ما هي التطلعات للدولار الأمريكي في السنة القادمة ٢٠٢١

ربما الدولار الأمريكي هو العملة الأكثر تداولاً في الأسواق المالية العالمية والأكثر سيولاً، وربما يعتبر الدولار الأمريكي الأصل الأكثر تأثيراً على الأصول الأخرى، فهو العملة التي تسعر بها أهم السلع في العالم، وتسعر بها أسهم أكبر الشركات في العالم، ويتم استخدامها لإجراء التبادلات التجارية حتى بين الدول التي لا تستعمل الدولار كعملة أساسية لها، وهو من أهم العملات الاحتياطية بالنسبة للبنوك المركزية، وبهذا يكون الدولار أصلاً مركزياً في الأسواق المالية العالمية فكيف سيتحرك الدولار الأمريكي في العام القادم ٢٠٢١؟ وهل سيكون تداول الفوركس أمراً سهلاً في العام القادم؟
ماذا حمل عام ٢٠٢٠ للدولار الأمريكي
لم يكن عام ٢٠٢٠ عاماً عادياً بالنسبة للأسواق المالية، فقد هبط سعر معظم الأصول في الربع الأول مع الموجة الأولى من وباء كورونا في أوروبا والعالموهذا يشمل العملات والأسهم وحتى السندات، حيث شهدت الأسواق ذعراً كبيراً أدى إلى تحركات كبيرة في رؤوس الأموال وهروباً نحو الذهب وأصول أخرى، وهذا الهبوط الحاد لم يستثني الدولار الأمريكي، فقد هبط مؤشر الدولار الأمريكي DXY بشكل حاد في شهر آذار ومن ثم عاد ليصعد إلى مستويات شاهقة على الرغم من أنه لم يكسر عدة قمم سابقة.
وبعد الارتفاع في آذار الذي يراه البعض نتيجة اعتبار الدولار الأمريكي ملاذاً آمنا، بعد هذا الارتفاع عاد الدولار الأمريكي ليهبط منذ ذلك الحين وحتى الآن في اتجاه هابط مستقر، وتزامن هذا الاتجاه مع تعافي معظم الأصول في الاقتصاد العالمي مع عودة التفاؤل، وهذا يعزز نظرية اعتبار الدولار الأمريكي ملاذاً آمناً ويعني أنه لا زال محورياً في الأسواق العالمية.
ما هي العوامل التي تؤثر على قيمة الدولار الأمريكي، هناك عدة عوامل تحرك الدولار الأمريكي نذكر منها ما يلي
عاطفة المستثمرين
يتأثر الدولار الأمريكي مثله مثل العديد من العملات والأصول الأخرى بعاطفة المستثمرين، وخاصة الخوف أو الطمع، ويمكن قياس معنويات المستثمرين من خلال مؤشرات عديدة منها مؤشر الفيكسVIX او مؤشر الخوف من شبكة CNN أو حتى الاطلاع على سعر المؤشر الأمريكي المعياري ستاندرد أند بورزSP500، فالإقبال على الأسهم يعني الإقبال على المخاطر، كما يمكن متابعة السندات فإن زيادة الإقبال على السندات يعني الخوف والسعي لحيازة أصول أكثر أماناً، ويعتبر الدولار الأمريكي ملاذاً آمناً ويستمد هذه المكانة من قوة الاقتصاد الأمريكي ومن تأثير بنك الاحتياطي الفدرالي.
ويعتبر بنك الاحتياطي الفدرالي بنكاً مؤثراً في العالم بأجمعه وليس فقط في الولايات المتحدة فهو غالباً من يكون البادئ بسياسات التشديد أو التسهيل ومن ثم تتبعه العديد من البنوك المركزية الأخرى في العديد من أنحاء العالم، ولهذا فإنه يحدد النبرة التي تمشي عليها الأسواق في كثير من الأحيان.
سياسات الاحتياطي الفيدرالي
أما العامل الآخر الذي يؤثر على الدولار الأمريكي فهو سياسات الاحتياطي الفيدرالي، فإن سياسات التسهيل مثل تخفيض معدلات الفائدة والتيسير الكمي تضعف الدولار لأنها ترسل رسالة ضمنية للمستثمرين بأن النمو الاقتصادي لا زال ضعيفاً، بينما سياسات التشديد مثل رفع معدل الفائدة وإيقاف برامج التيسير الكمي من شأنها أن تعزز من قوة الدولار الأمريكي والإقبال عليه نظراً لأنها ترسل رسالة للأسواق بأن الاقتصاد الأمريكي لا زال قوياً وأنه من الضروري منع حدوث إفراط في النمو.
