عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

"الفهلوة".. أسلوب حياة

مشكلتنا الكبرى التي نواجهها جميعا الآن هي مشكلة عدم احترام التخصص .. وبشكل آخر هي انتشار الفهلوة لتصبح هي البديل الآمن للتخصص بمعنى أنك يمكن أن تدرس سنوات طوال وتتخصص في علم ما لسنوات أخرى ثم تخرج لتطبق ما تعلمت وما تخصصت فيه لتفاجأ أنه لامكان لك لأن الساحة مليئة بالبدائل وبمن يجيدون الفهلوة .. ونمشيها فهلوة .

في الوسط الصحفي مثلا هناك صحف قومية وصحف مستقلة بها كفاءات كبيرة وقامات أكبر قادرة على صنع صحافة مشرفة وراقية .. ولكن الواقع يؤكد شيئا آخر وهو أن كل من هب ودب الآن يمارس العمل الصحفي لمجرد أنه يمتلك صفحة على الفيس بوك أو يمتلك صحيفة من صحف بير السلم تطبع أعدادا محدودة يتم توزيعها باليد ولا يقرأها أو يعرفها أحد .. و يتحول أصحابها إلى كتاب كبار يظهرون على المجتمع بصفة كاتب صحفي وهم في الواقع قد لايجيدون القراءة والكتابة إلا قليلا .. إنها الفهلوة التي يمارسون بها النصب العلني والابتزاز لنجد أنفسنا أمام أمر واقع مرير نعاني منه بشدة . 

ونفس الأمر ينطبق على الإعلام الذي أصبح في مهب الريح بقنوات بير السلم أيضا التي تبيع الهواء لكل من دفع المقابل ليظهر على الشاشات وجوه غريبة لاتمت للإعلام بصلة متاح لها أن تعرض ما تريد وأن تتحدث فيما تريد لنصل إلى حالة التوهان التي نعيشها الآن دون رقيب أو حسيب رغم وجود الهيئات المسئولة التي لاتتحرك إلا بعد فوات الأوان ..

نفس الأمر ينطبق في كل المجالات حتى في السياسة أصبحت الفهلوة فيها هي التي تكسب دائما .. فأصبحنا نرى على الساحة وجوها لا علاقة لها بالعمل السياسي ولا الشعبي من قريب أو من بعيد ولكنهم يملكون ما يضعهم ضمن الصفوف الأولى وما يجعلهم كوادر سياسية رغم أنهم لم يمارسوا العمل السياسي وإن مارسوه ففي أشكال أخرى لاعلاقة لها بحقيقة السياسة ومن يعملون بها .. 

وفي نفس الإطار أصبحت الفهلوة هي التي تحكم الرأي العام فأصبح كل من يمتلك صفحة شخصية أو مجرد " أكاونت " على الفيس بوك أو تويتر .. أصبح خبيرا في توجيه الرأي العام وتوجيه الاتهامات على من يشاء والهجوم على الدولة قياداتها من أصغر مسئول وحتى رئيس الدولة نفسه في وضع لا مثيل له في العالم أجمع .. وأصبح من يمتلك مجرد صفحة واحدة إعلاميا يحمل درجة الدكتوراه الوهمية أو يحمل لقب المستشار أو السفير وهو في الواقع لا يحمل شهادة محو الأمية لصبح الإعلامي والدكتور والمستشار .. 

إنها الفهلوة ياسادة التي أصبحت تحكم حميع نواحي الحياة بأشكال مختلفة وألوان وصور عديدة جعلت من يملكون الموهية الحقيقية والقدرة على الإدارة والخبرات الحقيقية .. جعلتهم ينسحبون في صمت ليتركوا الساحة لهؤلاء لينشروا الفوضى في كل المجالات ..

الأمثلة كثيرة لاتعد ولا تحصى لظاهرة الفهلوة ولو أحصيناها سنكتب المجلدات .. الخلاصة أن الفهلوة أصبحت أسلوب حياة يمارسها المتسلقون والمنتفعون وأصحاب المصالح .. وللأسف أصبحت الفهلوة هي الطريقة الأسهل والأكثر ضمانا لجمع الأموال ولتحقيق أي مصلحة .. وللأسف أيضا أن هناك من يهتم بمن يمارسون الفهلوة ويحيط نفسه بهم معتقدأ أنهم هم من سيصنعون نجاحه وكيانه .. إنها الفهلوة ياسادة سمة العصر  وأسلوب حياة العصر الحديث بكل أسف .