بالمستندات.. مستشفيات الصحة تساهم في انتشار فيرس "سي" وتقتل 18 ألف مصري

18 ألف مريض بالهيموفيليا يصابون بفيروس سي نتيجة النقل الدم الملوث إليهم من المستشفيات.
6 حالات تقدموا بمحاضر ضد الصحة بالإسكندرية لإصابتهم بفيروس سي نتيجة الدم الملوث.
وزارة الصحة: على المصابين توثيق ذلك ومقاضاة المتسبب وكله بالقانون.
"عز العرب": نقل الدم ومشتقاته يصيب أغلب مرضى "الهيموفيليا والغسيل الكلوي" بفيروس سي.
خبير قانوني: عقوبة نقل الدم الملوث سنة سجن و200 جنيه غرامة.
يرقد محمد محسن الطفل البالغ من العمر عامين، على سرير الموت بمستشفى "أطفال مصر" القائمة بالسيدة الزينب، بعد أن أصيب بفيروس الكبدى الوبائي "سي" جراء نقل دماء له من بنك الدم بمستشفى الزقازيق بمحافظة الشرقية، خلال إجراء عملية جراحية لفصل اللسان عن الحلق، واكتشف الجراح المختص بمتابعة حالته، بأنه مصاب بمرض سيولة الدم، حيث تسبب الدم الملوث الذي نقله عن طريق البلازما ومشتقات الدم من المستشفى، الى إصابته بالفيروس، وفقًا لما أكده الطبيب المعالج.
لم يكن "محمد" حاله فردية، من ضحايا الدم نقل الدماء الملوثة في مصر، فهشام أشرف مريض هيموفيليا أصيب به بالوراثة، كان يقوم بنقل الدم من المعهد القومي لنقل الدم، بالدقي، وهو البنك الوحيد في مصر الذي يوزع الدم إلى أغلب مستشفيات مصر، حيث إنه دائم على تغيير دمه بسبب مرضه، إلا إن الدم الذى نقله تسبب في منعه من القبول في الخدمة العسكرية، حيث اكتشف خلال الكشف الطبي الخاص بالتجنيد، أنه مصاب بفيروس "سي" بسبب الدماء المنقولة له.
محمد يونس عبد الغني، حاله ثالثة من مرضي "الهيموفيليا"، أصيب بفيروس "سي" نتيجة نقل الدم الملوث إليه من معاهد نقل الدم، لافتًا إلى أنه يقيم بالقاهرة منذ 25 عامًا، "وفوجئت عندما قمت بإجراء تحليل كبد ووجدت أني مصاب بفيروس "سي"، وهذا نتيجة الدم الملوث، حيث إن عقار "الفاكتور" هو العقار الوحيد الآمن للمرضى، ولكن مشتقات الدم عموما كانت سببًا رئيسيًا لنقل فيروس "سي" بنسبة كبيرة لبعض مرضى الهيموفيليا، فنحن لا نطالب سوى بتوفير علاجنا الآمن الفعال وهو "الفاكتور"، حيث إن هناك مشكلة كبيرة تواجه المرضى وهي مشكلة المرضى الذين يعالجون منه على نفقة الدولة، حيث إن وزارة الصحة تقر لمريض الهيموفيليا 2500 لمدة 6 شهور، وهذا المبلغ لا يكفي نهائيًا، حيث إن إبرة الفاكتور سعرها 1098 جنيهات، وهى لا تكفي نهائيا نوبة نزيف واحدة، وبالتالي القرار لا يستمر أكثر من شهر أو على أكثر تقدير شهرين، وطبعًا الفيروس انتقل لنا من مشتقات الدم غير الآمنة وهي "البلازما أو الكرايو"، مشيرًا إلى أن هناك مشكلة أخرى يواجهها مرضى الهيموفيليا B، وهى عدم التصريح من إدارة الصيدلة للشركات المستوردة لفاكتور 9، رغم تقدم شركات الأدوية للاستيراد هذا العقار، الذين يعالجون به مرضى هيموفيليا B، وحاليا يأخذون العلاج البديل لفاكتور 9 وهو البلازما، وهي عبارة عن مشتقات دم وهي غير آمنة.
هذه الحالات لم تكن الوحيدة التي تمت إصابتها بفيروس "سي"، نتيجة نقل الدم الملوث، فهناك 6 حالات تم إصابتها بالفيروس في الإسكندرية، وهم "السيد أحمد السيد حسن، والد طفل، رضا محمد علي أبو طالب، يحيي عبد الحليم محمد"، وهما أولياء أمور لأطفال أصيبوا بفيروس"سي" نتيجة نقل الدم اليهم من مستشفيات الإسكندرية، بالإضافة إلى "كريم أحمد، وأكرم أحمد، إسلام حامد عبد لمنعم "هم مرضى تم نقل الفيروس إليهم نتيجة نقل الدم الملوث، وقد تقدموا بمحضر ضد مستشفيات الصحة بالإسكندرية، متهمين بإصابة بفيروس "سي"، نتيجة نقل الدم لملوث إليهم من المستشفيات الجامعية والتأمين الصحي.
تكشف "العربية نيوز" تورط بعض المستشفيات الحكومية في إصابة المرضى بفيروس الكبدي الوبائي "سي"، من خلال نقل دماء ملوثة لهم لا يتم اتخاذ الإجراءات الصحية، للتأكد من صحتها، مما يسبب أمراضا خطيرة للمرضى ويهدد حياتهم بالخطر في غياب تام لوزارة الصحة، والجهات المختصة المراقبة لمراكز الدماء في مصر.