دورة الأعمال في الاقتصاد الأمريكي
بشكل طبيعي هناك دورة أعمال في كل اقتصاد تقريباً حيث تتعاقب مراحل النمو حتى مرحلة الذروة ومن ثم الانكماش حتى الوصول إلى القاع، وتتفاوت الدورات في طولها وفي فترتها، وتلعب المعنويات هنا دوراً مهماً حيث يصعب التنبؤ باستمرار النمو أو الوصول إلى الذروة والانعطافوالتراجع، وتفاؤل المستثمرين باستمرار النمو يعني الإقبال على الدولار الأمريكي أما التشاؤم حول النمو يعني الابتعاد عن الدولار والرغبة بالاستثمار في أصول أخرى ذات أفق أفضل، وهذا يبنى على مؤشرات عديدة تدل على طور النمو الذي يمر به الاقتصاد كالبطالة وغيرها.
الطلب على الدولار لسداد الديون
هناك الكثير من القروض بين الدول والكثير منها مسعر بالدولار الأمريكي وعندما يأتي موعد سداد الديون تحتاج الدول المقترضة إلى شراء الدولار لتسديد الدفعات وهذا من شأنه أن يعطي دفعة قوية للدولار كما حدث في وقت سابق من العام الحالي ٢٠٢٠.
وبالطبع هناك العديد من العوامل الأخرى التي تنعكس على قوة الدولار الأمريكي يصعب حصرها هنا.
التوقعات المستقبلية للدولار الأمريكي في عام ٢٠٢١
يظهر التحليل الفني لمؤشر الدولار الأمريكي، والذي يقيس قيمة الدولار مقابل سلة من العملات الأخرى الرئيسية في العالم، يظهر التحليل أن الدولار هو في حالة هبوط قوي لا زالت مستمرة إلى الآن، وعلىالإطار الزمني الأسبوعي يظهر أن المؤشر قد اخترق خط الاتجاه الصاعد باتجاه الأسفل، وهناك مجال مفتوح أمامه للمزيد من الهبوط، وربما يعتبر هذا الهبوط من الناحية الأساسية نتيجة لسياسات التحفيز التي اتخذت في العام الحالي لتخفيف آثار وتبعات وباء كورونا على الاقتصاد.
ويظهر الاتجاه الهابط على العديد من الأطر الزمنية الأخرى أيضاً ومنها اليومي وإطار الأربع ساعات، وهناك احتمالأن يعيد السعر اختبار خط الاتجاه، وعندها يجب إعادة تحليل الحركة السعرية لتقييم ما إذا كان التصحيح سيستمر أو أنه مجرد تراجع بسيط قبل متابعة الاتجاه الهابط.
وعلى الناحية الأساسية فإن الفوائد القليلة المحددة من قبل الاحتياطي الفدرالي لن تساعد الدولار على الصعود كثيراً، وكذلك حزمة التحفيز الجديدة التي وصلت قيمتها إلى ٩٠٠ مليار دولار أمريكي قد يكون لها آثار تضخمية، بالإضافة إلى التفاؤل حول اللقاحات المضادة لفيروس كورونا والتي تقلل الطلب على الملاذات الآمنة ومنها الدولار،ولهذا فإن العوامل الأساسية لا تدعم صعود الدولار في العام القادم.
تحليل زوج اليورو مقابل الدولار الأمريكي EUR/USD
من المثير للاهتمام عند النظر إلى الرسم البياني لزوجاليورو مقابل الدولار الأمريكي EUR/USD ملاحظة أن السعر قد كسر قناة هابطة على شكل علم عمرها ١٢ عام تقريباً، أي كانت مستمرة منذ عام ٢٠٠٨، وقد كسر السعر الخط الأعلى لهذه القناة واستمر بالاتجاه الصاعد مدفوعاً بضعف الدولار الأمريكي، وهذا يشير إلى أن احتمال استمرار صعود هذا الزوج هو المرجح.
وفعلياً لم يتراجع الاقتصاد الأوروبي بنفس مقدار تراجع الاقتصاد الأمريكي أثناء أزمة كورونا والآن اليورو يحظى بقوة مقابل الدولار الأمريكي حيث أن مؤشر اليورو كذلك هو في اتجاه صاعد ولا زالت عملة المنطقة الموحدة قوية رغم وجود الضغوطات على الاتحاد الأوروبي.
وينصح المتداولين بتفضيل مراكز الشراء على مراكز البيع، كما يفضل متابعة الحركة السعرية على الأطر الزمنية الصغرى وانتظار تراجع ضئيل للدخول في الاتجاه الصاعد، ويفضل انتظار أكثر من إشارة واحدة للتأكد قبل الدخول ولتخفيض المخاطر.
الملخص
يواجه الدولار الأمريكي ضعفاً واضحاً منذ عدة أشهر، وقد اخترق خط الاتجاه الصاعد نحو الأدنى وهي إشارة على الضعف، وكذلك فإن العوامل الأساسية تدعم فرضية هبوط الدولار الأمريكي، ويفضل قبل الدخول في أي مراكز متابعة معنويات المستثمرين عن كثب فإن حصول ذعر جديد في الأسواق قد يعكس الاتجاه الهابط بشكل كامل ويرسل الدولار الأمريكي نحو الأعلى.