عاجل
الإثنين 08 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

لماذا تدخلت نيجيريا لإحباط "انقلاب بنين" وتخلت عن غينيا بيساو؟

علما بنين ونيجيريا
علما بنين ونيجيريا

كادت بنين أن تنضم إلى قائمة البلدان التي شهدت انقلابات عسكرية في السنوات الخمس الماضية، بعد 10 أيام من التغييرات غير الدستورية في غينيا بيساو، لكن سارعت جارتها نيجيريا إلى إحباط المحاولة عبر تدخل عسكري خاطف.

وبينما حبست بنين أنفاسها في اليوم التالي لمحاولة الانقلاب الفاشلة، لا زال تحرك نيجيريا لاتخاذ قرار حاسم، يثير التكهنات، خاصة أنها لم تفعل ذلك في حالة غينيا بيساو التي عرفت انقلابًا مماثلًا ناجحًا، وهي عضو في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا "إيكواس" حالها حال جمهورية بنين.

وسرعان ما قُوبلت محاولة انقلاب أمس بالرفض ميدانيًا، فبعد إعلان المتمردين تحركهم بوقت قصير، اندلع إطلاق نار كثيف حول الميناء والقصر الرئاسي. وشنّ عناصر من الحرس الجمهوري، الموالي لرئيس الدولة باتريس تالون، هجومًا مضادًا لاستعادة مواقع استراتيجية.

وطلبت حكومة بنين المساعدة من الجيش النيجيري، الذي نشر طائرات مقاتلة وقوات برية لتأمين محطة التلفزيون الحكومية ومعسكرًا عسكريًا استولى عليه المتمردون.

تحركات غير اعتيادية
وكشفت معلومات ميدانية عن رصد تحركات جوية غير اعتيادية في أجواء بنين، يوم الأحد، تمثلت في دخول طائرات تابعة لسلاح الجو النيجيري أجواء بنين، اثنتان منها دخلت في وقت واحد وبسرعة عالية، إحداهما قادمة من أبوجا والأخرى من لاغوس. 

وكدلالة على وقوف أبوجا عن كثب على إحباط محاولة الإطاحة بحكم تالون، نزلت طائرة نائب الرئيس النيجيري، كاشيم شيتيما في بنين حيث تابع العمليات التي نفذّها السلاح الجوّي النيجيري داخل أراضي جارته وفق ما كشفت مصادر مطلعة.

وبرر رئيس نيجيريا بولا تينوبو القرار قائلا، "وقفت القوات المسلحة النيجيرية بشجاعة للدفاع عن النظام الدستوري في بنين وحمايته، بدعوة من الحكومة البنينية"، مؤكدًا أنها "ساعدت في استقرار دولة مجاورة".

وأضاف أن هذه الإجراءات نُفذت "في إطار بروتوكول الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا" بشأن الديمقراطية والحوكمة الرشيدة.

نشر فوري
وأعلنت "إيكواس" في غرب أفريقيا عن "نشر فوري" لقوات من نيجيريا وسيراليون وساحل العاج وغانا لدعم "الحكومة والجيش الجمهوري" في بنين و"الحفاظ على النظام الدستوري".

وقوة الاحتياط التابعة لمجموعة "إيكواس" مُكلفة بضمان السلام والاستقرار في المنطقة. على سبيل المثال، نُشرت في غامبيا عام 2017 عندما رفض الرئيس المنتهية ولايته يحيى جامع التخلي عن السلطة.

ولم يكن من قبيل المصادفة أن يأتي التدخل النيجيري بعد اتصال هاتفي من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي تحدث عن طلب تينوبو مزيدًا من الدعم من باريس لمواجهة العنف المتصاعد في شمال نيجيريا.

وقال ماكرون إنه تحدث مع تينوبو عبر الهاتف يوم الأحد، وأكد "التزام فرنسا بمساعدة نيجيريا في مواجهتها للتهديدات الأمنية المتعددة".

ودعا أيضًا الشركاء الدوليين الآخرين إلى تكثيف مشاركتهم، محذرًا من أنه "لا يمكن لأحد أن يظل متفرجًا" في معالجة التهديد الذي تشكله الجماعات المتطرفة العنيفة.

تحرك أبوجا
وعدّ مراقبون ذلك، دلالة سياسية على ضرورة تحرك أبوجا التي تعتبر القوة الإقليمية الكبرى وتحملها مسؤولياتها في تطويق "دومينو الإنقلابيين" بسرعة، لأنّ أية تدخل عسكري تقوده سيحظى بدعم دولي.

وتنظر نيجيريا من الناحية الأمنية إلى بنين كشريك محوري في تأمين الحدود ضد تهديدات جماعات متطرفة مرتبطة بتنظيمي القاعدة والدولة في شمال بنين المحاذية للنيجر وبوركينافاسو الذي بات مصدر قلق أمني، إذ تخشى أبوجا من تسلل العنف عبر حدودها الغربية، حيث أصبح أمن نيجيريا الحدودي يرتبط بتعزيز التعاون الاستخباراتي والعسكري مع جارتها لضبط الحدود الشمالية ومواجهة خطر الإرهاب والتطرف.

ويتعرض شمال بنين بانتظام لهجمات قاتلة تشنها جماعات مسلحة من منطقة الساحل. ففي منتصف أبريل الماضي، قُتل ما لا يقل عن 54 جنديًا في منتزه غرب الوطني، وهي أكبر خسارة يتكبدها الجيش منذ بدء التوغلات الجهادية في شمال البلاد أواخر عام 2021.

كما تستغل شبكات الجريمة المنظمة الحدود المفتوحة لتهريب الأسلحة والمخدرات عبر البلدين، مما يشكّل تهديدًا جيوسياسيًا لأمن نيجيريا الداخلي.  

ويعد هذا التفسير الأمني والجيوسياسي كافياً لعدم تدخل نيجيريا في غينيا بيساو الواقعة في غرب القارة الأفريقية، ولا تجمعهما حدود برية مشتركة، والذي مكّن قيادة عسكرية جديدة من السيطرة على البلاد يوم 26 نوفمبر "تعليق العملية الانتخابية" بعد أيام من إجراؤها في 23 نوفمبر.

وفي اليوم التالي، غادر الرئيس المنتهية ولايته، عمر سيسوكو إمبالو، البلاد على متن طائرة مستأجرة من السنغال.