مكرم عبيد.. رفيق سعد غلول

مكرم عبيد باشا من مواليد 25 أكتوبر 1889، وهو سياسي ومفكر مصري، شغل منصب وزير المواصلات ثم وزير المالية في مصر في 3 وزارات، يعد أحد رموز الحركة الوطنية في مصر، حيث كان ضمن الوفد المصاحب لسعد زغلول باشا وتم نفيه مع الأخرون إلى جزيرة مالطة وعادوا بعد ثورة 1919، ويعد من أبرز رموز حزب الوفد بعد تأسيسه عام 1918، وبعد وفاة سعد زغلول تولى منصب سكرتير لحزب الوفد وترشح كعضو في مجلس النواب حتى عام 1946، وأحد مفكري مصر في حقبة الأربعينات والخمسينات.
ولد مكرم عبيد في قنا في صعيد مصر عام 1889، درس القانون في جامعة أكسفورد، وحصل على ما يعادل الدكتوراه في عام 1912، عمل سكرتيرا لصحيفة الوقائع المصرية ثم سكرتيرا خاصا للمستشار الإنجليزى اثناء الحرب العالمية الأولى، ثم عمل في المحاماه وأختير كنقيب للمحامين، وفي عام 1919م انضم إلى حزب الوفد، وفي عام 1928 عين وزيرًا للمواصلات، وفي عام 1935 أصبح سكرتيرا عاما للوفد، وبعد معاهدة 1936 عُين مكرم عبيد وزيرًا للمالية، وحصل على البشوية، وشارك في الوزارات الثلاثة التي تشكلت برئاسة كل من أحمد ماهر والنقراشي في عام 1946، وبعد خلافات دبت داخل حزب الوفد قرر الانفصال وتأسيس الكتلة الوفدية وقدم مكرم عريضة تضم مخالفات مالية في مجلس النواب تعرف ب«الكتاب الأسود»، لكن تسببت في عزله لاحقًا من مجلس النواب ثم اعتقاله.
كان مكرم عبيد خطيبًا بارعًا، حيث ساهم في ذلك إتقانه الشديد للغة لعربية، يُعد مكرم عبيد أيضًا هو صاحب فكرة النقابات العمالية وتكوينها، والواضع الأول لكادر العمال في مصر ووضع الحد الأدنى للأجور وتوفير التأمين الاجتماعي لهم، وواضع نظام التسليف العقاري الوطني، كما أنه صاحب الأخذ بنظام الضريبة التصاعدية للدخل، وتوفي عام 1961.
وُلد مكرم عبيد في 25 أكتوبر عام 1889 في إحدى قرى مدينة قوص بمحافظة قنا، لعائلة من أشهر العائلات القبطية وأثراها، وكان والده يعمل في مجال الإنشاءات وبسبب جهوده في إنشاء خط السكة الحديدية بين نجع حمادي والأقصر حصل على لقب الباكوية.
التحق بالمدرسة الأمريكية في أسيوط ودرس القانون في أكسفورد، وحصل على درجة امتياز في القانون عام 1908، واستكمل دراسته القانونية في ليون بفرنسا وحصل على ما يعادل الدكتوراه في عام 1912.
في عام 1913م عمل سكرتيرًا للوقائع المصرية، واُختير سكرتيرًا خاصا للمستشار الإنجليزي طوال مدة الحرب العالمية الأولى، ولكن بسبب كتابته رسالة في معارضة المستشار الإنجليزي "برونيات" شارحًا فيها مطالب الأمة المصرية وحقوقها إزاء الإنجليز قاموا بالاستغناء عنه، ثم عُين بعد ذلك أستاذًا بمدرسة الحقوق لعامين كاملين وفي عام 1919 انضم إلى حزب الوفد وعمل في مجال الترجمة والدعاية في الخارج ضد الاحتلال الإنجليزى حتى إن الجريدة الناطقة بلسان حزب الوفد أطلقت عليه لقب “الخطيب المفوه”.
اشتغل مكرم باشا بالمحاماة، وكرس وقته للدفاع عن المقبوض عليهم في تهم سياسية ومن لاحقه البوليس السياسي، ولا زالت أصداء مرافعاته معروفة في تاريخ المحاماة في مصر حيث كان يعتمد في دفاعه على التحليل المنطقي لدوافع الجريمة، وكان يستشهد بالقرآن في مرافعاته كثيرا، اُختير نقيبًا للمحامين ثلاث مرات وكان هو الذي قام بالدفاع عن عباس العقاد حين اتهم بسب الذات الملكية.
استطاع مكرم عبيد باشا أن يكون علاقة خاصة الشكل مع جماعة الإخوان المسلمين، حيث كانت هناك علاقات تربط الإخوان والكتلة الوفدية وكانا يتبادلا الزيارات، وكان حسن البنا يحظى بمكانة خاصة لديه، ويعد مكرم عبيد هو السياسي الوحيد الذى شيع جنازة الشيخ حسن البنا بجانب والده بعد أن منع البوليس السياسى في هذا الوقت أن يقترب أي رجل من منزل البنا وإلا تعرض للاعتقال باستثناء مكرم عبيد نظرًا لمنصبه الحكومي.
بعد ثلاث سنوات من رحيل البنا طلبت مجلة الدعوة -التي أسسها بعض أعضاء جماعة الإخوان- من عبيد أن يكتب مقالًا بسيطًا عنه وهي المقالة التي كتب فيها عبيد “فإذا كنتم أيها الإخوان المسلمون، قد فقدتم الحاكم الأكبر، الخالد الذكر، فحسبكم أن تذكروا أن هذا الرجل الذي أسلم وجهه لله حنيفًا، قد أسلم روحه للوطن عفيفًا، حسبكم أن تذكروه حيًّا في مجده، كلما ذكرتموه ميتًا في لحده.