عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الادارة
رجب رزق
رئيس التحرير
سامي خليفة
الرئيسية القائمة البحث

فضل قراءة سورة البقرة

نيوز 24

سورة البقرة سورةٌ مدنيَّةٌ، نزلت في مُدَدٍ مُتفرّقةٍ، وهي أول سورةٍ نزلت في المدينة المُنوّرة في ما عدا قول الله تعالى: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ۖ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)،[١] فهي آخر آيةٍ نزلت من السّماء في حجّة الوداع، وكذلك آيات الرّبا، ومِن السَّلف مَن لقبَّها بفُسطاط القرآن؛ لعظمتها ومكانتها وكثرة ما فيها من أحكامٍ ومواعظ،[٢] وهي من أطول سور القرآن الكريم؛ حيث يبلغ عدد آياتها مئتان وستٌّ وثمانون آيةً، وفيها أطول آية في القرآن الكريم وهي الآية المعروفة بآية الدَّين، قول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ)،[٣] وهي السّورة الثّانية في ترتيب المُصحف الشّريف، ويرجع سبب تسميتها إلى ورود قصّة البقرة فيها؛ حيث أتت السّورة على ذكر قتيلٍ قُتِل من قوم موسى عليه السّلام، فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرةً ليعرفوا من قاتلها، لكنَّهم تجادلوا مع موسى -عليه السّلام- وأخذوا يسألوه عن تفصيلات مُتعلّقةٍ بالبقرة وصفاتها رغم أنَّ الله تعالى لم يشترط عليهم صفاتٍ مُحدَّدةٍ، حتى ذبحوها آخراً.[٤]

فضل سورة البقرة
إنَّ لسورة البقرة فضلاً كبيراً أثبتته الأحاديث النبويّة الشّريفة الواردةُ فيها، وكما في الأحاديث والآثار التي جاءت تتحدّث عن فضائل السّور، فإنَّ كثيراً من هذه الأحاديث والآثار ثبت أنَّها موضوعة؛ أي مَكذوبة على رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- أو الصّحابة -رضوان الله عليهم-، ومن الممكن ذكر بعض ممَّا صحَّ عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- في فضل سورة البقرة:[٥]

إنَّ قراءة سورة البقرة تطردُ الشّياطين؛ فالشّياطين تنفر من البيت الذي تُقرأ فيه سورة البقرة، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنَّ رسول الله عليه الصّلاة والسّلام قال: (لاَ تَجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ مَقَابِرَ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِى تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ).[٦]

إنَّ في قراءة سورة البقرة حفظٌ من الشّرور ووقايةٌ من السَّحرة وسحرهم كما أنّ في قراءتها بركةٌ تعمُّ من قرأها، ومِصداق ذلك ما رُوي في صحيح مسلم عن أبي أُمامة الباهليّ -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (اقْرَؤُوا القُرْآنَ فإنَّه يَأْتي يَومَ القِيامَةِ شَفِيعًا لأَصْحابِهِ، اقْرَؤُوا الزَّهْراوَيْنِ البَقَرَةَ، وسُورَةَ آلِ عِمْرانَ، فإنَّهُما تَأْتِيانِ يَومَ القِيامَةِ كَأنَّهُما غَمامَتانِ، أوْ كَأنَّهُما غَيايَتانِ، أوْ كَأنَّهُما فِرْقانِ مِن طَيْرٍ صَوافَّ، تُحاجَّانِ عن أصْحابِهِما، اقْرَؤُوا سُورَةَ البَقَرَةِ، فإنَّ أخْذَها بَرَكَةٌ، وتَرْكَها حَسْرَةٌ، ولا تَسْتَطِيعُها البَطَلَةُ)،[٧] والمقصود بالغيايتين غيمتان تظلَّان قارئ البقرة، كناية عن حفظه وحمايته، وفرقان أي جماعتان، والبطلة هم السَّحرة.

