الشيخوخة لا تقتلنا.. دراسة جدلية تكشف الأسباب الحقيقية للوفاة
عادة ما يعتقد أن الشيخوخة سبب طبيعي للوفاة، إذ تتدهور أجهزة الجسم تدريجيا مع التقدم في العمر.
لكن دراسة حديثة أجراها المركز الألماني لأمراض التنكس العصبي، تشير إلى أن الشيخوخة ليست السبب المباشر للوفاة، بل مرحلة تجعل الجسم أكثر عرضة لأمراض محددة تنتهي بالموت.
ووجد الباحثون أن علامات الشيخوخة الشهيرة، مثل تراكم الخلايا الميتة والحمض النووي التالف وتدهور أغطية الكروموسومات (الهياكل الواقية الموجودة في نهاية كل كروموسوم في خلايانا)، ليست القاتل المباشر بل مجرد مؤشرات على ضعف الجسم وزيادة قابليته للإصابة بأمراض مميتة مثل قصور القلب.
وفي الدراسة، حلل فريق البحث 2410 تقارير لتشريح الجثث البشرية، وكشف أن الجهاز الدوري (الجهاز القلبي الوعائي) هو نقطة الضعف الرئيسية في الجسم. وكان سبب الوفاة الأكثر شيوعا أمراض القلب والأوعية الدموية، خصوصا النوبات القلبية التي غالبا ما لم تُشخص إلا بعد التشريح، وشكلت 39% من الحالات.
وحتى بين المعمرين الذين تزيد أعمارهم عن 100 عام، الذين يُعتقد عموما أنهم بصحة جيدة، لم تكن الشيخوخة سبب الوفاة. فقد توفي نحو 70% منهم لأسباب مرتبطة بالقلب والأوعية الدموية، وربعهم بسبب فشل الجهاز التنفسي، بينما كانت نسب أقل بسبب فشل أعضاء أخرى محددة.
وتشير هذه النتائج إلى أن أدوية "مكافحة الشيخوخة" لا تبطئ الشيخوخة نفسها، بل تؤخر ظهور مرض معين فقط. وبحسب التحليل، توزعت أسباب الوفاة كالتالي: النوبات القلبية 39% وفشل القلب أو الرئة 38%، والسكتات الدماغية نحو 18% والجلطات الدموية في الرئتين 10% وتمزق الشريان الرئيسي أقل من 10%.
وأضاف الباحثون: "لطالما تأثرت أبحاث الشيخوخة بافتراضات قد لا تعكس التعقيد الحقيقي للعملية. ومن أكثر هذه الافتراضات شيوعا أن إطالة العمر تعني بالضرورة إبطاء الشيخوخة. في الواقع، غالبا ما تعكس إطالة العمر تأخير ظهور أمراض معينة، وليس تباطؤ الشيخوخة نفسها".
وحذر الباحثون من أن غالبية الدراسات على "علامات الشيخوخة" أجريت على حيوانات مسنة، ما يصعب تحديد ما إذا كانت هذه التدخلات تبطئ الشيخوخة أم تعالج أعراضها فقط. وفي الدراسات القليلة التي شملت حيوانات صغيرة، ساعد العلاج الحيوانات الصغيرة والمسنة على حد سواء، ما يشير إلى أن النتائج تعكس تعزيز الصحة عموما، وليس تعديل معدل الشيخوخة.
ومن أبرز علامات الشيخوخة "الخلايا الزومبي"، وهي خلايا تالفة تتوقف عن الانقسام لكنها لا تموت، بل تبقى في الجسم وتفرز مواد مسببة للالتهاب، ما يساهم في الشيخوخة وأمراض مثل الزهايمر والتهاب المفاصل والسرطان والسكري. ويُزعم أن هذه الخلايا هي المحرك الرئيسي للشيخوخة، وإذا صح ذلك، فإن إزالتها يجب أن تقلل الأمراض لدى المسنين وتبطئ التدهور العضوي على المدى الطويل.
ويؤكد الباحثون أن تقييم قدرة هذه التدخلات يتطلب اختبارها على الحيوانات في منتصف العمر، لتتبع التدهور مع التقدم في العمر.