خطة "داعش" لتجنيد أبناء "برهامي".. "التنظيم الإرهابي" يستغل غضب "التيار السلفي" في استقطاب أعضائه إلى التنظيم

هزيمة "النور" في الانتخابات البرلمانية بداية الكارثة
"إبراهيم": إقصاء الإسلاميين يدفعهم للعودة للعمل تحت الأرض.. وتبنّي الخطاب الديني المُتشدّد
"عمّار": "النور" فشل في الدفاع عن المبادئ التي يؤمن بها.. وقدّم الكثير من التنازلات
تعد الهزيمة الساحقة التى لحقت بحزب النور السلفى فى الانتخابات البرلمانية الأخيرة، بداية لانهيار الحزب نهائيًا خاصة بعد تقدم الكثير من أعضائه باستقالاتهم، وكانت هزيمة النور وقياداته فى معاقل السلفيين، ضربة قاضية تم توجيهها للتيار السلفى، الذى كان يحلم بالحصول على الأغلبية البرلمانية، وتشكيل الحكومة.
وحسب محللين، فقد أكدوا أن نهاية السلفيين اقتربت، مشيرين أيضًا إلى أن حالة الإحباط التى يعيشها شباب الدعوة السلفية، قد تجعلهم لقمة سائغة للجماعات المتطرفة، وخاصة تنظيم "داعش" الذى يعمل على تجنيد الإسلاميين، وهو ما حدث من قبل مع حركة "حازمون" التابعة للشيخ حازم صلاح أبوإسماعيل، عقب القبض عليه بعد أحداث رابعة، حيث انضم عدد من أعضاء الحركة إلى "داعش".
وكانت النتيجة السلبية التى حصدها النور فى الانتخابات، والهجوم الذى تعرض له النور، دفع الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية، إلى توجّيه رسالة إلى أبناء التيار السلفى بعد الهزيمة الثقيلة، طالبهم فيها بالعودة لمُخاطبة الناس والاختلاط بهم عبر المساجد والمجالس المختلفة ونسيان هزيمتهم فى الانتخابات البرلمانية.
وأضاف برهامى فى الرسالة التى نشرها الموقع الرسمى للدعوة السلفية: "أقول لشبابنا ورجالنا ونسائنا فى كل مكان، بذلتم كل ما فى وسعكم، أدعو الله أن يجعله خالصًا لوجهه، خذلكم مَن خذلكم، وخالفكم مَن خالفكم، وشمت بكم مَن شمت، وكل ذلك لا يضركم، فاختلطوا بالناس، وادعوهم إلى الله، وتحملوا الأذى فى سبيل الله، واحرصوا على وحدة بلدكم ومصلحته، وحافظوا على كل سبب يؤدى إلى عصمة دماء الناس".
أما مساعد رئيس حزب النور نادر بكار، والمقيم فى أمريكا حاليًا، فأرجع خسارة الحزب إلى العديد من الأسباب الدولة -حسب قوله- أن الدولة ورجالها ومن يُخططون للرئيس مُصرّون على تكرار نسخة الستينيات غير مُقتنعين، أن العجلة التى دارت للأمام لا ترجع أبدًا للخلف وأن ما لم ينفع "مبارك" لن ينفع غيره، مؤكدًا أن صناعة الأعداء كانت فنَا أتقنه.

الانشقاقات بداية النهاية
بدأت أولى خطوات انهيار الحزب على أيدى أبنائه فى 2012، وذلك عندما قام عماد عبدالغفور، وكيل مؤسسى حزب النور، بالاستقالة وقيامه بتأسيس حزب الوطن، حيث تبعت هذه الاستقالة الكثير من الاستقالات لقيادات كبيرة فى الحزب، تمتلك القدرة على الحشد وهو ما أدى لتفتت التيار السلفى وعدم قدرته على الحشد بنفس القوة التى كان عليها فى 2012.

ابتعاد نجوم السلفية
وفقد "النور" دعم كبار نجوم الدعوة السلفية ذوى الجماهيرية الواسعة مثل: محمد حسان، ومصطفى العدوى، ومسعد أنور، ومحمود المصرى؛ مما أفقد الحزب ميزة كبرى كان يتمتع بها فى 2012، حيث إن كلمة واحدة من هؤلاء المشايخ كانت كفيلة بحشد الأنصار لحزب النور فى مختلف المحافظات دون دعاية.

