيعة التعاقدات في معظم الأحوال ستكون في صورة اشتراكات سنوية بحق الاستخدام خلال فترة الاشتراك فقط وليس بحق التملك بمعنى انه فور انتهاء الاشتراك لن يكون من حق المستخدم الدخول على تلك المصادر المعرفية، وحتى من سيمنح من الناشرين حق التملك بعد انتهاء التعاقد سيكون لما نشر خلال فترة التعاقد فقط وسيقدم بتفاصيل فنية معقدة جداً تعيق الاستفادة من تلك المصادر عملياً.

تناقضات
الدعوة والترويج لبنك المعرفة لمسايرة التطور التكنولوجى يتناقض تماما مع القرارات الغريبة والمثيرة للدكتور طارق شوقى وزير التعليم وصاحب فكرة المشروع حيث انه تم الغاء مادة الحاسب الالى من المجموع في التعليم واعتبارها مادة نشاط الامر الذى يتناقض تماما مع الدعوة بتفعيل البنك الذى يعتمد في الاساس على الكومبيوتر والتكنولوجيا.

مقترحات لانقاذ ما يمكن انقاذه
وبالتالى وبناءا على كل ماسبق فإن تأثيره سيكون قليل جداً جداً، ويجب توجيه المسئولين عن هذا المشروع بالتنسيق مع الجهات التي لديها خبرات كبيرة في تنفيذ هذا المشروع مثل: وحدة المكتبة الرقمية بالمجلس الأعلى للجامعات, الشبكة القومية للمعلومات بأكاديمية البحث العلمى و مكتبة الإسكندريةويجب ان تشكل لجان فنية وقانونية بعدد أعضاء كبير ومتنوع التخصصات للتفاوض مع الناشرين وعدم الاعتماد على مفاوضات يقوم بها شخص أو شخصين فقط، لأن تنوع تشكيل اللجنة سيكون له واقع افضل على الناشرين وسيمكن من الحصول على أسعار تفاوضية أفضل كثيراً.

وأكد المتخصصون أنه ولابد من أن يتم توجيه المشروع إلى أماكن وجهات محددة مثل: الجامعات المصرية الحكومية و المعاهد البحثية و المديريات التعليمية بالمحافظات و قصور الثقافة و مراكز الشباب ونوادي تكنولوجيا المعلومات.

وكذلك تخصيص جزء من موازنة المشروع لزيادة المحتوى المتاح على الأنترنت باللغة العربية من خلال التفاوض مع الناشرين العرب بمصر والدول العربية لإتاحة الكتب المنشورة باللغة العربية مجاناً من خلال الأنترنت، بالإضافة إلى ذلك لابد و ان يتم تخصيص موارد مالية لترجمة بعض مصادر المعرفة الدولية من اللغة الانجليزية إلى اللغة العربية وأتاحتها للمجتمع المصري بحيث تمنح ترجمة تلك النصوص اتاحتها مجاناً للمجتمع وامتلاك مصر لحق الاستفادة من قيام الناشرين بإعادة البيع ، وأخيراً لابد وأن يتم يشتمل على وضع خطة قومية لإتاحة الفكر المصري الذى تنتجه كافة المؤسسات المعرفية في مصر.