عاجل
الأربعاء 24 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

انسحاب دول الساحل الأفريقي من "إيكواس".. قرار سيادي أم "هدية" للمتطرفين؟

اجتماع لـإيكواس في
اجتماع لـ"إيكواس" في المقر الرئيسي بـ"أبوجا" نيجيريا

كشف تقرير حديث أن الخلاف بين تحالف دول الساحل "مالي وبوركينا فاسو والنيجر" مع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، أعاد تشكيل المشهد الأمني في غرب أفريقيا بالكامل؛ إذ أنه خلق فراغاً استراتيجياً استفادت منه الجماعات الإرهابية بشكل كبير.

وبحسب "جون أفريك"، فإن المنطقة، منذ إعلان الانسحاب وتأسيس تحالف دول الساحل (AES)، تعيش مرحلة من عدم الثقة العميقة بين الدول المجاورة، مع شلل شبه كامل في آليات التعاون الأمني. 

ويعتقد محللون أن هذا الانقسام فتح المجال أمام جماعات إرهابية بما فيها "بوكو حرام" وفروعها، و"داعش في الصحراء الكبرى (EIGS)"، و"جماعة النصرة(Jnim) " لاستغلال الحدود المفتوحة والتوسع جنوباً نحو دول خليج غينيا.

وكشفت مصادر أن المنطقة الثلاثية بين بوركينا فاسو والنيجر وبنين، شهدت سلسلة من الهجمات ضد قواعد عسكرية امتدت إلى شمال بنين وشمال توغو؛ نظرًا لأن قدرة هذه الجماعة على التحرك بسرعة واستغلال الحدود المفتوحة والافتقار للتنسيق الأمني بين الدول، يجعلها تتعامل مع الفضاء الأمني كما لو كان منطقة واحدة بلا سيادة واضحة.

من جانبه وصف رئيس بنين، باتريس تالون، المنطقة بأنها تشهد غيابًا شبه كامل للتعاون مع الدول المجاورة رغم أن المصلحة الأمنية مشتركة، مضيفاً أن محاولات بنين لإقامة تحصينات أو استراتيجيات دفاعية مثل عملية "ميرادور" لم تعد كافية إلَّا لرصد الهجمات والتعامل معها بعد وقوعها، وليس لردعها قبل الوصول إلى أراضي الدولة.

الأمر نفسه يتكرر في محور آخر بين بوركينا فاسو وبنين وتوغو، وأيضاً بين بنين والنيجر ونيجيريا، حيث تتلاقى الجماعات المتنافسة؛ ما يعرض المنطقة لصراعات دائمة بين التنظيمات المسلحة. 
وحذرت منظمة "أكليد" من احتمال تحول هذه المناطق إلى بؤر نزاع في عام 2026؛ ما يؤكد حجم الخطر ويعكس عجز التحالفات الإقليمية عن استعادة السيطرة.

ويرى الخبراء أن الأزمة ليست محصورة بالبعد الأمني فحسب، بل ترتبط بعوامل سياسية وجيوسياسية أعمق؛ فالعقوبات التي فرضتها "إيكواس" بعد الانقلابات العسكرية قوّضت ما تبقى من الثقة بين الأنظمة العسكرية في الساحل والمنظمة التي يقودها مدنيون، في حين أدخل الانقسام الجيوسياسي بين مؤيدي فرنسا وأتباع روسيا وتركيا بعداً جديداً يزيد تعقيد أي محاولة لتنسيق أمني مشترك.
ويتساءل مراقبون فيما إذا كان قرار الانسحاب نابعًا من تطلعات لتحقيق السيادة الوطنية، أم أنه منح هدية مجانية للجماعات الإرهابية لتوسيع نفوذها دون أي قيود؟

وبينما يشير الواقع على الأرض إلى أن الفراغ الأمني الناتج عن القطيعة يُعيد تشكيل الحدود كمساحات قابلة للاستغلال من قبل الإرهابيين، فإن الدول نفسها تبدو عاجزة عن تقديم رد جماعي فعال.