ثغرة إندونيسية.. التنين الصيني يتسلل لرقائق "إنفيديا" متجاوزا قيود واشنطن
كشف تحقيق مستقل كيف استغلت شركة صينية شبكة شركات وشركاء خارجيين للحصول على وحدات معالجة متقدمة من نوع "بلاكويل" التابعة لشركة "إنفيديا" الأمريكية، ما أبرز هشاشة آليات الرقابة الأمريكية وأعاد فتح تساؤلات حول حدود فرض القيود التكنولوجية في عصر العولمة.
وبحسب التحقيق، عبرت الصفقة من وادي السيليكون إلى جاكرتا ثم إلى شنغهاي؛ حيث باعت "إنفيديا" رقائقها لأحد شركائها في الولايات المتحدة المرتبط بشركة صينية مدرجة سابقاً على قوائم الأمن القومي الأمريكية، ومن ثم تم توجيهها عبر مزود خدمة سحابية إندونيسي إلى شركة صينية ناشئة، ما منحها قدرة تشغيلية على شرائح كانت واشنطن تحاول حظرها عن بكين.
وأوضح الخبراء أن ما يميز هذه السلسلة من الصفقات ليس كسر القانون مباشرة، بل الاستفادة من ثغرات تنظيمية ونقاط تداخل بين شركات متعددة الجنسيات، حيث يحصل المشتري الإقليمي الإندونيسي على الخوادم وفق عقود محلية، ما يمكّن العميل الصيني من استخدام القوة الحاسوبية عن بعد دون امتلاك الرقائق مادياً.
وحدد التحقيق أربع محطات رئيسة في السلسلة: بائع الرقائق عبر شريك مرتبط جزئياً بشركة صينية محظورة، ثم المشتري الإندونيسي للخوادم، تليه الشركة الصينية المستفيدة عن بعد، وأخيراً الوجهة التشغيلية للخدمات مثل التطبيقات المالية والصحية. كل محطة تبدو مستقلة ومستوفية لشروط التصدير أو لا تخرقها صراحة، ما يوضح غياب آلية موحدة لواشنطن لتتبع الاستخدام النهائي بشكل قاطع في ظل شبكة شركات متشابكة.
وأشارت مصادر أمنية وقانونية إلى أن الشركات والمشغلين الدوليين يقومون حالياً "بدور الحارس" بدلاً من وجود رقابة حكومية مطلقة، حيث يعتمد الامتثال على التدقيق الداخلي وإجراءات الشركات، ما يترك فجوات في التحقق من العملاء ونواياهم. في المقابل، لا يشكل الاستخدام المدني للرقائق خرقاً واضحاً للقوانين الحالية.
ويرى محللون أن الصفقة تشكل إنذاراً لإعادة التفكير في أدوات الرقابة، خاصة أن قوانين التصدير المعتمدة على قوائم "الكيانات المحظورة" قد لا تكفي لحجب التكنولوجيا الحيوية عن أذرع التنمية المدنية التي يمكن تحويلها لاحقاً إلى استخدامات عسكرية عبر آليات «الاندماج المدني-العسكري».
ويحذر المراقبون من أن السيطرة على العتاد العسكري وحدها لا تكفي إذا بقيت سلاسل التوريد العالمية مرنة وقادرة على إعادة توجيه التكنولوجيا عبر قنوات قانونية معقدة، ما يستدعي تشديد الرقابة على الشركاء والوسطاء، وتعزيز الشفافية في عقود التوريد عبر الحدود، وتعاون دولي أوسع لضمان عدم تحويل التقنيات الحساسة إلى أدوات قوة لدى المنافسين الاستراتيجيين.