القواعد الشبابية
بعد انحياز الحزب لثورة 30 يونيو، وخروجه من "المولد بلا حمص"، كما يقول المثل الشعبى، أعرضت عنه قواعده الشعبية التى تميل أيديولوجيًا لجماعة الإخوان، ولفظته القوى المدنية التى ترى فيه امتدادًا مستترًا لفكر جماعة الإخوان، وأنه ينتظر الفرصة المُلائمة للانقضاض على الدولة المدنية.

حزب بالصدفة
فى هذا الشأن يقول الدكتور حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: "إن حزب النور يمثل انتهازية سياسية، حيث اعتقد أنه سوف يتصدّر التيار الإسلامى بسقوط الإخوان المسلمين، واعتمد فى ذلك على أنه حصل فى الانتخابات البرلمانية لعام 2012 على 22 % من المقاعد، لذا ساهم فى إزاحة جماعة الإخوان المسلمين، مُتخيلاً أنه سيُضيف مقاعد الإخوان إلى حصالته الانتخابية فى 2015، وبالتالى يكون هو الحزب الأكثر تمثيلًا فى البرلمان".
وأشار "نافعة" إلى أن حزب النور لم يضع فى اعتباره أنه نشأ كحزب فى ظل ظروف استثنائية إبان ثورة 25 يناير، ولم يكن له أى علاقة بالسياسة بعكس جماعة الإخوان المسلمين التى اكتسبت خبرات مُتنوعة فى العمل السياسى من خلال مُمارستها للعمل السياسى منذ ما يقرب من قرن.
وتوقع "نافعة" أن يختفى حزب النور فجأة كما ظهر فجأة؛ لأن قواعده انصرفت عنه، وأصبح أمام شباب التيار الإسلامى "ألعوبة" فى يد الأجهزة الأمنية، ولا يوجد له برنامج سياسى واضح.
وقالت مارجريت عازر، عضو مجلس النواب عن قائمة فى حب مصر: "إن حزب النور باستخدامه لمبدأ التـقية فقد الكثير، فهو يُظهر ما يُخالف مُعتقداته وأيديولوجياته من أجل تحقيق أهدافه، فشعر المواطن العادى أن حزب النور أخطر على الوطن من الإخوان، وبالتالى انصرفوا عنه، ومن ناحية أخرى فإن قواعده التى ترتبط بالمرجعية الدينية شعرت بتضارب فى الفتاوى التى تصدر من الدعوة السلفية، وهى المرجعية الدينية لحزب النور، وأنها تستخدم لا للتقرب إلى الله واتباع الطريق الصحيح إنما بهدف تحقيق مكاسب سياسية فانصرفت أيضًا قواعده عنه".
وأشارت "عازر" إلى أن قواعد السلفية لا تتأثر بإعلام الليبراليين، حيث يرون فى الليبرالية كفرًا، فمن ثم لا يسمعون له من الأساس، لذا لا يحق للجبهة السلفية أن تعلق فشلها على شماعة الإعلام وينبغى أن تبحث عن السبب الحقيقى فى فشلها وهو انصراف قواعدها عنها بسبب التضارب فى الفتاوى والتلاعب بالدين فمرة يقولون إن انتخاب الأقباط "حرام" وتارة أخرى يرشحون الأقباط على قوائمهم.
وقال عمار على حسن، الباحث فى شئون الحركات الإسلامية، إن صبغة الإخوان السياسية "بهتت" على حزب النور، فظل الحزب يُحاول أن يقول للشعب وللقوى المدنية: نحن لسنا مثل الإخوان، وتقول القوى المدنية: أنتم مثل الإخوان، فيقدّم حزب النور تنازلات تفقده قواعده، وفى نفس الوقت لم تُرض هذه التنازلات القوى المدنية أو تجعلها تعتقد أن حزب النور "حزب وطنى"، فمن ثم فإن المشكلة الحقيقية لحزب النور تتمثل فى أنه لم يدافع عن المبادئ التى يؤمن بها.