"العربية نيوز" حصلت على تقرير صادر من المؤتمر الدولي لأمراض الدم بدول حوض البحر الأبيض المتوسط، 2011 والذي أكد أن المرضى المصريين أصيبوا بفيروس "سي" نتيجة نقل الدم إليهم من المستشفيات، وكان هناك مصنع مصري اسمه" الجوالين" تبعيته لمصنع فكسيرا الحكومي ينتج حقن "الفاكتور المصري" 80 جنيهًا، ولكن تم إغلاقه منذ أربع سنين بسبب تشققات في أسقف المصنع ولم يتم افتتاحه للآن، وهذا أدى إلى أن الشركات الأجنبية، رفعت سعر الحقنة من 600 إلى 1200 جنيه، الآن.
محمود فؤاد، مدير المركز المصري للحق في الدواء، قال لـ"العربية نيوز" إن مرض الهيموفيليا هو مرض وراثي، موضحًا أنه لو الأم مصابة فإن أطفالها الإناث تتتعرض للإصابة بنسبة 90% حاملات للمرض أما لو ذكور تنخفض النسبة يعنى الجنين يصاب بالمرض منذ أول يوم ولادة، وعددهم في مصر 18 ألف مريض إلى 20 ألف مريض، يتم إعطاؤهم أدوية باهظة الثمن الحقنة الواحدة بـ"1200 جنيه" الفاكتور الأجنبي.
من جانبه، أوضح الدكتور محمد عز العرب، استشاري أمراض الكبد ورئيس وحدة الأورام بالمركز القومي للكبد، أن وسائل نقل العدوى تنتشر بين المرضي المعرضون لنقل الدم مثل مرضى "بي وسي" عن طريق نقل الدم، لافتًا أن مرضى "الهيموفيليا" يحتاجون إلى الدم ومشتقاته، وهذا يحصل عن طريق الدم أو أي تدخل لنقل الدم، ونطالب دائما في مسائل نقل الدم الكشف على الأكياس بطريقة الحمض النووي، مشيرًا إلى أن الجهاز الواحد الذي يقوم بهذه العملية تبلغ قيمته 10 ملايين جنيه، ولابد أن يتم توفيره في أي مكان يتعامل مع الدم حتى في الأماكن المركزية، وإن مشكلة مرضي "الهميوفيليا والغسيل الكبدي" أكثر عرضة للإصابة بفيروسات "بي وسي".
وأضاف "عز العرب": "أن إصابة الأطفال بفيرس "سي" يعد أمرًا في منتهى الخطورة، حيث إن الهيموفيليا تكون وراثة عند أغلب الأطفال، والأطفال الذين أصيبوا بهذا المرض، بالنسبة لعلاجهم لا يتم علاجهم إلا بعد أن يصل عمرهم من 18 سنة حتى 70".
وأشار "عز العرب"، إلى "أن هولاء الأطفال يتم علاجهم بالأدوية الجديدة مثل السوفالدي والإنترفيرون، ويدخلون في دراسات علاجية ما زالت تحت الدراسة، لافتًا أن الدولة ليست مشاركة في هذه الدارسات، ويحتاجون للعلاج إلى مراكز طبية متخصصة لعلاج الأطفال".
"العربية نيوز" واجهت وزارة الصحة بما تم توثيقه من تورط المستشفيات التابعة لرقابة الوزارة بنقل دم ملوث للمرضى وإصابتهم بفيروسات كبدية مزمنة، وجاء الرد على لسان الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي باسم وزارة الصحة، أنه بالنسبة لعلاج مرضى الهيموفيليا، هناك نوعين للعلاج هو "العلاج بالفاكتور" والآخر بمشتقات الدم، لافتًا إلى أن الادوية التي يتم توفيرها في مصر هي التي يستخدمها المريض وهي التي تدعهما وزارة الصحة، مشيرًا إلى أن من يحدد المريض يحتاج إلى العلاج بالفاكتور أو مشتقات الدم هو الطبيب المعالج للحالة، وليس المريض، قائلاً: "نحن في مصر تحول المريض إلى طبيب والطبيب إلى مريض"، مؤكدًا إلى أنه بالنسبة للأسباب الفنية يختص بها الطبيب وحده، موضحًا أنه بالنسبة لإصابة بعض المرضى بفيروس "سي"، نتيجة نقل الدم إليهم من مستشفيات ومراكز الدم التابعة لوزارة الصحة ولديهم تقارير طبية تثبت ذلك، أجاب، أن على المريض الذي أصيب بذلك أن يتوجه للنيابة ويحقق في الأمر ويتم سجنه، لافتًا أن أية دولة في العالم لديها معايير تسير عليها في ظل الإمكانيات المتوافرة.
ويضيف أيمن رابح، المستشار القانوني: "أن مشكلة الدم الملوث أزمة في منتهي الصعوبة"، لافتًا إلى أن هناك صعوبة في تحديد الدم الفاسد تم نقله من أي مكان أو أي مستشفى، موضحًا أن أحد الأطباء، أكد أن مشكلة الدم الملوث تنتقل إلى المرضى أو إلى بنك الدم عن طريق المتبرعين الذين يقومون بالتبرع ويحصلون على مبالغ مالية، وأغلبهم يكونون مدمنين، ويتسبب ذلك في تلوث الدم، ومن يثبت تورطه في إصابة أحد بنقل فيروس إليه نتيجة نقل الدم، يعاقب بموجب المادة 244 من قانون العقوبات، والتي تنص على أنه إذا تسبب أحد الأطباء أو غيرهم في إصابة شخص يتم حبسه لمدة سنة وغرامة مالية 200 جنيه، وذلك في حالة ما إذا أثبت المريض أن الدم نقل إليه من هذا المكان.




