"حقنة سامة".. خفايا جديدة حول قانون "الإعدام البطيء" للأسرى الفلسطينيين
كشفت مناقشات داخل لجنة الأمن القومي في الكنيست الإسرائيلي، اليوم، عن تفاصيل مشروع قانون يتيح إعدام الأسرى الفلسطينيين عبر حقنة سامة، ويمنع أي إمكانية للاستئناف.
ووفق ما جاء في مشروع القانون، الذي تقدم به حزب "القوة اليهودية" برئاسة وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، فإن تطبيق عقوبة الإعدام إلزامية على كل من يقتل يهوديًا بدافع قومي، بما يشمل المخططين والمحرضين.
لا يعطي القانون صلاحية تقديرية قضائية، أو إمكانية الطعن بنوع العقوبة أو تخفيفها عبر صفقات أو عفو، على أن يتم تنفيذ الحكم خلال 90 يومًا من صدوره عبر حقنة سامة بواسطة مصلحة السجون.
وقال بن غفير خلال جلسة لجنة الأمن القومي في الكنيست: "هذا أهم قانون مر في الكنيست ولا يمكن التساهل في هذا الموضوع، ولا يجب منح القضاة أي مجال للاجتهاد".
من جهته، قال رئيس نقابة الأطباء الإسرائيلية خلال النقاش "يمنع منعًا باتًا على أي طبيب إسرائيلي أن يشارك في عملية قتل أو إعدام، فالأمر غير أخلاقي وغير مهني، ونحن ضد القانون، ولا يجوز للأطباء أن يشاركوا في عملية الإعدام".
الإعدام "البطيء"
وقال رئيس نادي الأسير الفلسطيني، عبد الله الزغاري، إن "القانون أخطر ما يواجه الأسرى اليوم"، داعيًا الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحقوقية للتحرك العاجل لوقف ما وصفها بـ"الجريمة المنظمة".
وأكد الزغاري في تصريح لـ "إرم نيوز"، أن إلزام إسرائيل باحترام القانون الدولي وحقوق الإنسان ضرورة عاجلة، موضحًا أن عدد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية تجاوز 9 آلاف و250 أسيرًا ومعتقلًا، أغلبهم من الموقوفين والمعتقلين الإداريين.
واعتبر أن إسرائيل تمارس "سياسات الإعدام البطيء بحق الأسرى والأسيرات داخل السجون، وأن مختلف الفئات من النساء والأطفال وكبار السن، يتعرضون للاحتجاز في ظروف صعبة، تحت تصنيفات متعددة، بما فيها الاعتقال الإداري ودون محاكمة، وهو ما يشكل انتهاكًا للقوانين الدولية وحقوق الإنسان".
جدل محتدم
ويثير المشروع جدلًا واسعًا داخل إسرائيل، إذ وصفه عضو الكنيست، جلعاد كاريف، من حزب "هناك مستقبل" بأنه "عنصري ويطبق فقط عند فقدان حياة يهودي"، مؤكدًا أن مقدميه من مجموعة عنصرية متعصبة ويشير إلى ارتباطهم بأفكار متطرفة، مثل تقديس منفذ مجزرة الحرم الإبراهيمي باروخ غولدشتاين.
الجدل البرلماني لم يتوقف عند هذا الحد، إذ اندلعت مواجهات حادة بين بن غفير وأعضاء الكنيست المعارضين، بما في ذلك النائبة عايدة توما سليمان، وسط توترات كلامية واتهامات متبادلة حول العدالة والعرقية والقيم الوطنية.
من جانبها، رأت هيئة الدفاع العام التابعة لوزارة العدل، أن "القانون لن يكون رادعًا للجريمة"، مشيرة إلى تجارب دولية أثبتت محدودية تأثير عقوبة الإعدام في منع الجرائم.
وبينما يمر القانون حاليًا في مرحلة الإعداد للقراءة الثانية والثالثة، عبرت أطراف حقوقية فلسطينية عن خشيتها من أن يتحول إلى أداة لتوسيع الانتهاكات بحق الأسرى الفلسطينيين، خصوصًا أنه يسري بأثر رجعي على من تم اعتقالهم بعد 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ويأتي المشروع وسط تصاعد التوترات في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يعاني الفلسطينيون من تداعيات العمليات العسكرية الإسرائيلية، والتي تشمل عدوانًا دمويًا وفرض قيود مشددة على الحياة اليومية للأسرى وعائلاتهم.
يذكر أن عقوبة الإعدام موجودة في القانون الإسرائيلي لعدد محدود من الجرائم، إلا أن إسرائيل لم تنفذها فعليًا منذ إعدام أدولف أيخمان عام 1962، أحد مهندسي المحرقة اليهودية (الهولوكوست)، ومع ذلك، يمثل القانون الجديد تحولًا خطيرًا، إذ يشرعن الإعدام بشكل انتقائي، ويهدد حقوق الأسرى الفلسطينيين بموجب القانون الدولي الإنساني.
ويتوقع مراقبون أن يواصل الكنيست مناقشاته حول المشروع، وسط معارضة حقوقية محلية ودولية متصاعدة، في وقت تحذر فيه المنظمات الحقوقية من أن القانون قد يصبح سابقة خطيرة في تاريخ الجرائم المرتكبة ضد الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.