عاجل
الإثنين 29 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

لتعويض "خسارة أوكرانيا".. واشنطن تزاحم الصين على "كعكة" معادن الكونغو

نيوز 24

تحولت منطقة شرق الكونغو الديمقراطية إلى بؤرة للفوضى الأمنية وتنافس الشركات الغربية والصينية على ترسيخ موطئ قدم بها، بعدما تخلت واشنطن عن الاستثمار بهذا البلد لسنوات.

لكنها تحاول اليوم اللحاق بكعكة الموارد المعدنية النادرة؛ لتعوّض الشركات الأمريكية جزءًا من خسارتها في أوكرانيا.  

الوضع الهش فسح المجال أمام الدول المجاورة أيضًا للانخراط في صراع السيطرة على البلاد.

فقد عدّ الاستيلاء على مدينة أوفيرا انتصارًا بالغ الأهمية لكيغالي، التي تُقدّر الأمم المتحدة عدد قواتها المنتشرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية بين 6000 و8000 جندي، ولحليفتها نظرًا لأهمية المدينة الاستراتيجية.

وأوفيرا نقطة استراتيجية رئيسة بين البحيرة والجبال، وهي آخر طريق متبقٍ إلى بوروندي، حليفة كينشاسا. وقد نشرت بوجومبورا ما يصل إلى 18000 جندي لدى جارتها بموجب اتفاقية تعاون عسكري وُقّعت عام 2023.

وشكّلت هذه القوة العمود الفقري للدفاع عن شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، مُقدّمةً دعمًا أساسيًا للقوات المسلحة التي تُعرف بنقص تجهيزاتها وانعدام انضباطها.

وبالنسبة للجيش الكونغولي، فإن خسارة أوفيرا تعني أيضًا عدم القدرة على استخدام مطار بوجومبورا، الذي كان بمثابة مركز لوجستي لنقل المعدات والتعزيزات والذخيرة إلى الوحدات المتمركزة في شرق البلاد.

وعلى مدى أشهر، ظل الرئيس البوروندي إيفاريست ندايشيميي يحذر مرددًا تحذيرات الأمم المتحدة، من خطر امتداد الصراع إلى منطقة البحيرات العظمى بأكملها، متهمًا جارته الرواندية بـ"شن هجمات ".

وردت كيغالي بالتأكيد على أن بوروندي وجمهورية الكونغو الديمقراطية تنتهكان الاتفاقيات.

في حين تنفي الحكومة الرواندية أي تدخل في جمهورية الكونغو الديمقراطية، إلا أنها لا تحاول إخفاء وجودها، فوحداتها بزيها العسكري منتشرة ومدعومة بطائرات مسيرة وقذائف هاون، وهي موارد لا تمتلكها حركة إم 23.

وبالنسبة للقوى الغربية الكبرى المتنافسة على الكونغو، تسارع لإيجاد موطئ قدم لها على غرار الشركات الأمريكية التي تجنبت سابقًا جمهورية الكونغو الديمقراطية، وذلك بالدرجة الأولى بسبب انعدام الأمن والفساد المستشريين في البلاد.

وسرعان ما سدّت الشركات الصينية هذا الفراغ، وسيطرت على الموارد المعدنية الكونغولية، واليوم، تسعى الولايات المتحدة إلى عكس هذا التوجه.

وتستعد شركة "كوبولد ميتالز" الأمريكية للاستثمار في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أبدت اهتمامها بأحد أكبر رواسب الليثيوم المكتشفة على الإطلاق، والموجودة تحت طبقة من الجرانيت، وفقًا لما ذكرته مجلة "الإيكونوميست" البريطانية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية.

ولا يبدو أن الصراع الدامي الذي يشهده شرق البلاد بين الجيش النظامي ومتمردي حركة إم 23 يُقلق رئيسها التنفيذي، جوش غولدمان، بشكل خاص، إذ يعتبرها "أعظم كنز معدني في العالم".

جمهورية الكونغو الديمقراطية غنية بالموارد المعدنية الاستراتيجية، من الكوبالت والليثيوم والنحاس وهي "مواد نادرة وأساسية لا غنى عنها"، كما أوضحت مجلة "جيوكونفلوينس".

وتُعدّ هذه الموارد من بين ستين معدنًا أمريكيًا أساسية لتطوير التقنيات المتطورة، والتي تحتكرها الصين حاليًا بشكل رئيس. 

ولمواجهة هذا الاعتماد الاستراتيجي، يتبنى الرئيس دونالد ترامب العديد من المبادرات، مثل اتفاقية التعدين الموقعة مع أوكرانيا في ربيع عام 2025.

وبموجب هذه الاتفاقية، ستحصل كييف على حصة من العائدات المستقبلية المُستمدة من موارد البلاد الطبيعية، مقابل مساعدات عسكرية في حربها ضد روسيا.

بينما تتعثر الاستثمارات الأمريكية في أوكرانيا، تشهد جمهورية الكونغو الديمقراطية عودة الاهتمام الغربي بها. ففي أغسطس 2025، أصبحت شركة "كوبولد ميتالز" أول شركة أمريكية تحصل على ترخيص تنقيب في المنطقة منذ عشر سنوات.

وفي مطلع ديسمبر، أعلنت شركة ميركوريا السويسرية عن شراكة تُقدّر قيمتها بمليار دولار مع شركة جيكامين، وهي شركة تعدين كونغولية مملوكة للدولة.

غير أن حالة عدم الاستقرار السياسي والصراع المسلح بين حركة إم 23 والحكومة في شرق البلاد تجعل هذه المشاريع محفوفة بالمخاطر، كما يشكل الفساد عائقًا رئيسًا.

فقد اعترفت شركة غلينكور، وهي شركة أنجلو-سويسرية، أكبر مستثمر غربي في البلاد ومتخصصة في استخراج المواد الخام، بدفع رشى بين عامي 2007 و2018، ما أدى إلى غرامات تجاوزت 850 مليون يورو.

ويعتقد العديد من المستثمرين أنه من المستحيل الحصول على التراخيص دون دفع رشى غير قانونية.

في هذا السياق، أبرم ترامب اتفاقيات واشنطن في يونيو، وهي معاهدة سلام بين جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا، التي اتُهمت بدعم حركة 23 مارس المتمردة في النزاع.

وبذلك، تعهدت الولايات المتحدة بالحفاظ على السلام في المنطقة، مقابل تسهيل وصول الشركات الأمريكية إلى مواردها المعدنية.