فيلم حميدو.. الواقعية التسجيلية من قلب عروس البحر المتوسط

الأحد 10/مارس/2024 - 07:05 م

بعد سلسله من الاعمال الاجتماعية التى قدمها المخرج نيازى مصطفى والذى نقل من خلالها واقع الشارع المصري من قلب القاهرة وظهر ذلك فى عدة أعمال منها فيلم سلامة فى خير وسى عمر وايضا الريف المصري بفيلم الدكتور والاجواء الاستعراضية بفيلم شارع محمد على والبدوية بفيلم عنتر وعبله ورابحه وراوية وسلطانه الصحراء وليلى العامرية وسر الأميرة ووهيبة ملكة الغجر ، يقدم "نيازى" صور واقعية حقيقة من قلب أبو قير بمحافظة الاسكندرية يرصد من خلالها عوالم تجارة الممنوعات عبر البحر بفيلم "حميدو" والذى استكملها ايضا بصورة أخرى بفيلم رصيف نمرة خمسة وكان بطل هذان الفيلمان الفنان القدير "فريد شوقى".

ففى فيلم حميدو لعب الفنان فريد شوقى دور صياد يعمل على أحدى البلانصات لصيد وبيع الاسماك ولتأثر نيازى بالاجواء البدوية جعل من الفنانة هدى سلطان بطلة العمل أن تقدم دور غجرية اسمها "سعدية" ، استطاع المخرج من خلال سيناريو العمل وبصورة احترافية من قبل مدير التصوير وحيد فريد أن يقدم صورة تسجيلية حية لبيئة الصيادين ومعايشة الاجواء منذ بداية المشاهد حتى نهايتها فلا يكاد مشهدًا يخلو من تصوير اشتغالهم ولهجتهم الاصيله وتقديم أناس حقيقة لا نشعر بالاجواء التمثيلية حتى أبطال الفيلم لا يمكن التفريق بينهم وبين سكانى هذه المنطقة

فقد تم تقديم مشاهد متتاليه من مراحل صيد الاسماك وفرزها والتعبئة والحرفية فى اختيار الممثلين وملابس الصيادين ومناظر الاماكن القاطنيين بها وهو أسلوب إخراجى مميز سبق فيها نيازى رواد الواقعية بأسلوبه المختلف والغير مقلد لأحد فى تأثير جمالي كبير، من حيث مشاهد البحر والمراكب، وكذلك مشاهد غروب الشمس، بالإضافة إلى الكادرات الواسعة للخمارة والمعارك اليدوية التي وقعت فى أكثر من مشهد وتوظيف الاغانى الجيد من قبل المطربة والفنانة هدى سلطان والتى أجادت تقديم دور الفتاه البدوية سؤاء من حيث المظهر أو الجوهر

أما عن شخصية حميدو نجد أنه قدم شخصين متناقضين شخصية متدين وملتزم بصلاته وشخصية لا يتفانى أو يندم فى الوقوع بالمحرمات من حيث فاحشة الزنا أو تجارة الممنوعات، وهنا نجد أن فريد شوقى أجاد بصورة كبيرة توصيف الحاله النفسية والاضطرابات المذبذبة للشخصية المتناقضة دون الوقوع فى فخ تبرير تصرفاته بل التفانى فى تقديم شخصية تعانى من الانفصام دون الشعور بخطورة ذلك أو الخجل منها لتلقى الشخصية النهاية الحتمية له.

كما ظهر المليجى بشخصيته التلقائية المعتادة والذى يقدم السهل الممتع فى كل أدواره فى دور الاكتع والذى كان يتلاعب بشكل دائم بملامح وجهه ويستطيع التحكم بها من أن لآخر بصورة مذهله وكأنها مباراه فنية بينه وبين حميدو فهم ثنائى لا يمكن تخيل عملا يخلو من وجودهما سويًا فهم بمثابة القط والفار تاره تتلاقى طريقهما وتاره أخرى نجد أختلاف وجهات نظرهم بشكل مثير وشيق ، كذلك بالنسبة للعنصر النسائي مع الفنانه تحية كاريوكا والتى شاركت فى البطولة النسائية فى النصف الأخر من الفيلم وتقاسمت الحب فى قلب حميدو وتنافست مع سعدية وفى الحقيقة دور تحية كان لا يختلف كثيرًا عن أدوارها فهى تقدم دور راقصة فى الخمارة مكان التقاء الاتفاقات حول تجارة الممنوعات تقدم الاغراء من أن لآخر ما بين الاكتع وحميدو وترى أن البقاء للأقوى منهم .

الفيلم ينتمى لسينما أفلام الحركة والواقعية والتسجيلية من قلب البيئة الاسكندرانية ، ممتع للمشاهدة سؤاء من حيث القصة أو التصوير أو التمثيل والذى يستهدف إيصال رساله الكاتب فى كيف يمكن للطموح الزائد أن يدمر صاحبه دوامه الاحلام واستخدام أساليب غير مشروعه حتما تكن النهاية محسومة لا جدال بها