عاجل
السبت 15 نوفمبر 2025
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

فؤاد سراج الدين.. "آخر الباشوات في مصر"

فؤاد سراج الدين
فؤاد سراج الدين

اختفى من الحياة الحزبية والسياسية في مصر إلى حد كبير "زمن الباشوات" برحيل "فؤاد باشا سراج الدين" زعيم حزب الوفد المعارض الذي وافته المنية في بداية الألفية الثانية.

وقضى "سراج الدين" حياته في النضال السياسي في كفاح الاستعمار البريطاني والملك في الأربعينات إلى معاداة رجال الثورة في الخمسينات ثم التصدي للعولمة في أواخر حياته.

كانت أسرته واحدة من ملاك الأراضي الزراعية في بيلا بمحافظة كفر الشيخ لذا فقد تلقى تعليما متميزا تخرج على إثره عام 1930 في كلية الحقوق وعمل بعض الوقت في مكتب النائب العام قبل أن يتفرغ لإدارة شئون عائلته.

كان فؤاد سراج الدين هو الامتداد الطبيعي لنبيل السياسة الأعظم مصطفى باشا النحاس، الجيل الثاني من وفديي مصر، فصار "الوفد" دين المصريين غير المنزّل في الاستقلال والكرامة والنزاهة، بل وأصبح الوثبة المبهرة في تاريخهم نحو التحرر والفدائية والبناء.

في تلك السنوات تابع فؤاد سراج الدين معارك النحاس باشا عن قرب، وتعلّم ثباته وصلابته وايمانه الراسخ بأنه لا بديل سوى الديمقراطية، ولا حلم مقدماً على الاستقلال، ولا عمل سياسي بدون شرف ونزاهة ، شارك الشاب الطموح في كافة المؤتمرات السياسية، وبرع في الخطابة، وأظهر نشاطا واضحا جعله مهيئا للصعود الصاروخي داخل حزب الشعب الجماهيري.

لم يكن فؤاد سراج الدين مجرد نائبا مجتهدا، أو عضو نشط وإنما كان كتلة من المواهب دفعته نحو الصفوف الأولى في حزب الوفد وأهلته حتى وكلت إليه مهام وزارة الزراعة في مارس 1942 ولم يكن عمره وقتها يتجاوز 32 سنة ، ولم تمض شهور قليلة حتى أضيفت له وزارة الشئون الاجتماعية، ثم الداخلية، ولما عاد الوفد مرة أخرى للحكم بعد 7 سنوات عام 1949 أختير فؤاد سراج الدين وزيرا للمواصلات، ثم أختير في حكومة الوفد الأخيرة عام 1950 وزيرا للداخلية بالإضافة إلى وزارة المالية حتى أصبح سراج الدين من أكبر الساسة المصريين الذين أثروا الحياة السياسية.

وفي تعاملاته اليومية مع رجال الحزب والسياسيين من كافة التوجهات كان سراج الدين يبدو "باشا" قادماً من عصر الملكية، فقد كان يصر كل المتعاملين معه على مناداته باللقب وكان هو حريصاً على الالتزام ببروتوكول الباشوات في حياته اليومية، فسيجاره الفاخر لم يفارقه طوال حياته ولم يغفل استخدام "المنشة" التي كان يستخدمها الباشوات في عصر ما قبل الثورة للتأكيد على سلالته العريقة وإظهار الوجاهة الاجتماعية، كما حرص على الإقامة في قصر منيف بإحدى ضواحي القاهرة الراقية ولم يغير "الحشم والخدم" الجدد السلوك الذين توارثوه عن أجدادهم في تلك المهنة.


ويمتلك الباشا فؤاد سراج الدين تاريخاً نضالياً طويلاً، فرافق في طفولته زعيم الوفد المصري مصطفى باشا النحاس وشارك معه في تمزيق معاهدة 1936 في الاسكندرية عندما أعلن النحاس باشا أنها دون الطموحات المصرية في تحقيق جلاء الاستعمار البريطاني التام عن مصر، وكان سراج الدين من أخلص الوفديين وأكثرهم ولاء لمؤسس الحزب سعد باشا زغلول.

وفي الثلاثينات والأربعينات من القرن الماضي خاض سراج الدين معارك سياسية طاحنة ضد قوات الاحتلال البريطاني والقصر الملكي، مما جعله يتبوأ مكانة كبيرة في قلوب المصريين، فكان أصغر نائب في مجلس النواب عن محافظة كفر الشيخ القريبة من القاهرة حيث موطن عائلته في منطقة "كفر الجرايدة"، وكان عضواً في مجلس النواب منذ عام 1936 إلى 1942 ثم مجلس الشيوخ في 1946 وكان زعيماً للأغلبية الوفدية بمجلس الشيوخ قبل ثورة يوليو 1952 وصدرت ضده أحكام بالسجن عقب الثورة لمدة 15 عاماً أمضى منها 3 سنوات ثم بعد ذلك وضعه مجلس قيادة الثورة تحت الحراسة بحجة انه يمثل "العهد السابق".