إنَّ لحافظ القرآن بوجهٍ عامٍّ ولحافظ البقرة بوجهٍ خاصٍّ أفضليَّةً وميزةً عن غيره، وممَّا يدلِّل على ذلك ما حدث زمن رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- فقد رُوي أبو هريرة -رضي الله عنه- أنَّه قال: (بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعثًا، وهم ذو عَددٍ، فاستقرأهم، فاستقرأ كلُّ رجلٍ منهم ما معه من القرآنِ، فأتى على رجلٍ منهم - من أَحدثِهم سِنًّا - فقال: ما معك يا فلانُ؟! قال: معي كذا وكذا، وسورةُ البقرةِ، قال: أمعك سورةَ البقرةِ؟!، فقال: نعم، قال: فاذهبْ، فأنت أميرُهم، فقال رجلٌ من أشرافهم: واللهِ يا رسولَ اللهِ! ما منعني أن أتعلَّمَ سورةَ البقرةِ، إلا خشيةَ ألا أقومَ بها؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: تعلَّموا القرآنَ، واقرءُوه، فإنَّ مثلَ القرآنِ لمن تعلَّمه، فقرأه وقام به، كمثلِ جرابٍ مَحشُوٍّ مسكًا، يفوحُ ريحُه في كلِّ مكانٍ، ومثلُ من تعلَّمَه، فيرقدُ، وهو في جوفِه، كمثلِ جرابٍ وُكِئَ على مِسكٍ).[٨] فقد اختار النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- من يحفظ سورة البقرة أميراً على الجماعة من الصّحابة الذين بعثهم رغم أنَّه أصغرهم سنَّاً، لكنَّه أفضلهم بحفظه لسورة البقرة.

فضل آياتٍ من سورة البقرة

خُصَّت آيات محدَّدةٌ من سورة البقرة بالفضل عن غيرها من آيات، وقد ورد في شأن فضلها أحاديث، ومن ذلك: فضل آية الكرسي إنَّ لآية الكرسي فضلاً عظيماً بيَّنته بعض الأحاديث الشَّريفة، وهي الآية مئتان وخمسٌ وخمسون من سورة البقرة، في قول الله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۗ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِندَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ۚ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ۖ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ ۚ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ۖ وَلَا يَؤدُهُ حِفْظُهُمَا ۚ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ)،[٩]

وممَّا ورد في فضلها ما يأتي:[١٠] إنَّها أعظم آيةٍ في كتاب الله تعالى، فقد أورد مسلم في صحيحه ما رواه أُبيّ بن كعب -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِى أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَىُّ الْقَيُّومُ، قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ).[١١] إنَّ في قراءة آية الكرسي قبل النَّوم حفظٌ وعصمةٌ من الشّيطان، كما جاء في صحيح البخاريّ: (إذا أَوَيتَ إلى فراشِك، فاقرأ آيةَ الكرسيِّ: (اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ) حتى تختم الآيةَ، فإنك لن يزال عليك من الله حافظٌ، ولا يقربُك شيطانٌ حتى تصبحَ)،[١٢] فمن قرأ آية الكرسي قبل النَّوم كان في حفظ الله تعالى من الشّيطان حتى يستيقظ. إنَّ المداومة على قراءة آية الكرسي عَقِبَ كلِّ صلاة مفروضةٍ سببٌ في دخول الجنة، كما روى أبو أُمامة الباهليّ -رضي الله عنه- عن النبيّ -عليه الصّلاة والسّلام- أنَّه قال: (مَن قرَأ آيةَ الكُرسيِّ دُبُرَ كلِّ صلاةٍ مكتوبةٍ لَمْ يمنَعْه مِن دخولِ الجنَّةِ إلَّا أنْ يموتَ).[١٣]

فضل آخر آيتين من سورة البقرة

ثبت فضل الآيتين الأخيرتين من سورة البقرة عن النّبي -عليه الصّلاة والسّلام-؛ فأورد البخاريّ في صحيحه ما رواه أبو مسعود -رضي الله عنه-، أنَّ رسول الله -عليه الصّلاة والسّلام- قال: (مَنْ قَرَأَ بِالْآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ البَقَرَةِ فِي لَيْلَةٍ كَفَتَاهُ)،[١٤] والمقصود بأنَّ قراءة الآيتان تكفيان من يقرأهما؛ أي تكفياه من كلِّ سوء، وقيل تكفياه من شرّ الشّيطان، وقيل تكفياه من قيام اللّيل فكأنَّه قامه.[١٥]