"بوليتيكو": ترامب يتجاهل "MAGA" ويستعد لتعميق التزام واشنطن تجاه السعودية
قالت "بوليتيكو" إن ترامب يقدم عرضا رفيعا للسعودية حتى مع قول بعض الشخصيات من حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى"، إن البيت الأبيض يركز على الشؤون الخارجية على حساب قضايا الداخل.
"بوليتيكو": ترامب يتجاهل "MAGA" ويستعد لتعميق التزام واشنطن تجاه السعودية
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب / AP
وعندما يصل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى البيت الأبيض يوم الثلاثاء، وتكون هذه أول زيارة من نوعها منذ 2018، وسوف يتم الاحتفاء به باعتباره أحد أقرب حلفاء الولايات المتحدة، ومن المتوقع أن يحقق انتصارات اقتصادية وأمنية وطنية كبيرة للمملكة.
ويدرس ترامب الذي سيستضيف الأمير محمد بن سلمان في عشاء فاخر، اتفاقية أمنية ثنائية تتعهد بالدفاع عن السعودية في حال وقوع أي هجوم، وفقا لشخص مطلع على الخطط، طلب عدم الكشف عن هويته لعدم تخويله بالحديث علنا.
وستكون هذه الاتفاقية الثانية من نوعها على غرار حلف شمال الأطلسي (الناتو) مع حليف خليجي، وتأتي في أعقاب الأمر التنفيذي الذي أصدره ترامب في سبتمبر والذي وعد فيه بالدفاع عن قطر.
ويعمّق ترامب العلاقات الأمريكية مع السعودية، رغم رفض ولي العهد أولويته الأولى: تطبيع المملكة علاقاتها مع إسرائيل، التي عرقلتها حرب غزة.
وفي الوقت الحالي، يمكن للرئيس الإشارة إلى الاستثمارات الجديدة التي يُتوقع أن يعلن عنها السعوديون، باعتبارها المكسب الرئيسي لهذه المناقشات، والتي تُضاف إلى التزامات بقيمة 600 مليار دولار قطعت في وقت سابق من هذا العام.
كما يرى ترامب أن السعودية ركيزة أساسية لطموحاته طويلة المدى في بناء سلام دائم وازدهار مُتنام، بما يفيد مصالح أغنى أثرياء الشرق الأوسط، بالإضافة إلى مصالحه الشخصية.
وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن الرئيس "كان واضحا" مع ولي العهد بشأن أهمية توقيع المملكة العربية السعودية في نهاية المطاف على اتفاقيات إبراهيم، وهي مبادرته التاريخية في ولايته الأولى التي تهدف إلى تحقيق الاستقرار في المنطقة من خلال تطبيع الدول للعلاقات مع إسرائيل، لكنه يدرك أن هذا ليس بالأمر الذي يمكنهم فعله الآن، مشيرا إلى أن "هذه علاقة مهمة في المنطقة، وهناك فوائد حقيقية لكلا الجانبين".
وقال مسؤول البيت الأبيض وأحد الأشخاص المطلعين على خطط الزيارة، إن تقارب ترامب مع بن سلمان حقيقي وأن الرجلين يتحدثان عبر الهاتف أسبوعيا.
ومن المرجح أيضا أن تتوصل السعودية التي ستستضيف مؤتمرا استثماريا في "مركز كينيدي" يوم الأربعاء، إلى اتفاق لاستيراد رقائق ذكاء اصطناعي أمريكية الصنع وربما إشارة دعم لبرنامجها النووي، وفقا لما ذكره المصدران.
وهناك أيضا تكهنات حول اتفاق يسمح للسعودية بشراء طائرات "إف-35"، أكثر الطائرات المقاتلة الأمريكية تطورا.
وفي حال نجاح الاتفاق، فقد يمنح ترامب نفوذا أكبر لإجبار الرياض على التطبيع مع إسرائيل والتخلي عن تعاونها الدفاعي مع الصين.
وكما فعل في ولايته الأولى، اختار ترامب الرياض كأول زيارة خارجية رئيسية له، في إشارة إلى توجه أمريكا بعيدا عن التحالفات القائمة على القيم الديمقراطية المشتركة، نحو نموذج تجاري صارخ من إبرام الصفقات الدولية، يُراعي المصالح العامة والخاصة.
وقد أثمر تركيز الرئيس على الخليج واهتمامه بالتعددية على الأقل في تلك المنطقة، في تأمين المرحلة الأولى من وقف إطلاق نار هش بين إسرائيل وحركة حماس.
واعتمد ترامب بشدة على قطر للمساعدة في تنسيق وتنفيذ اتفاق غزة، وعندما طالبت قطر بضمانات أمنية أمريكية في أعقاب الهجوم الصاروخي الإسرائيلي في 9 سبتمبر الذي استهدف مسؤولي حماس الذين كانوا في الدوحة لإجراء محادثات سلام، أصدر ترامب أمرا تنفيذيا تعهد فيه بالدفاع عن قطر إذا تعرضت لهجوم آخر.
وقد أثارت هذه السابقة الجديدة الشبيهة بحلف شمال الأطلسي التي أرساها ترامب في الشرق الأوسط دهشة في جميع أنحاء المنطقة.
ولا يزال ترامب يرى السعوديين لاعبين أساسيين في المنطقة، ويأمل ولي العهد في استغلال هذا النفوذ لتأمين اتفاقية دفاعية مماثلة لتلك المبرمة مع قطر، إلا أن القادة السعوديين يأملون أن يوقع الزعيمان هذه الاتفاقية بدلا من إصدار أمر تنفيذي مع أن أي اتفاق لم يصادق عليه الكونغرس يمكن للرئيس القادم إبطاله.
وكما هو الحال مع قطر والإمارات المحطتين الأخريين في أول زيارة خارجية لترامب، شكلت الاستثمارات ركيزة أساسية للعلاقة مع السعودية، ففي زيارته في مايو أعلن ترامب عن التزام سعودي باستثمارات بقيمة 600 مليار دولار، عقب مؤتمر حضره كبار رجال الأعمال الأمريكيين وبعض أغنى أثرياء المملكة.
والآن من المقرر عقد مؤتمر استثماري آخر في واشنطن، لكن الرغبة في جذب رؤوس أموال جديدة ليست حكرا على ترامب، إذ يسعى ولي العهد أيضا إلى جذب المستثمرين في المشاريع السعودية، سعيا منه إلى تقاسم العبء المالي مع القطاع الخاص في تحديث اقتصاد البلاد، مع تحوله من الاعتماد على النفط إلى قطاعات التكنولوجيا والعقارات والرعاية الصحية وغيرها.
ومن المتوقع أن يؤدي ظهور ترامب على مدى يومين مع محمد بن سلمان، الذي من المنتظر أن يشجع الرئيس الأمريكي على بذل جهوده في صنع السلام للتوصل إلى وقف إطلاق النار في السودان، إلى اختبار ولاء بعض أنصار حركة "لنجعل أمريكا عظيمة مرة أخرى" البارزين.