عاجل
السبت 13 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

بلجيكا تناور والمجر ترفع الفيتو.. تجميد الأصول الروسية يقسم الأوروبيين

أعلام الاتحاد الأوروبي
أعلام الاتحاد الأوروبي والعلم الأوكراني.

في وقت يواجه فيه  الاتحاد الأوروبي تحدياً وجودياً لدعم أوكرانيا مالياً بعد توقف المساعدات الأمريكية، تتصاعد أزمة داخلية حادة حول مصير 210 مليارات يورو من الأصول الروسية المجمدة. 

بلجيكا، التي تحتضن معظم هذه الأموال في مؤسسة يوروكلير المالية، تقف في وجه المفوضية الأوروبية رافضة خطة "قرض التعويضات" خوفاً من انتقام روسي قد يدمر اقتصادها. 

وفيما تحذّر المجر وسلوفاكيا من "اغتصاب منهجي للقانون الأوروبي"، يستعد قادة الاتحاد لقمة مصيرية، في 18 ديسمبر، قد تحدد مستقبل الدعم الأوروبي لكييف، في ظل تهديدات روسية بـ"اعتبار الأمر سبباً للحرب"، وتحذيرات من خبراء بأن هذه الخطوة قد تزعزع الثقة بالنظام المالي الأوروبي، وتدفع الصين لسحب استثماراتها.

التجميد الدائم.. مناورة قانونية لتجاوز الفيتو المجري

اتخذ الاتحاد الأوروبي، يوم الجمعة، خطوة تاريخية بتجميد الأصول الروسية إلى أجل غير مسمّى حتى تنتهي الحرب، وتدفع موسكو تعويضات لأوكرانيا.

وباستخدام المادة 122 من المعاهدة الأوروبية المخصصة للطوارئ الاقتصادية، تجاوز الاتحاد قاعدة الإجماع المطلوبة كل 6 أشهر، مما يمنع المجر وسلوفاكيا الموالية لموسكو من استخدام حق النقض.

وأعلن رئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا أن القادة الأوروبيين التزموا، في أكتوبر، بإبقاء الأصول الروسية مجمدة حتى تنهي روسيا الحرب وتعوّض أوكرانيا عن الأضرار.

لكن رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان، أقرب حلفاء فلاديمير بوتين في أوروبا، اتهم المفوضية الأوروبية بـ"الاغتصاب المنهجي للقانون الأوروبي"، حيث صوّتت المجر وسلوفاكيا ضد القرار، بينما وافقت 25 دولة عضو. 

بلجيكا تقف وحيدة

تواجه بلجيكا ضغوطاً هائلة لقبول خطة "قرض التعويضات" البالغة 165 مليار يورو، لكن رئيس الوزراء بارت دي ويفر يصر على رفضه.

تقارير "بوليتيكو" تفيد بأن بلجيكا قد تواجه، قريباً، نفس معاملة المجر في الاتحاد الأوروبي - العزلة والتجاهل والعقاب - لمجرد رفضها خطة أورسولا فون دير لاين.

وتقول الرسالة لبلجيكا إن دبلوماسييها، ووزراءها، وقادتها، سيفقدون صوتهم حول طاولة الاتحاد الأوروبي، ولن يتم الرد على مكالماتهم الهاتفية، وفق دبلوماسي أوروبي.

تحذير واضح لأي دولة تجرؤ على معارضة التوجه السائد في بروكسل.

مخاوف بلجيكية مشروعة

ولكن يوجد لدى بلجيكا أسباب وجيهة لرفض الخطة، بحسب خبراء دوليين.

وقال وزير الخارجية البلجيكي ماكسيم بريفو إن مخطط قرض التعويضات ينطوي على مخاطر اقتصادية ومالية وقانونية كبيرة، وإن مقترحات المفوضية لا تعالج مخاوف بلجيكا، مضيفاً أنه ليس من المقبول استخدام المال وتركنا وحدنا نواجه المخاطر.

