عاجل
السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

صندوق النقد يطالب واضعي السياسات بالتركيز على شبكات الأمان الاجتماعي للتخلص من آثار جائحة كورونا

نيوز 24

في ضوء تقرير صادر عن صندوق النقد عن الاستقرار المالي العالمي، أدى عدم المساواة في الدخل الذي كان قائمًا قبل اندلاع جائحة كوفيد-19 إلى زيادة الآثار السلبية للجائحة، وتفاقم مظاهر عدم المساواة. ويظهر ذلك بشكل واضح في عدم المساواة في الحصول على التعليم، والرعاية الصحية، والتطعيم، والخدمات العامة، مما قد يؤدي إلى حدوث اضطرابات اجتماعية وتدهور الثقة في الحكومات. لذلك، تحتاج الحكومات إلى توفير فرصة عادلة للجميع تمكنهم من الوصول إلى أهدافهم الممكنة وتعزيز قدرة الأسر المعيشية الضعيفة على التحمل، والحفاظ على الاستقرار الاجتماعي، مما يؤدي بدوره إلى استقرار الاقتصاد الكلي وزيادة ثقة الأفراد في حكوماتهم. يتمثل التحدي بعد جائحة كوفيد -19 في كيفية تقليص فجوات الدخل في ظل السياسات المالية التقييدية الناجمة عن هذه الجائحة.



عدم المساواة قبل جائحة كوفيد -19 ودورها في تعميق أثار الجائحة

وتابع التقرير: "على مدى العقود الثلاثة الماضية، ارتفع التفاوت في الدخل في معظم الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة الكبيرة، بينما انخفض في العديد من الأسواق الناشئة والاقتصادات منخفضة الدخل. بالإضافة إلى ذلك، فإن توزيع الثروة يعد أكثر تفاوتًا مقارنة بتوزيع الدخل. هذا التفاوت في الدخل والثروة يخلق فرصًا غير متكافئة في التعليم، والرعاية الصحية، والخدمات الأساسية، ما يؤدي إلى استمرار عدم المساواة في الدخل جيلًا بعد جيل. يمكن أن يستدل على هذا التفاوت في الفرص من خلال نتائج البلدان في تحقيق أهداف التنمية المستدامة (SDGs). أدت مظاهر عدم المساواة بين الدول وفيما بينها قبل وقوع كوفيد-19 إلى تفاقم الآثار الصحية الضارة للجائحة، فعلى سبيل المثال، يرتبط عدد أسرة المستشفيات (وتوافر اللقاح لاحقًا) ارتباطًا سلبيًا بمعدلات الوفيات المعدلة حسب العمر للفرد. كما يتضح أن معدلات الإصابة والوفيات ترتبط بشكل إيجابي بالفقر، ويمكن تفسير ذلك من خلال أن الفقراء يعيشون في الأحياء والمنازل المزدحمة، وقلة فرص حصولهم على وظائف تمارس الابتعاد الاجتماعي، ومن ثم قلة الأمن الوظيفي والمدخرات المالية لديهم، وتدنى فرص الحصول على النظافة الصحية والوصول إلى الخدمات العامة الأساسية مثل: المياه والمرافق الصحية، والاعتماد أكثر على النقل العام، مما يجعلها أكثر عرضة للإصابة".

آثار كوفيد- 19 على عدم المساواة والفقر

واستكمل التقرير: "من المتوقع أن ترتفع وتيرة عدم المساواة والفقر بسبب هذه الجائحة، حيث تشير التقديرات العالمية إلى أن عدد الأشخاص الذين يعانون من الفقر المدقع سيرتفع بنحو 95 مليون شخص خلال عام 2020، مقارنة بتقديرات ما قبل كوفيد -19. وفي الاقتصادات النامية، تعد العمالة من ذوي المهارات المنخفضة وغير الرسمية، والشباب، والنساء هم الأكثر تضررًا. وقد ساعدت الإجراءات المالية التي اتخذتها بعض الحكومات في التخفيف من التأثير السلبي للجائحة على الدخل في بلدان مثل الولايات المتحدة، والبرازيل، وإثيوبيا. وقد تزداد وتيرة عدم المساواة في المستقبل بشكل أكبر بسبب إغلاق المدارس والذي أدى إلى اضطراب عالمي غير مسبوق في التعليم. ومن المتوقع أن يكون السبب الرئيسي لخسائر التعليم هو إغلاق المدارس، وأن يكون السبب الثانوي هو تأثر دخل الآباء بالآثار السلبية للجائحة. وستكون خسائر التعليم أكثر حدة في الأسواق الناشئة والاقتصادات النامية وبالنسبة للأطفال من الأسر الفقيرة والمناطق الريفية التي تفتقر إلى إمكانية الوصول إلى البنية التحتية المحدودة التي لا تستطيع دعم مخرجات التعلم عن بعد التي ظهرت جراء الجائحة".

سياسات لمعالجة أوجه عدم المساواة

واستطرد التقرير: "يجب على واضعو السياسات التركيز على شبكات الأمان الاجتماعي، والرعاية الصحية، والخدمات التعليمية التي تضررت بشدة من جائحة كوفيد -19، حيث يتعين على الحكومات أن تقدم التمويل العاجل لقطاع الرعاية الصحية، بما في ذلك حملات توفير اللقاح، فضلاً عن قيام قطاع التعليم بتقديم سبل الدعم للتعلم عن بعد ، وتشجيع إعادة التحاق الطلاب (إعطاء الأولوية للطلاب المعرضين لخطر الانقطاع عن الدراسة بدرجة أكبر ومنهم الإناث)، ومحاولة تعويض خسائر التعليم عن طريق تعديل المناهج الدراسية وبما يتناسب مع التقويم المدرسي المتأثر نتيجة للجائحة ، وتوفير أساليب التعليم المتطورة للمدرسين".