من جانبه قال ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة السلفية: إن التشكيك فى وطنيتنا يأتى فى إطار حرب نفسية رخيصة ضد الحزب فى محاولة لـ"اغتيال معنوى" لا مُبرر له، فقد شاركنا فى كل المواقف الوطنية منذ ثورة 30 يونيو، وإلى الآن فلم نصطدم بالدولة ولم نمارس عنفًا ووافقنا على خارطة الطريق وشاركنا فى كل الاستحقاقات الانتخابية وساهمنا فى خروج دستور توافقى.
وأشار "برهامى" إلى أن الإعلام بما فيه الحكومى، تعمّد تشويه الحزب والقول بأن قواعد الحزب السلفية لا تتأثر بكلام الإعلام، وهذا قول مغلوط لأننا فى الانتخابات لا نعتمد على قواعدنا فقط بل نحاول نحن وأى تيار سياسى آخر استقطاب أكبر قدر من الأصوات.
وأضاف "برهامى" أن التيار المدنى يريد الحرية للجميع ما عدا الإسلاميين، فإذا جاءت الانتخابات بالإسلاميين تراهم يرفضون اختيار الشعب ويقومون بـ"شيطنة النور".
فيما قال خبير الجماعات الإسلامية، الدكتور ناجح إبراهيم: إن إقصاء التيارات الإسلامية بالكامل يجعلها ترجع للعودة للعمل تحت الأرض وتتبنى الخطاب التكفيرى، أما انخراطها فى السياسة والمجتمع سوف يجعلها تصلح من نفسها بنفسها وتضعها دائمًا تحت المجهر.
وحذَّر إبراهيم من إقصاء تيار الإسلام السياسى وشيطنته وإشعار أعضائه بأنهم أعداء للمجتمع وبث الأكاذيب والافتراءات عنه، مشيرًا إلى أن هذه الأفعال ستؤدى إلى شعورهم بعُزلة لا شعورية وتنمية طاقة سلبية ضد المجتمع الرافض لهم، ومن ثم ماذا سوف ننتظر منهم بعد أن نغلق أمامهم باب الحياة الدعوية والسياسية والاجتماعية؟.
وتساءل إبراهيم: ماذا سيضر الدولة فى حالة وجود 50 عضوًا من حزب النور فى البرلمان؟.. وماذا سيفعلون أمام 500 نائب؟.
وأشار إبراهيم، إلى أن الحملة الإعلامية غير المسبوقة التى شُنّت على حزب النور غير صادقة، فقالوا إن النور هو داعش، فيشاء الله عز وجل أن يُقتل ممثل حزب النور فى العريش على يد "داعش"، وتعمّدت الصحف المصرية ترك الأحداث الجسيمة من أجل وضع مانشيت "الفضيحة الجنسية لحزب النور" وكأن باقى الأحزاب ليست لديها فضائح من هذا النوع، والغريب أن هذه الحملة شملت كل وسائل الإعلام بما فيها الحكومية والخاصة واليسارية والليبرالية، وشهدت تضاربًا حادًا وغير منطقى، حيث تحوّل النور من حزب له دور وطنى فى 30 يونيو إلى حزب عميل وخائن، وكل ما سبق يؤدى إلى رسالة واحدة لتيار الإسلام السياسى "لا نريدكم أيًا كانت مواقفكم".
وهاجم إبراهيم أصحاب شعار البلد فى مرحلة فارقة، قائلاً: "هل يعنى هذا أن يكون البرلمان بلا مُعارضة؟.. ولماذا هذه المصاريف التى أُنفقت على الانتخابات والبلاد فى أمس الحاجة إليها ودور النواب الرئيسى التشريع ومُراقبة الحكومة وهما ليسا فى أولويات النواب الحاليين؟!".
وأكد إبراهيم أن أسوأ برلمان فى العالم هو البرلمان الذى توجد به أغلبية 90% حيث إنه يُعبر عن تيار واحد والكل سوف يكون موافقًا، دون نقد بنّاء أو إظهار السلبيات، ويأتى بعده فى تصنيف البرلمانات الأسوأ، البرلمان الذى تكون فيه الأغلبية أقل من 50% لأن هذا يعنى إصابة الحكومة والبلاد بالشلل، أما البرلمان الأفضل وهو الذى يُوجد به تنوع وتكون فيه الأغلبية 65% والمُعارضة 35% ودائمًا ما تكون الأغلبية تعمل باجتهاد؛ لأنها تعلم أن المُعارضة سوف تفضح أى تجاوزات.