هل يجهل ترامب القوانين أم يتجاهلها؟.. قراءة مصرية في تصريح مثير للرئيس الأمريكي حول فلسطين

انتقد الخبير في القانون الدولي الدكتور محمد محمود مهران، تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول تقليله من أهمية قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف بفلسطين.
ووصف ترامب قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بالاعتراف بدولة فلسطين بأنه: "لا يحمل أي وزن" و"لا أهمية له".
وأكد الدكتور مهران إن تصريحات ترامب تكشف عن جهل مطبق بآليات الاعتراف في القانون الدولي العام، مشيرا إلي أن الاعتراف الفرنسي ليس مجرد موقف سياسي، بل عمل قانوني ذو طبيعة إعلانية يُنتج آثاراً قانونية ملزمة.
وأوضح أستاذ القانون الدولي، أن ماكرون أعلن الخميس أن فرنسا ستعترف رسمياً بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل، مؤكداً أن هذا القرار يضع فرنسا كأول دولة غربية كبرى وعضو في مجموعة الدول السبع تتخذ هذه الخطوة التاريخية.
وتابع مهران: الاعتراف الفرنسي يأتي وفقاً للمادة الأولى من اتفاقية مونتيفيديو 1933، والتي تحدد شروط الدولة في القانون الدولي، مضيفا انه رغم التحديات الراهنة، فإن فلسطين تحقق المعايير الأساسية للشخصية القانونية الدولية.
وفي رده على تصريحات ترامب التي قال فيها "ما يقوله لا يهم" و"هذا البيان لا يحمل وزناً"، أكد مهران أن الولايات المتحدة تتناسى أن الاعتراف في القانون الدولي عمل سيادي لا يخضع لإرادة طرف ثالث، مهما كانت قوته السياسية أو الاقتصادية.
وأضاف ان القانون الدولي لا يعترف بحق الفيتو على قرارات الاعتراف السيادية، وموقف واشنطن يُظهر نزعة هيمنية تتعارض مع مبادئ المساواة بين الدول المكرسة في ميثاق الأمم المتحدة.
ولفت الخبير الدولي إلى أن الاعتراف الفرنسي ينضم إلى 147 دولة تعترف بالفعل بدولة فلسطين، مشيراً إلى أن هذا العدد يشكل أغلبية ساحقة في المجتمع الدولي تؤكد الشرعية القانونية للمطالب الفلسطينية،
وتوقع أن يُحدث القرار الفرنسي تأثير الدومينو بين الدول الأوروبية، خاصة مع الضغوط المتزايدة على رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر للاعتراف بدولة فلسطين.
كما انتقد مهران بشدة الرد الإسرائيلي على القرار الفرنسي، قائلاً: اتهام إسرائيل لفرنسا بـ مكافأة الإرهاب يُظهر عجزاً عن فهم طبيعة النزاع كقضية تحرر وطني مُعترف بها دولياً، وليس مجرد صراع أمني.
وأضاف ان التهديدات الإسرائيلية بضم الضفة الغربية رداً على الاعتراف الفرنسي تؤكد النية المبيتة لإجهاض أي حل سياسي، مؤكداً أن مثل هذه الخطوات تُشكل انتهاكاً صارخاً لاتفاقية جنيف الرابعة.
وشدد الدكتور مهران على دعوة المجتمع الدولي إلى عدم الانجرار وراء الضغوط الأمريكية-الإسرائيلية والتمسك بمبادئ القانون الدولي، مؤكداً أن الاعتراف بدولة فلسطين ليس منحة سياسية، بل استحقاق قانوني يكفله القانون الدولي العام.
وفي ذات السياق أكد ان التاريخ سيُسجل أن فرنسا وقفت في الجانب الصحيح من العدالة، بينما واشنطن اختارت الانحياز للقوة على حساب الحق.
من جابنه تحدث أستاذ العلوم السياسية أيمن الرقب، عن قرار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأن باريس ستعترف بدولة فلسطينية مستقلة، مؤكدا الحاجة الملحة لوقف الحرب في غزة وإنقاذ المدنيين.
وقال الرقب: "هذه الخطوة في غاية الأهمية وستجعل الدول الغربية الأخرى تعجل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية، وفرنسا أول دولة من الدول السبع الكبرى تعترف بدولة فلسطين".
وأضاف الخبير السياسي: "قرار الرئيس الفرنسي أمر مهم في هذه المرحلة بالذات ونتمنى ألا يتم التراجع عن القرار حتى إتمام الأمر، وتكون هناك فرصة لتغيير آلية التعامل مع الملف الفلسطيني، ونتمنى أن تخطو على خطاها دول أخرى مثل بريطانيا أو كندا".
بيان الرئيس الفرنسي
جاء في بيان ماكرون: "وفاء بالتزامنا التاريخي بالسلام العادل والدائم في الشرق الأوسط، قررت أن تعترف فرنسا بدولة فلسطين وسأعلن بيانا احتفاليا في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر القادم".
واختتم قائلا: "على ضوء الالتزامات التي قدمها لي رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، كتبت له وأعربت عن عزمي على المضي قدما بالاعتراف بدولة فلسطين".
من جانبها، رحبت حركة حماس بإعلان ماكرون وقالت في بيان: "إنها خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح نحو إنصاف الشعب الفلسطيني المظلوم، ودعما لحقه المشروع في تقرير المصير، وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة على كامل أراضيه المحتلة وعاصمتها القدس".
يأتي هذا القرار في وقت تشهد فيه القضية الفلسطينية تحولات دولية كبيرة، حيث سبقت فرنسا عدة دول أوروبية مثل إسبانيا والنرويج وأيرلندا في الاعتراف بدولة فلسطين، لكن يبقى القرار الفرنسي الأكثر تأثيراً نظراً للوزن السياسي والدولي لفرنسا.