وأكد التقرير على أنه يمكن تحقيق ذلك من خلال التركيز على سياسات ما قبل التوزيع (قبل الضرائب والتحويلات) التي تعمل على تعزيز المساواة والنمو الشامل، وعلى سياسات إعادة التوزيع (بعد الضرائب والتحويلات) التي تعمل على الحد من الفقر وعدم المساواة في الدخل المتاح للتصرف، وتحسين فرص الحصول على الخدمات الأساسية في الأجل القصير من خلال إعادة توزيع الدخل نحو الأسر المنخفضة الدخل، وتعزيز النمو على المدى الطويل من خلال زيادة معدلات الالتحاق بالمدارس بين الأطفال من الأسر المعدمة.

1) سياسات ما قبل التوزيع

يحد الإنفاق الحكومي على التعليم من عدم المساواة في الدخل، وقد يقلل من الحاجة إلى إعادة التوزيع المالي. يمكن أن يؤدي الإنفاق الأفضل على التعليم إلى تقليل فجوات الالتحاق بالمدارس (الفجوة بين أعلى وأدنى دخل).

يلعب الاستثمار في الرعاية الصحية أيضًا دورًا رئيسيًا في تعزيز النمو والحد من عدم المساواة.

يستدعي التحول الاقتصادي الناجم عن جائحة كوفيد -19 زيادة مهارات العمال للتكيف مع المتطلبات الوظيفية الجديدة وأشكال العمل المستحدثة، وذلك من خلال توفير برامج التدريب على الوظائف، والمساعدة في البحث عن عمل، وإعانات الأجور. بالإضافة إلى ذلك، فإن تقليص الفجوة بين الجنسين في سوق العمل سوف يعزز النمو. ويمكن تحقيق ذلك على سبيل المثال من خلال إتاحة مراكز رعاية الأطفال على نطاق أوسع وبأسعار معقولة.

2) سياسات إعادة التوزيع (الضرائب والتحويلات)

أدت الضرائب والتحويلات المباشرة إلى الحد من أوجه عدم المساواة في الدخل بأكثر من الثلث في الاقتصادات المتقدمة، وقد تم ذلك بشكل كبير عن طريق التحويلات (الحد من عدم المساواة في القاع).

لزيادة الكفاءة في توزيع التحويلات، تحتاج الحكومات إلى إنشاء سجلات اجتماعية شاملة وزيادة التركيز على القطاعات غير الرسمية.

العمل على التوسع في اتاحة واستخدام المدفوعات الإلكترونية والتحويلات المالية عبر الهاتف المحمول لتعزيز الشمول المالي لمن لا يتوفر لديهم إمكانية الوصول إلى البنوك.

من ناحية أخرى، يمكن للحكومات التركيز على زيادة الكفاءة الضريبية (الحد من عدم المساواة في القمة) وتعزيز القدرة الضريبية لتلبية احتياجات الإنفاق الكبيرة نتيجة لفيروس كورونا.

تعد زيادة كل من الضرائب الهامشية القصوى وزيادة الضرائب التصاعدية أمران أساسيان.

تنفيذ برنامج الإصلاح الضريبي على الاستقطاعات الضريبية التي تساعد الأثرياء بدلاً من الفقراء.

زيادة ضرائب الدخل الرأسمالي والثروة، حيث أن هذه الأنواع من الضرائب عادة ما تميل أكثر نحو الأغنياء. وتشير النتائج إلى أن فرض ضريبة متكررة بنسبة 1٪ على ثروة أكثر 1٪ ثراءً من السكان يمكن أن يزيد الإيرادات بنسبة 0.4٪ - 0.6٪ من الناتج المحلي الإجمالي.

يمكن للبلدان فرض ضرائب مؤقتة للمساهمة في التعافي من فيروس كورونا.

الفرصة العادلة

تعد جائحة كوفيد-19 اختبارًا هاما لقدرات الحكومات على الحفاظ على ثقة الناس وتعزيزها، حيث يكمن الخطر في أن كوفيد-19 يمكن أن يؤثر سلبًا على تلك الثقة، خاصة إذا اعتبرت السياسات التي اتخذنها الحكومات استجابة للوباء غير كافية أو غير عادلة.

ضمان الحصول على التطعيم أمر بالغ الأهمية على أن هذا يتطلب تمويلًا فعالاً وكافيًا.

يعد تحديد الأولويات قبل الإنفاق أمرًا مهمًا بشكل خاص للحكومات حتى تتمكن من تلبية الاحتياجات والخدمات الأساسية وتوفيرها للأشخاص الأكثر تضررًا من هذا الوباء.

ينبغي على الحكومات أيضاً إعداد سياسات متوسطة الأجل تعمل على توفير الخدمات الأساسية بصورة أفضل، وكذلك توفير حماية أفضل للدخل من الصدمات التي قد يتعرض لها الاقتصاد، هذا إلى جانب تعزيز التعافي الوافر بفرص عمل للجميع.

يمكن للمجتمع الدولي أيضا تقديم الدعم المالي والفني، وتنسيق السياسات بين الدول للوصول إلى حلول أفضل.