ويؤكد ألكسندر كوليندر، المحلل المالي في مركز تحليل السياسة الأوروبية، أن المخاطر حقيقية إذ تخشى بلجيكا ويوروكلير من أنه إذا انتقمت روسيا وأممت حساب يوروكلير في روسيا، فقد يخلق ذلك نقصاً في رأس المال قد تضطر الحكومة البلجيكية لتغطيته، كما أن عملاء يوروكلير الغربيين الذين استثمروا في الأصول الروسية قد يحاولون مقاضاة يوروكلير وطلب التعويض.

وتحذر فيرل كولايرت، الخبيرة المالية بجامعة لوفن البلجيكية، من مخاطر أوسع، وتشرح: "قد تقرر دول أخرى، خاصة الصين، سحب أصولها من أوروبا رداً على ذلك، فالصين لديها الكثير من الأصول في يوروكلير وهي استثمارات في أسهم الشركات الأوروبية، مما يعني أن القوى الأجنبية لن تميل للاستثمار في الشركات الأوروبية مستقبلاً، وهو ما قد يضر بشدة بوضعنا الاقتصادي".

التهديدات الروسية.. من الحرب الرمادية إلى القضاء الدولي

بدوره يحذّر روبرت كريمزنر، المحلل المتخصص في حرب المنطقة الرمادية الروسية بمعهد نيو لاينز، من تكتيكات الانتقام المحتملة.

وأضاف أن روسيا كانت نشطة جداً في استخدام ما يسمّى بالحرب الرمادية، وهي أعمال عدائية ضد دول أخرى تقع دون عتبة الحرب.

وتابع: "بالتالي ليس من السهل الرد عليها، ومن الأمثلة عليها: حرب المعلومات والهجمات السيبرانية، والتدخل في الانتخابات، وانتحال هوية نظام تحديد المواقع، وقطع الكابلات تحت البحر، وهجمات الحرق العمد، والاغتيالات المتزايدة".

من الناحية القانونية، الخطر الأكبر يكمن في التحكيم الاستثماري، فبموجب معاهدة الاستثمار الثنائية بين بلجيكا ولوكسمبورغ وروسيا، يمكن للكيانات الروسية المرتبطة بالدولة الادعاء بانتهاك بلجيكا لحماية المستثمرين. ووصف دي ويفر هذا التهديد بـ"سيف ديموقليطيس" المعلق فوق حكومته.

ضمانات غير كافية

وتطالب بلجيكا بثلاثة شروط رئيسة قبل الموافقة. الشرط الأول هو التقاسم الكامل للمخاطر من قبل جميع الدول الأعضاء، وضمانات السيولة ليوروكلير.

والشرط الثالث هو التقاسم الكامل للأعباء، مما يعني جمع 185 مليار يورو من الأصول المحتفظ بها في يوروكلير و25 مليار يورو المحتفظ بها في البنوك الخاصة في فرنسا، وألمانيا، والسويد، وقبرص، وبلجيكا.

ويشير المفوض الاقتصادي الأوروبي فالديس دومبروفسكيس إلى أن المفوضية منفتحة على إدراج الضمانات التي تريدها بلجيكا في الخطة لاستخدام أصول البنك المركزي الروسي المجمدة لقرض لأوكرانيا، لكن التفاصيل ما زالت محل تفاوض مكثف.

القمة المصيرية.. 18 ديسمبر موعد الحسم

ويمرر السفراء، حالياً، سطراً تلو الآخر عبر النصوص القانونية، ولديهم مناقشات مجدولة ليومي الخميس والجمعة وحتى يوم الأحد، والهدف هو حل أكبر عدد ممكن من الأسئلة قبل اجتماع القادة الأوروبيين في قمة حاسمة في 18 ديسمبر، حيث سيقررون كيفية جمع 90 مليار يورو لتلبية احتياجات أوكرانيا المالية والعسكرية لعامي 2026 و2027.

وتعكس هذه الأزمة صراعاً أعمق داخل الاتحاد الأوروبي حول كيفية دعم أوكرانيا في عصر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وحول مدى استعداد بروكسل لإجبار الدول الأعضاء على القرارات حتى لو كانت مخاوفها مشروعة.

يأتي ذلك في وقت تتصاعد فيه الأصوات المحذرة من تحول الاتحاد إلى "ديكتاتورية" لا تحتمل الاختلاف.